كنتُ اعتقد إن ثلة قليلة من العراقيين الأصلاء هي المبتلى بقرار الانفصال المثير للجدل الذي تم بشكل باهت وخجول جداً فلا عناق ولا حضور جماهيري ولا شخصيات من الوزن الثقيل تبين وتنطق بمحتوى بيان الانفصال، قيل انه ليس كذلك لكن لا إثباتات سوى إعلان النائب عبد الحسين عبطان أن نواب كتلة المواطن من بدر والمجلس سيبقون تحت مسمى واحد وهم يعملون بشكل موحد وقرار موحد كذلك وعند الحديث عن البيان الذي تم تعديله كثيراً حتى لا تكاد تجد كلمة من النص الأصلي الذي كتب في وقت سابق من قبل لجنة مشتركة من الطرفين وقد أصبحا كذلك حتى قبل الإعلان بفترة غير طويلة لكن يمكن تحديدها بأنها الفترة التي هرول فيها العامري وقلة قليلة معه صوب رئيس الوزراء الموعود أبو أسراء المالكي (وهو غير ملام على قرارات العامري بكل تأكيد)، فبعد أنّ وجد العامري أنّ الصدريين سبقوه إلى ذلك خطى هذه الخطوة معللاً قيامه بها لتحقيق المصلحة أو كما عبر عنه هو بعد ذلك بالنصر مع الشرف. نعم لقد تُلي هذا البيان فجاء بروتوكولياً ماسخاً مُعبراً عن مدى تردد السواد الأعظم من الطرفين الرافضين له جملة وتفصيلا، ويكشف عن حقيقة مرة عشتها وتألمت كثيراً ومعي مئات الآلاف من أبناء شعبي الذين تناقلوا الخبر متعجبين من مضمونه ومحتواه، يسأل بعضهم بعضاً عن أسبابه ومقتضياته ولا أخفيكم أنّ بعض السذج شكك بأصل هذه الخطوة معتبراً إياها تكتيكاً سيعود بالنفع الانتخابي على الطرفين ليتوحدا بعد ذلك وهذا فهم خاطئ للأمر وغير واقعي، مع أن هناك الكثير من الحريصين على وحدة الصف والموقف ممن يرى أنّ العودة أسهل من الانفصال في حال تحققت أرضية مناسبة لذلك تسمح بها ظروف الطرفين ..قد يرى البدري ان من أصعب الأمور عليه هو أنّ ينسلخ عن بيئة ومجتمع خبره وجربه وعاش فيه ومعه المواقف بحلاوتها ومرارتها مجتمع عماده التضحية ومحركه العقيدة وحب الوطن بل الفناء في سبيله وجملة من المفاهيم التي زرعها شهيد المحراب رضوان الله عليه ذلك القائد الفذ الذي أكد وعلى طول الخط، أن المجاهدين ممن كانوا معه هدفهم هو تحقيق مرضاة الله والدفاع عن المسلمين لكن همهم الأول هو تخليص العراق بكل أطيافه وتوجهاته من براثن البعثيين وأزلام صدام الكفرة فكان الهدف بالنسبة له ولرفاقه ينبع من وطنية مفرطة ومشروع واضح لا تحجب شمسه بغربال من يريد التشويش، عموماً الألم يعتصر قلوب الكثيرين وليس هذا بُكاءً على الأطلال أو جلداً للذات بقدر ما هو حقيقة كائنة متحققة يدور الحديث عنها وعن آفاق مستقبل العلاقة وطبيعة التنسيق بين فريقين كانا يعيشان الهم والمحنة وتحقيق المشروع الواحد ولعلّ الأيام والأشهر القليلة المقبلة ستكشف عن طبيعة العلاقة وتبين مدياتها وآفاقها، والجميع ينتظر ما ستفرزه الفترة المقبلة بعد أن يفترق المعسكرين وتكتمل سلسلة الانسحابات المتوقعة من صفوف منظمة بدر لسبب بسيط جداً أن البدريين تم سحبهم بقرار سياسي من مظلة تيار شهيد المحراب وهذا ما لا يقبل به الكثيرون منهم وهذا يفسر عدم وجود انسحابات من تنظيمات المجلس إلى الطرف الآخر .. ليس من السهل ان تقبل الأطراف بأجمعها القرار لكن في نهاية المطاف سيكون ذلك إما خوفاً أو طمعا أو قناعة أو أيّ شيء آخر، وسيكون نجاح كل طرف منفرداً مرهوناً بقوة الأداء السياسي والعمل التنظيمي والميداني ولربما تعود الأمور إلى طبيعتها وهذا وارد إن نجح الطرفان معاً في تجاوز هذا الاختبار والتفكير بعمق لأجل مصلحة أسمى، هي إكمال المشروع وعدم التفريط بالمكتسبات ولعلّ وحدة الصف هي من أهم مكتسبات أخرى آنية يراها البعض موضوع اهتمامه اليوم وهي ليست كذلك حتماً.