أعلن الشاب السعودي مفرح الخثعمي في مقابلة بثتها القناة الأولى الحكومية السعودية ببرنامج "همومنا" أن"الجهاد" الذي وجده في سوريا أجبر المسلمين على محاربة بعضهم البعض.
وبثت القناة الأولى الحكومية السعودية في ٢٣ نيسان/أبريل، مقابلة مع الشاب مفرح الخثعمي العائد من سوريا الذي أطل عبر برنامج "همومنا" وتحدث عن الظروف التي دفعته للذهاب إلى سوريا وما وجد هناك عند وصوله.
وأشار الخثعمي إلى أنه قرر الذهاب إلى سوريا بعد تأثره بالتقارير الصحافية وما ينشر على الإنترنت حول ما يتعرض له المواطنون السوريون من قبل الجيش النظامي، بالإضافة إلى أحاديث جرت بينه وبين بعض المسلحين الارهابيين الموجودين في سوريا عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث أغروه بالانضمام إليهم للقيام بواجب "الجهاد".
وقال الخثعمي إنه سافر إلى الكويت ومنها إلى تركيا قبل أن ينتقل إلى معبر باب الهوى حيث اتصل بأحد المهرّبين الذي نقله ومعه شابين سعوديين آخرين إلى داخل الأراضي السورية مقابل ٥٠٠ دولار أميركي .
وأضاف أنه التحق في البداية بجبهة النصرة في مدينة حماة قبل أن ينضم إلى "داعش" بعد أن أقنعه عناصرها بأن جبهة النصرة فرع منبثق عنها.
وقال إنه كان شاهدا على مبالغة هذه الجماعات في تكفير الدول والحكام ورجال الدين ولجوئها إلى فرض مفهومها الخاص للـ"جهاد" على الشباب سريعي التأثر.
وأكد الخثمعي أن ما دفعه للعودة إلى وطنه هو اقتناعه بأن "الجهاد في سوريا جهاد فتنة ، حيث يقاتل المسلمون بعضهم بعضاً، والسعودي يقتل أخيه، وإننا لا نعلم من نقاتل بل اكتشفنا أننا نقتل بعضنا البعض".
جميع من يدعون للجهاد في سوريا ’كاذبون‘
والخثعمي هو الشاب السعودي الرابع العائد من سوريا الذي يطل عبر برنامج "همومنا" في الأشهر الماضية، عدا عن سليمان السبيعي ومحمد العتيبي وسليمان الفيفي.
وفي حادثة مماثلة، بث برنامج "الثامنة" على قناة "أم بي سي" في ٢٩ نيسان/أبريل، حلقة استضاف فيها عائدا آخر من سوريا وهو مراهق سعودي يدعى "مسفر".
وأكد مسفر، الذي انضم بعد وصوله إلى سوريا عبر تركيا إلى "الجبهة"، أنه شاهد سعوديين يقاتلون بعضهم ، توزعوا بين الجماعات المسلحة المقاتلة هناك.
وقال "جميع من يدعون للجهاد في سوريا كاذبون ". وأضاف: "هناك الكثير من السعوديين يرغبون في العودة ولكنهم يخافون من شائعة تعذيبهم في السعودية، أنا كدت أصدق الشائعة ولكن صدمت باستقبالي بطاقم طبي".
الدكتور عبدالله المقرن، أستاذ الفقه المقارن بجامعة أم القرى في مكة المكرمة، قال للشرفة "إن توالي ظهور الشباب العائدين من سوريا على شاشات التلفزيون أمر يثلج القلب لما توصله هذه الإطلالات من رسائل إيجابية لباقي الشباب السعوديين".
وأضاف أن "الذين لا يزالون في سوريا بحاجة لبعض الدعم والحافز ليتخذوا قرارهم بالعودة وإقناعهم بجدية تسهيل عودتهم إلى الوطن بعد الأمر الملكي ، كما إن الشباب الموجودين داخل المملكة بحاجة إلى دلائل قطعية وشهود على ما يجري في سوريا، والعائدون ينقلون لهم الصورة الحقيقية غير المعدلة".
ولفت إلى أن "التكفيريين" والقاعدة استغلوا تديّن أفراد المجتمع السعودي للتوغل إلى عقولهم وتجنيدهم، وذلك من خلال تصوير ما يجري في سوريا بأنه قتال و"جهاد" باسم المسلمين.
واستطرد بالقول "إلا إن مجريات الأمور في الأشهر الأخيرة من اقتتال داخلي بين الفصائل المسلحة، كشفت عورات هذه التنظيمات التي تتخذ من الدين ستارا لها، وكشفت حقيقة سعيهم لاستقطاب الشباب".
من جهته، قال فاضل الهندي المشرف في مركز البحوث الإنسانية والاجتماعية التابع لجامعة الملك عبد العزيز، لموقع الشرفة إن تواصل ظهور الشباب السعوديين العائدين من سوريا عبر وسائل الإعلام له إشارات عديدة، على رأسها مواصلة السلطات السعودية ببرنامجها لاستقطاب الشباب المغرر بهم.
وأضاف "كما إن لهذه الإطلالات تأكيدات وتطمينات للذين لا يزالون في سوريا ويرغبون بالعودة، هذا بالإضافة إلى الرسائل الموجهة إلى الشباب السعودي ككل من خلال كشف حقيقة هذه الجماعات".
وأشار الهندي إلى أن أسبابا عديدة توقع الشباب السعودي في فخ تنظيم القاعدة، منها عدم توفّر أماكن الترويح عن النفس للشباب السعودي في مجتمع محافظ جدا، على حد تعبيره. نتيجة لذلك، "توجهت غالبية الشباب نحو مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال الحديثة، وخصوصا تويتر".
ولفت إلى أنه من الملاحظ على تويتر توجيه عشرات الحسابات العائدة لعناصر من تنظيم القاعدة الرسائل إلى الشباب السعودي لدعوته للـ"جهاد" أو التبرع بالمال، مضيفا "يلاحظ توجه القاعدة لاستقطاب الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ٢٠ و٢٥ عاما لعدة أسباب أولها أنهم باتوا قادرين على السفر والتنقل بعيدا عن مراقبة الأهل، كما إن هذا الجيل لا يعلم الكثير عن التاريخ الأسود لتنظيم القاعدة في السعودية لاسيما التفجيرات الإرهابية التي حصلت في أكثر من منطقة سعودية".
تنبّه الشباب
وفي سياق متصل، أكد الشاب الجامعي جمال الجابر، طالب بالجامعة الإسلامية كلية الشريعة، أن المقابلات التي يتم بثها مع العائدين من سوريا تحظى بالكثير من الاهتمام من قبل الشباب السعودي.
وقال للشرفة إنه "بعد بث هذه المقابلات التي ترافقت مع المعارك المندلعة بين الجماعات التي دعت للجهاد، بات الأمر واضحا تماما وأزيلت الستارة عن حقيقة هذه الجماعات".
وأضاف الجابر أن "هذه الجماعات الإرهابية استغلت الشباب السعودي واندفاعه لنصرة السوريين وللأسف وقع الكثيرون في الفخ"، مشيرا إلى أن "اللوم لا يجب أن يقع على الشباب المغرر بهم وحدهم بل أيضا على الأجواء التي تربوا فيها حيث أصبحوا أرضا خصبة للفتاوى المغلوطة".
وأكد أن برامج التوعية المجتمعية والدينية المخصصة للشباب باتت ضرورية جدا لردعهم عن الانحراف واللحاق بالجماعات الجهادية.