اما في منهج تيار شهيد المحراب فالسياسة عبارة عن التزام وطني وأخلاقي أمام التحالفات والتوافقات التي يعقدها الكيان مع الأَطراف التي تشترك في بناء النظام الديمقراطي العراقي, وهذا ما عرفته الأوساط السياسيّة العراقية في فترة عمر العملية السياسيّة, فكل الأحزاب والحركات التي تعاملت مع المجلس الاعلى لديها اطمئنان كامل على ما تعقده من اتفاقات ومواثيق، ولا يوجد لديها أدنى شك في أنّ قيادة المجلس الأعلى إذا قالت فعلت وإذا تعهدت التزمت، مما أعطى للمجلس الأعلى دوراً أساسياً في اتخاذ القرارات المصيرية وحل الأزمات, وهذه السياسة والمنهج جعل من المجلس الأعلى محوراً مهماً لالتقاء الفرقاء.
إنّ سياسة المجلس الاعلى المعتدلة كانت سبباً في حل المعضلات لما يمتلكه من شعبية ومحورية وطنية تلتقي عندها المكونات لتجد لها الذراع التي تطوق الازمة والصدر الذي يحتوي الخلافات ويضع الحلول الناجعة لها.
فالسنة العرب ينظرون الى المجلس الاعلى على انه الطرف الشيعي الذي يمكن التفاهم معه للحصول على الاستحقاقات وفق ما هو متفق عليه في رسم سيّاسة البلاد الإستراتيجية.
والأكراد ينظرون إلى المجلس الأعلى على انه الطرف الوطني الذي يمتلك رؤى وأفكار وطنية تساهم في اعطاء الحقوق الوطنية وفق معايير ضمانها وهذا ما جعل علاقة الأكراد بالمجلس الأعلى وبعائلة السادة آل الحكيم علاقة وثيقة ومهمة ساهمت وبشكل مباشر في ايجاد توازنات قوى في البرلمان والحكومة من اجل تمرير القوانين التي تصب في خدمة المحرومين وتقوية اللُحمة الوطنيّة بين مكونات الشعب العراقي.
والأقليات ليس لديها سوى المجلس الأعلى وقيادته ملاذاً آمناً، والسند الذي يتكؤن عليه عندما يزداد عليهم ضغط الكتل السياسية والأوضاع التي يفرضها الواقع الأمني والاجتماعي في العراق.
وحتّى الكتل الأساسيّة الشيعية تجد في المجلس الاعلى الطرف الوحيد الذي يمكنه التحاور مع الجميع وليس له تقاطع مع أيّ مكون من مكونات الشعب العراقي.
ولكن وللأسف الشديد الحالة الشيعية في العراق لم تستثمر وجود المجلس الاعلى كطرف محايد ومعتدل في رسم مسارات العمليّة السياسيّة الصحيحة، بل استغلته أبشع استغلال واستخدمت معه سياسة الإقصاء والتهميش ومحو الأثر.
واليوم وبعد تصدّي السيّد عمّار الحكيم لقيادة المجلس الاعلى اصبح لتيار شهيد المحراب واقع تنظيمي ملموس على الأرض، وما تجمع الذكرى السنوية التاسعة والعشرون لتأسيس المجلس الأعلى ببعيد حيث تحشدت أعداد غفيرة في بغداد والمحافظات لتعبر عن وقوفها خلف القيادة الشابة الواعدة والحكيمة.
واثبت المجلس الاعلى حضوره السياسي والبرلماني المؤثر رغم قلّة مقاعده في البرلمان وعدم وجود مواقع تنفيذية له في الحكومة الحالية.
إنّ حزب الدعوة المتمثّل بالسيد المالكي حاول ان يستخدم جميع الوسائل المتاحة والرخيصة من اجل إضعاف المجلس الأعلى والتأثير على قواعده الجماهيرية, وهكذا فعل التيار الصدري عندما هاجم افراد ومواقع المجلس الأعلى من اجل إضعافه وإفراغ مهمته من محتواها، ( امن وتنظيم الأمة ) والتي رسمها شهيد المحراب الخالد(قدس) وباءت محاولاتهم بالفشل رغم كل الصعوبات التي واجهت المجلس الأعلى منذ عام ٢٠٠٩، إلى يومنا هذا والأمر يعود بالدرجة الأساس إلى سلامة المنهج ومهارة الرُبّان.
إنّ حركة تنظيمات المجلس الاعلى على الارض ستثمر وستنتج معادلة انتخابية جديدة في العراق ستفاجئ الرأي العام وستكتسح الساحة الجماهيرية بخطى ثابت نحو تحقيق الهدف.
وفي ظل مثل هكذا تطور في اداءات المجلس الأعلى التنظيمية تفاجئنا منظمة بدر يوم الأحد الماضي بإعلانها الانفصال عن قيادة وتيار شهيد المحراب (قدس)، ولا يوجد لهذه الحالة سوى تفسير وتحليل واحد وهو ان الامانة العامة لمنظمة بدر ترى في نفسها القدرة والكفاءة في قيادة المنظمة من دون عباءة السيّد الحكيم، وإذا كان فعلاً مستوى تفكيرها بهذا الحجم إذن فالأمانة العامة لمنظمة بدر لم تحسبها جيداً, فالوقت وقت انسجام ووحدة وتكاتف من اجل تحقيق الاهداف بين مكونات المجلس الأعلى وليس وقت انفصال.
إنّ منظمة بدر أَصبح مصيرها مجهولاً بعد انفصالها عن قيادة السّيد عمّار الحكيم ولا يُستبعد أنّ تتلاشى بمرور الزمن لان الموالين البدريون لمنهج شهيد المحراب سوف يلتفون حول قيادتهم من خلال وجودهم في تنظيمات المجلس الأعلى، وعندها ستقوى شوكة الحق المتمثلة بقيادة السيّد عمّار الحكيم وأتباعه الخُلص المجتهدين من اجل بناء العراق بما ينسجم وواقعه الاجتماعي والمذهبي والقومي، وستضعف منظمة بدر وتكثر فيها الانشقاقات والعصيان وعدم الالتزام بالأوامر وسيكثر فيها التنافس المحموم على المواقع السياسيّة والتنفيذيّة، وأول من سيدفع الثمن غالياً هو السيّد هادي العامري لأنه لم يعِ جيّداً النتائج التي سيترتب عليها انفصاله عن السّيد عمّار الحكيم، وسيكون بديله الحاج أبو مهدي المهندس حاضراً وفي أقرب وقت ممكن.