كل من قرأ تاريخ العراق قديما وحديثا يجد أن ما يحدث اليوم من أحداث هي عبارة عن استنساخ للماضي السحيق الذي بُني أكثره للأسف الشديد على سفك الدم وإشاعة الفوضى مع تغير في الأسماء والأدوار والظروف والأحوال والتحول في نوعية الصراع الداخلي والتدخل الخارجي الذي يُلقي بظلاله دائما على العراقيين ويؤثر في سياستهم وحياتهم وأضرب مثلا لذلك الصراع الذي كان أيام الملك غازي حينما كان الصراع محتدما بين ألمانيا وبريطانيا وكل واحد منهما يريد أن يأكل الكعكة العراقية كلها وبالنتيجة كانت تلك الكعكة سببا قي قتل الملك غازي رحمه الله حينما تأمر عليه الانكليز وساهموا في قتله هذا هو تاريخنا فهل نستفيد ونتعظ وهل أذكركم بالمعاهدة التي وقعت في ميناء بورتسموث في انكلترا والتي وقعها رئيس وزراء العراق صالح جبر مع بريطانيا وقُتل بسببها العراقيون المعترضون وسقط العشرات من الضحايا على جسر الشهداء ومن بينهم جعفر الجواهري الأخ الأصغر للشاعر الكبير (متنبي العصر) محمد مهدي الجواهري وقد رثاه قائلا:
أخي جعفرا يا رواء الربيع إلى عفن بارد يسلم
ويا زهرة من رياض الخلود تعولها عاصف مرزم
ألم يكن هذا من التاريخ ألم يُقتل وزير الدفاع جعفر العسكري وهو مؤسس الجيش العراقي رميا بالرصاص دون محاكمة ووجه حق فلما العجب من الأحداث التي تجري اليوم وأنا أعجب كثيرا حين يعترض البعض على إعدام وزير للدفاع في النظام السابق أو مسوؤل أمني هنا وهناك على اقل تقدير إن هذا الوزير قد تمتع بمحاكمة عادلة وفُسح له المجال كي يدافع عن نفسه لأشهر وسنوات وهؤلاء المعترضون يتناسون كيف قُتل رئيس الدولة العراقية عبد الكريم قاسم وحُكم عليه بعشر دقائق وهو قائد ثورة و عسكري ومهني ونصير للفقراء ولم يُدخل البلاد في حروب خاسرة أو مجازر بشرية مهلكة ولكنه قُتل بطريقة مريبة ومهينة !!!!وهكذا قبله وبعده قتل الكثير المهم أريد منكم أيها القراء أن تُراجعوا التاريخ قليلا والتاريخ هو درس من دروس الحياة يؤسفنا كثيرا أن نرى هذا التلكأ في كل شيء سيما تلكأ المفاوضات السياسية بين الكتل الحاكمة وأقول حاكمة لأنهم جميعا يحكمون العراق لكننا لا نرى إلا تصاعدا في تصريحاتهم الإعلامية إلى حد الوعد والوعيد والهد والتهديد يرافق كل ذلك التردي الواضح والفاضح في سوء الخدمات الإنسانية حيث تسبب انزعاجا وتذمرا للشعب العراقي وتفرز مشاكل اجتماعية واقتصادية خطيرة نحصد نتائجها في السنوات القادمة
في وقت بدأت الأمم المتحدة نفسها تتحدث اليوم عن العراق باعتبار أن العراق مازال يواجه تحديات كبيرة على الصعد السياسية والأمنية والإنمائية ونحن نلحظ أن بلدنا اليوم يغرق بمشاكل خارجية تتمثل بالاعتداء على حدوده ومياهه الإقليمية وآخرها بناء ميناء مبارك الكبير الذي من شانه أن يخنق العراق وأخرى داخلية تتعلق بمناصب مستحدثة إرضاءا لهذا القائد أو الزعيم حتى يكون في مكانه الذي يرضى عنه وهذا أمر أصبح يُقلق الكثير وقد ذكرت قبل فترة وصرحت لإحدى القنوات الفضائية أن الصحيح أن تساهم الوزارة المشكّلة من الشراكة الوطنية لإنجاح عملها وهذه خطوة إلى الأمام في بناء العراق الجديد.
ونحن طبعا مع الترشيق الوزاري ولكن خوفي أن يمتد هذا الترشيق إلى أشهر متعددة كما صرح بذلك النائب عن دولة القانون سامي العسكري وأنا أخشى أن تتوقف الحياة في العراق كما رأينا في الأزمات الماضية واقترح للإخوة أصحاب القرار أن تبقى هذه الوزارة وتعاهد الشعب العراقي فيما بقي من عمرها لإنجاح عمل الحكومة وتنفيذ برنامجها الذي رسمته والذي سوف يشعر به المواطن العراقي ويلمسه بيده وبعدها يُصار إلى حكومة مرشقة في الانتخابات الجديدة لان العراق لا يتحمل المزيد من العثرات والكتل السياسية سوف تدخل في مشاكل فيما بينها والمصيبة أن الضحية هو المواطن العراقي ولذلك أقول علينا أن نمشي إلى الأمام ولا نتراجع إلى الخلف فالتراجع يعني كثرة الجدل ونصب الطاولات الكثيرة التي لا تستطيع أن تواجه المشاكل التي تحدث في البلاد فاحذروا أيها السياسيون من الانفجار وامضوا نحو الانفراج لأجل عيون العراقيين.
الشيخ الدكتور خالد عبد الوهاب الملا
عضو الائتلاف الوطني
رئيس جماعة علماء العراق في الجنوب