وفيما كان عدد من النواب يلوحون باستجواب رئيس الإقليم عما اسموها خروقا دستورية وتهريب النفط وتدريب أكراد سوريين في كردستان، ومنع القوات الاتحادية من أداء مهامها في حماية الحدود، شكك نواب أكراد بقانونية مثل هذه الاستضافة، وأن لا قدرة للبرلمان الاتحادي على القيام بهذا الأمر، كونه خارج صلاحياته ويدخل ضمن صلاحيات برلمان الإقليم، معتبرين أن دعوات الاستضافة تقف وراءها دوافع سياسية، وسحب الأنظار عن استجواب رئيس الوزراء نوري المالكي.
إلى ذلك، نفى ائتلاف دولة القانون، أن يكون هو من يقف وراء طلب استضافة بارزاني، مشددا في الوقت نفسه على مراعاة الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب في قضية الاستجواب.
وقال بارزاني في بيان صدر عن رئاسة إقليم كردستان، وحصلت "العالم" على نسخة منه، إنه "يقدر كثيرا مجلس النواب العراقي، الذي يمثل الشعب العراقي بجميع مكوناته، وافخر بمساهمتنا قدر الإمكان في خلق الظروف التي جعلت العراق يكون صاحب مثل هذا المجلس"، مؤكدا أنه "متى ما أراد المجلس استضافتي، فإنني جاهز للمثول أمامه والتحدث بكافة الحقائق".
وقال النائب محما خليل عن التحالف الكردستاني، إن "طلب استضافة رئيس اقليم كردستان غير قانوني ولا دستوري، لأن الأقليم فيه برلمان وسلطة تشريعية وتنفيذية، وهي التي يمكن ان تقوم بالاستجواب أو الاستضافة، كما إن الإقليم له اختصاصاته وصلاحياته الواضحة والصريحة في دستور الإقليم، ولا يوجد نص قانوني يتيح استجواب أو استضافة رئيس الإقليم أو رئيس وزرائه أو رئيس برلمانه، كون الإقليم لديه سلطات لها المرجعية والشرعية، منحت من قبل الشعب الكردي لرئيسه".
وأوضح خليل في مقابلة مع "العالم" أمس الثلاثاء، إن "المادة ١٤١ تحدد الصلاحيات والعقود، والقرارات الصادرة من الإقليم جميعها لا تتعارض مع الدستور العراقي، كما ان هناك صلاحيات حصرية وصلاحيات مشتركة مع الحكومة المركزية، والحصرية هي من صلاحيات الاقاليم والمحافظات"، مضيفا أن "موضوع استضافة رئيس الاقليم تقف وراءه أسباب سياسية ولتصعيد الأزمة بين المركز والاقليم وصرف الانظار عن مشروع استجواب رئيس الوزراء نوري المالكي والفشل في حكومة بغداد، ولاسيما ان رئيس الاقليم لم يرتكب أي خروق دستورية لاستضافته وان هذه المحاولة كانت من بعض نواب دولة القانون".
وعن تصريحات بارزاني الأخيرة، والتي تَطَرّق فيها إلى تدريب حرس الإقليم لأكراد سوريين، بين خليل أنه "تدريب لشباب في حالة حدوث فراغ أمني، والكل يعلم الوضع في المناطق السورية، وانسحاب الجيش من بعض المناطق ولّد خوفا من حدوث خروق من القاعدة والإرهابيين والتكفييرين"، موضحا أن "الإقليم لا يحتضن المعارضة السورية، بل دعم واحتضن اللاجئين السوريين لظروف إنسانية واخلاقية".
وعن زيارة وزير الخارجية التركي لاربيل اليوم الاربعاء قال خليل "سمعت بزيارة وزير الخارجية داود اوغلو لاربيل غدا (اليوم)، والزيارة مخصصة لبحث الملف السوري وما يجري من تطورات على الساحة".
وحول الأزمة القائمة بين حكومة بغداد وحكومة اربيل، ذكر أن "الأزمة افتعلتها الحكومة الاتحادية، وهي استفزازات جاءت لإبراز العضلات وقامت باستخدام قوات من محافظات الجنوب، وبالرغم من أن طول الحدود مع سورية اكثر من ٦٥٠ كيلو متراً، حاول الجيش العراقي التمركز في ١٠ كيلو مترات من هذه الحدود، وبعدد كبير يبلغ لوائين و٢٠٠ دبابة وسربين من الطائرات، والكل يعرف أن هذه المناطق ومن ٢٠٠٣ للان، تحت سيطرة البيشمركة ولم تحدث فيها أي خروق من قبل الارهابيين"، معتبرا أن "تمركز هذا العدد الكبير بمسافة ١٠ كيلو متر وبكل هذه القوات، استفزاز لمناطق مستقرة ومحاولة لاستخدام الجيش ضد مكونات الشعب العراقي لتصفية الحسابات، وهذا محرم دستوريا".
بدوره، أكد النائب حسون الفتلاوي عضو اللجنة القانونية في البرلمان، في تصريح لـ "العالم" أمس، أن "الدستور يكفل للبرلمان الاتحادي حق الرقابة على عمل البرلمانات الأخرى، وتتم الاستضافة في حال جمع التواقيع، وإن عدم تلبية بارزاني طلب استضافته في حال جمع التواقيع اللازمة، يعد مخالفة دستورية".
وتتفق النائبة جنان البريسم عضو اللجنة القانونية مع ما ذهب إليه الفتلاوي، حيث بينت لـ "العالم" أمس، أن "من حق مجلس النواب العراقي كسلطة اتحادية مشرفة على عمل الأقاليم ومجالس المحافظات غير المرتبطة بإقليم، طلب استضافة أي شخص لغرض تبادل الأراء والافكار"، مشيرة إلى أن "هذا يعد ممارسة دستورية".
من ناحيته، أكد النائب احسان العوادي عن دولة القانون، في مقابلة مع "العالم" أمس، أن "موضوع النفط وما رافق ذلك من تصريحات حول التهريب وعدم إعادة المبالغ وإدخالها إلى الموازنة الاتحادية أو الى موازنة الاقليم، كذلك منع قوات البيشمركة للقوات العراقية من انتشارها على الحدود، أدت إلى هكذا حراك داخل مجلس النواب ومن مختلف الكتل، باعتبار الدستور العراقي يخول مجلس النواب العراقي استضافة أي مسؤل تنفيذي عراقي"، لافتا إلى أن "هذا منصوص عليه في الدستور وفي النظام الداخلي لمجلس النواب".
وفي السياق نفسه، دعا النائب محمد الصيهود عن التحالف الوطني "البرلمان العراقي والكتل السياسية جميعها، أن تكون لها وقفة جادة وحقيقية تجاه الخروق الدستورية التي يقوم بها إقليم كردستان، ومنها ما يتعلق بعقود النفط وعقود التسليح ومنع القوات الحكومية النظامية المسؤولة عن حماية الحدود من ممارسة دورها".
وبين الصيهود في حديث مع "العالم" أمس، أن "الجدل القائم هو أن البرلمان العراقي من الناحية الدستورية لا يستطيع أن يستجوب أو يستضيف لكن هذا غير صحيح، طالما أن البرلمان العراقي هو برلمان لكل العراقيين من الشمال إلى الجنوب، بالتالي من حقة استضافة واستجواب كل المسؤولين العراقيين، بغض النظر عن مكانهم أو قوميتهم أو مذهبهم أو دينهم"، منبها الى أن "رئاسة إقليم كردستان معرضة للاستضافة بالبرلمان العراقي في أي وقت يشاء".
من جانبه، أفاد النائب عن دولة القانون شيروان الوائلي "العالم" أمس، بأن "موضوع استضافة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني في مجلس النواب العراقي، لا دخل لدولة القانون فيه، ولم نسعَ إليه"، لافتا إلى "وجود طلب للاستضافة، وبالتأكيد سيكون دستوريا وبحسب النظام الداخلي لمجلس النواب".