عندما سقطت طائرة الـ أف ١٦ في ولاية أريزونا الأميركية! لم يقل لنا احد هل كان الطيار العراقي الذي مات في الحادث "من جماعتنا" ام ينتمي الى جماعة اخرى؟ بدليل الصمت الذي احاط بالحادث باستثناء ما قاله مشكورا السيد رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية حاكم الزاملي من أن : "الولايات المتحدة قد سمت الطائرة المحطمة بـ(الطائرة العراقية) ونقول إن هذه الطائرة ما زالت غير عراقية لأنها لم تدخل أجواء وحدود العراق، ولهذا فان واشنطن هي من تتحمل تكاليفها المالية وتعويض عائلة الطيار العراقي" هكذا عرفنا بالدليل القاطع ان الطيار العراقي الذي استشهد في اميركا "مو من جماعتنا" ..للسيد الزاملي ايضا الشكر.
لعل اللائحة طويلة في هذا الباب اللا إنساني الذي يميز بين جماعة وجماعة، وقد عشنا جميعاً من قبل مع العرض الذي قدمه السياسيون لمناصرة شعب البحرين لانهم "من جماعتنا" وشاهدنا كيف ترقرقت الدموع في أعين البعض من النواب وهم يرون حادثة اعتقال احد السعوديين لانه "من جماعتنا" ايضا، وكيف شمّر البعض عن سواعده وقرر أن يبحر في سفينة لدعم الحوثيين فهم والحمد لله "من جماعتنا"، ولكننا لا نرى في مقتل العشرات من اهالي الموصل يوميا كارثة، ولا نريد ان نعترف من ان العنف الذي يحصد اهالي بغداد "مصيبة" ولا نرى في تشريد اهالي الانبار جريمة، لان ساستنا يرون أن الحل لأزمات العراق هو في تحويل الشعب إلى قبائل وطوائف، مطلوب من الكل ان يبحث عن " جماعته" .
ولهذا كان يجب ان اكتب شاكرا للسيد المحافظ ملاحظته القيمة في تقسيم الشعب الى " جماعتنا" و " جماعتهم " ، وايضا لأقدم الامتنان لرئيس لجنة الامن والدفاع النيابية لانه لا يريد ان يعوض الطيار العراقي ، لان مشكلته تكمن في موته ببقعة ارض اجنبية.
وثمة سبب آخر، اكثر وجاهة للشكر ، فقد كنت ابحث عن موضوع لزاويتي، ونويت ان اكتب مقالا عن ذكرياتي مع كتاب الايام لطه حسين، ولكنني خفت ان يسخر مني القراء فيرمون الصحيفة جانبا، فأنقذني هذا الخبر ، وواجب الامتنان يلزمني بتقديم الشكر لاصحابه.