ما يجري في العراق حاليا هو لقطات يتشكل منها المشهد الأخير من الفلم العراقي الذي بدأ بعد سقوط نظام صدام ، السيناريو محبوك بدقة وقد ضمت المقدمة اللقطات الآتية :١- الاعتماد على اميركا لاسقاط النظام ثم قبول الاحتلال . ٢- تدخل عدة دول أخرى في شؤون العراق وتحويله الى ساحة صراع بينها . ٣- تلك الدول تقاسمت النخبة السياسية العراقية على أساس طائفي فكل فريق عراقي يمثل مصالح دولة من الدول . ٤- تفاقم العداء بين الأحزاب العراقية لانها تمثل مصالح دول متصارعة ، أحدهم استعان بعصابات القاعدة فحول العراق الى ساحة مذبحة للمدنيين . ٥- تنظيم انتخابات شكلية متكررة تعتمد التزوير والتوافقات السرية ثم اقتسام المواقع على أساس المحاصصة . ٦- استخدمت الأحزاب أعضاء بارعين في اللصوصية لادارة الدولة . انتهت مقدمة الفلم ثم بدأت الذروة وفيها : ان هذه الطريقة الغريبة في إدارة البلد استمرت ١٢ سنة وقد حققت النتائج الآتية : ١- نجحت القوى السياسية في سرقة ٦٠٠ مليار دولار. ٢- نجحت في انتاج جيل جديد من الفاسدين بدل التخلص من الفاسدين القدامى . ٣- اعادت البعثيين ورموز النظام السابق الى السلطة . ٤- رسمت صورة سيئة للاسلام لأن كبار اللصوص والانتهازيين والفاشلين والانذال هم من أحزاب إسلامية ، فازدهرت ثقافة الالحاد العراقي واصبح الملحدون يجادلون خصومهم بلا تحفظ . ٥- احتلال ثلث الأراضي العراقية بعملية بيع مسبقة لعصابات داعش وتحويل اربعة ملايين عراقي الى نازحين . ٦- إيصال مشروع تقسيم العراق الى مرحلة التنفيذ ولم يبق سوى الإعلان عنه . ٧- الانتقال الى مشروع تقسيم الأكثرية الشيعية عشائريا وسياسيا والتمهيد لمرحلة الاقتتال بينها . ٨- افلاس الدولة وشيوع الفقر الى حد ان بعض الناس بدأوا ببيع اثاث منازلهم لتحصيل لقمة العيش ، وهذا نجاح واضح للخطة لأن هذا الفقر لا يجري في الصومال او النيجر بل يجري في بلد يملك ثالث احتياطي نفطي في العالم وصاحب أوسع قطاع زراعي ومائي في المنطقة . ٩- تحويل العراق الى نظام اجتماعي طبقي مكون من قلة ثرية وكثرة مسحوقة واختفاء الطبقة الوسطى . في خواتيم الفلم العراقي يأتي نفاد الصبر وانفجار الشارع بتظاهرات مطلبية ، وقد ردت الحكومة بقرارات تقليل رواتب النواب ، وإلغاء ثلث عدد الوزارات ، لكن المستفيدين السابقين يحاولون إعاقة تنفيذ القرارات وتمييعها . يحاول العبادي منع تقسيم العراق ، منع تدخل الدول بشؤونه ، إلغاء المحاصصة ، إصلاح النظام الانتخابي ، ترك التوافقات واستخدام الأغلبية السياسية ، احترام الدستور واجراء التعديلات المطلوبة فيه ، فتح ملف معالجة الفساد بقوة ، بناء دولة المؤسسات ، وهذا يعني ان الفلم انتهى بثورة عراقية صامتة ، ولكي تنجح الثورة يجب ان يقف الجميع الى جانب رئيس الوزراء ومشروعه الإصلاحي بالدعم والنصيحة والمشورة .