أجرى اللقاء في دمشق د.طالب الرماحي / مركز العراق الجديد للإعلام والدراسات ٤/٥/٢٠١٤ : لم يعد الصراع في الشام صراعا تقليديا ، حيث تحول من مطالب شعب لحريته وبناء دولة مدنية إلى صراخات مقرفة طائفية يرافقها أزيز الرصاص ودعوات لفناء الخصم أو تركيعه ، ولم يعد خاف على أحد أن ما يطلق عليها بالثورة في سوريا تحولت إلى مشروع أمريكي صهيوني لإضعاف شعوب المنطقة والقضاء على قدراتها البشرية والمادية لضمان مستقبل إسرائيل خلال القرون القادمة ، كما لا يخفى على العقلاء من أن هذا المشروع قد تكفلت بتمويله ماديا ولوجستيا دول عربية طائفية على رأسها السعودية وقطر ، والذي يثير الكثير من الحزن والأسف أن الإعلام العربي الصهيوني قد نجح في توريط الشعب السوري في هذه الكارثة الكبرى بعد أن صور له أن التغيير في سوريا لن يكون أسوء حالا مما حصل في ليبيا ، كما أن الأسد سوف يجد ما وجده القذافي خلال فترة وجيزة.
الثلاث السنوات الماضية بينت بوضوح أن السعودية وقطر قد وضفا دماء السوريين وخراب ديارهم لمصلحة إسرائيل وأهدافها ، وأن المؤشرات على الأرض تدل على أن الرابح الأكبر فيما يجري هو الكيان الصهيوني ، وأن الخاسر الأكبر هو الشعب السوري بكل فئاته .
هذه الأمور وغيرها تم طرحها على قائد لواء الإمام الحسين عليه السلام في الشام الشيخ المقاتل أمجد البهادلي خلال الحوار التالي :
م ع ج : سماحة الشيخ لماذا أنت هنا في الشام ، أما كان الأولى بك أن تدافع عن العراق ؟ وخاصة أن هوية من تقاتله في الشام وهوية من يقاتله العراقيون في المنطقة الغربية واحدة وأهدافهم متشابهه ؟
الشيخ البهادلي : بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى أهل بيته الأطهار .. أرحب بك أولاً وبكادر مركز العراق الجديد .. نعم هوية العدو واحدة ، لكن طبيعة المخاطر التي تواجه وجودنا واولويات الحفاظ على مقدساتنا تختلف ، فللعراق رجاله وهم قادرون على الدفاع عن الحق هناك ونحن واثقون من قدرتهم على النصر ، لكن ماحصل من تجاوزات طائفية وجرائم غير إنسانية في الشام كانت تستهدف بالدرجة الأولى إلغاء أي وجود لمذهب أهل البيت ، وما حصل من نبش لقبر الصحابي حجر بن عدي والاعتداء على قبر سكينة واستهداف مرقد السيدة زينب كانت رسائل واضحة من قبل المعارضة والتكفيرية منها كجبهة النصرة وأحرار الشام واشباههما ، من أن مقدساتنا ضمن الأهداف التي تسعى للنيل منها .. ولذا فإن الواجب الشرعي والإنساني دفعنا للتشرف في المشاركة في الحفاظ على تلك المقدسات ، وهذا لا يعني أننا غير راغبين في دفع الشرور عن أهلنا في العراق ، لكننا نعتقد أن جبهة الصراع مع الإرهاب الوهابي التكفيري أصبحت واسعة وتشمل العراق والشام وبلدان أخرى ، وهذا يعني أننا وإخوتنا في العراق نقاتل في جبهة واحدة .
م ع ج : دعنا نتوقف مع ماذكرت في أن الجبهة مع العدو أصبحت واسعة ، هل هذا يعني أن المعركة باتت طويلة الأمد ؟ ومن يمثل الجبهة الأخرى في نظركم؟
الشيخ البهادلي : علينا أن نسلم لحقيقة أن الصراع بين الحق والباطل سنة إلهية ولا يمكن تجنبها ، وهذه السنة تقترن بالفتن التي هي اساس كل صراع يحصل ، وأهل البيت عليهم السلام رسموا لنا منهجا للتعامل مع الفتن بالشكل الذي يضمن حقوقنا دون أن نظلم الآخرين ، وما يحصل اليوم في سوريا والعراق وفي أماكن أخرى جعلنا نؤمن أن العدو يطمح في أن يلغينا من خارطة العالم وعندما فشل في تحقيق أهدافه في أماكن محددة حاول أن يوسع من رقعة الصراع ، والواقع أثبت من جديد أنه كلما اتسعت الجبهة ازدات خيبته من خلال الانتصارات التي نحققها في كل يوم ، لكن إمكانات العدو الكبيرة ووسائل إعلامه التي برعت في تظليل شعوب المنطقة أطالت من عمر الصراع ، وقد يطول هذا الصراع إلى أن يأذن الله بخروج وليه المهدي عليه السلام ، ونحن مستعدون لكل الاحتمالات ، ونعتقد أنك لا تحتاج لكبير جهد من أجل أن تعرف الجبهة الأخرى ، وخاصة إذا ما عرفت من أن الذي يرعى الصراع في المنطقة العربية هي الصهيونية العالمية وأدواتها في المنطقة المتمثله بحكومات دول طائفية معروفه .
م ع ج : نحب أن يعرف القاريء شيئا عن لواء الإمام الحسين من حيث التشكيل والدعم وطبيعة المشاركة في العمليات القتالية .
الشيخ البهادلي : تشكل اللواء لأول مرة من المتطوعين العراقيين الذين تكفلوا بحماية مرقد السيدة زينب وباقي المراقد المقدسة في الشام وبالتنسيق مع مقاتلي حزب الله وتشكيلات عراقية أخرى ، ثم سمح بعد ذلك لإنظمام متطوعين سوريين ، وأحب أن أؤكد أن من بين المتطوعين سنة ومسيحيين ودروز ، وقد استشهد البعض منهم ، كالمسيحي ( ميشيل ) الذي يذكرنا بالشهيد ( جون ) الذي قاتل بين يدي الإمام الحسين عليه السلام . ويتألف اللواء من مجاميع قتالية تضم ١٠ مقاتلين لكل منها ، تنسق فيما بينها ومع الجيش السوري إذا تطلب الأمر . واللواء يرتبط إداريا ولوجستيا باللواء الرابع السوري محمول الذي يعمل ضمن دمشق وريفها . وهذا لا يعني عدم إمكانية المشاركة في قتال المجاميع الإرهابية في أماكن أخرى من سوريا ، بل مستعدون حتى مقاتلة العدو الصهيوني في الجولان .
م ع ج : سماحة الشيخ هل تتلقون دعما ماديا من دول معينة في المنطقة كأيران والعراق مثلاً؟
الشيخ البهادلي : لا أبداً لم نتلق أي دعم مادي من أي دولة ، ولا أكتمك سرا من أن الحكومة السورية قد وفرت لنا الدعم المادي واللوجستي ، لكننا نحضى باحترام وتقدير الكثير من الدول التي تتفهم طبيعة الصراع وتدرك جيدا الأهداف الطائفية من ورائه ، وأحب أن أؤكد عدم ارتباطي بأي جهة سياسية سواء في العراق أو سوريا ، فنحن مجاهدون عقائديون جئنا لننتصر لديننا ومذهبنا ودفع الشرور عن المظلومين ، وما كان صراعنا صراعا من أجل المال أو الجاه أو الدنيا .
م ع ج : ما دمت تتحدث عن عدم انتمائكم سياسيا ، فبماذا تفسرون وجود صور المرجع الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر وصور زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر في مكاتبكم ، ألا يدل ذلك على أنكم صدريون ؟
الشيخ البهادلي : أنا تربيت في مدرسة الشهيد محمد محمد صادق الصدر ، وأنا اعتز بهذه الشخصية الثائرة ، لأنه علمني الكثير ، وهذا ما يدفعني للتعلق به ، ولايعني ذلك أني تابع للتيار سياسيا مع كبير اعتزازي به وبقيادته . مع أن الأهداف التي نسعى لتحقيقها هي ممن يؤمن بها كل المخلصين ومنهم الصدريون . كما أن الشهيد الصدر هو ليس حكرا لفئة دون أخرى فهو ملك لكل الثائرين والمخلصين وفي وسع أي مقاتل يقارع الظلم ويدافع عن بيضة الإسلام أن يستلهم من الصدر شجاعته وأفكاره .
م ع ج : ماهي طبيعة علاقتكم بالمجموعات القتالية الأخرى ؟
الشيخ البهادلي : لنا علاقة طيبة مع الجميع ، وخاصة حزب الله اللبناني وعلاقتنا مع الأخوة المقاتلين العراقيين والأفغان متينة ، كالعصائب وسيد الشهداء وفيلق بدر والفاطمين .
م ع ج : هل لديكم نشاطات أخرى غير قتالية ؟
الشيخ البهادلي : نحن مقاتلون أولاً ، لكن نقوم بدور تأمين سلامة الزائرين ايضاً ، وأحب أن أعلن استعداد لواءالحسين لتأمين سلامة كل العراقيين وخاصة التجار منهم والذين يحبون أن يقيموا علاقات تجارية مع المؤسسات التجارية السورية ، كوزارة التجارة والإسكان والتعمير وغيرهما . كما أننا نحافظ على سلامة العراقيين والتدخل في بعض الأحيان لأسترداد حقوقهم في حالة تعرضهم لابتزاز البعض .
م ع ج : ما هو تقييمكم للصراع في سوريا وبعد مرور أكثر من ٣ سنوات على اشتعاله .
الشيخ البهادلي : الذي يراقب ما يحصل على الأرض من انتصارات للجيش السوري ، سوف يرى بوضوح أن الأمور تسير لصالح الحكومة السورية بنسبة ٨٠% ، وهذا ما نعتقده نحن ، وأن ما يطبل له الإعلام المضاد ليس له واقع على الأرض ، وأن الانتصارات الكبيرة للجيش أدخلت اليأس في قلوب المجاميع القتالية المعارضة ، وهذا الأمر قد مهد لعمليات تصالح متعددة بين الجيش وكثير من الجماعات المحاصرة وكما حصل مؤخرا في حلب وحمص ومعضمية الشام والقلمون ، وقد شجعت على ذلك أيضا سعة صدر الحكومة والسيد بشار الأسد ، حيث أعلنا عن الصفح لكل من يريد أن يعود لحضن الوطن ففي وسعه أن يعود لأهله ووطنه وأن يشارك في إعادة ما خربه الإرهابيون.
م ع ج : هل تتوقع أي حل سياسي لهذه المعضلة تخرج الشعب السوري من عجلة الموت الدائرة ، كعودة لقاءات جنيف ٢ التي لم تسفر عن شيء في جولتها الأخيرة؟
الشيخ البهادلي : نحن نعتقد أن مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وبعض الحكومات الأوربية وعلى رأسها فرنسا في إبقاء الصراع محتدما ، وهذه الدول لاتكترث لما يحصل من قتل ودمار في سوريا بقدر ما تهتم بتحقيق أهدافها الشيطانية في القضاء على أي قدرات عسكرية تحيط بالكيان الصهيوني ، علما أن الغرب والدول الطائفية العربية تدرك جيدا استحالة انهاء الصراع عسكريا ، للقدرات الكبيرة والتجربة لدى الجيش العربي السوري واصرار حلفاء سوريا على عدم تركها وحيدة ، وكلنا رأينا تفاهة المعارضة التي حضرت جنيف ٢ بلا برنامج سياسي واضح ولا تمتلك أي أوراق تفاوضية ، وكانت تعتمد في طروحها على يملى عليها من ممثل أمريكا وإسرائيل . وكان كل ما تمتلكه المعارضة هو إسقاط النظام وحسب ، والتمسك بضرورة البدء بتشكيل حكومة وطنية.
م ع ج : لكن تشكيل الحكومة هو من أبرز ما ورد في اتفاق جنيف ١ ، فلماذا لا يستجيب الوفد الحكومي لذلك ؟
الشيخ البهادلي : نعم كان تشكيل الحكومة الوطنية هو البند السابع في اتفاقية جنيف ١ ، فيما تصدرت بنود أخرى مثل معالجة القضايا الإنسانية والأسرى ومحاربة الإرهاب ، وكان موقف الوفد الحكومي صائبا في رفض القفز على كل البنود الأخرى ، وكان أصرار المعارضة على الشروع بمناقشة تشكيل الحكومة هو دليل على أنها لاتفكر بغير تغير الحكم في سوريا وترك الكوارث الأخرى .
م ع ج : ما هو عدد شهداء اللواء منذ تشكيله ؟
الشيخ البهادلي : استشهد من اللواء لحد الآن ٢٥ مقاتل من بينهم ٧ شهداء عراقيين .
م ع ج : نشكر لكم سماحة الشيخ فرصة اللقاء وصراحة الإجابة ونأمل أن تحققوا كل آمالكم في دحر قوى الضلال والظلام في أرض الشام والعراق وفي كل ربوع الإسلام .