يسابق حكام العراق الجدد الزمن لحصد اكبر قدر من المكاسب السياسية بعد الانتصارات العسكرية المتوالية على الارض المتحققة ضد تنظيم “داعش ” مؤذنة بانتهاء اكثر مراحل الصراع دموية بعد سقوط نظام البعث ومرحلة سياسية اتسمت بالتوتر كما وصلت في بعض محطاتها الى حد الإقتتال بين شركاء العملية السياسية, لتبدأ مرحلة جديدة اتفق على تسميتها ” ما بعد داعش ” .
وفي سياق ذلك أكد رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم تبني الأغلبية الوطنية في المرحلة المقبلة ، داعيا لتصفير المشاكل القائمة واطلاق تسوية وطنية شاملة، الامر الذي يؤكد ان زمن المحاصصة “الاسود” ولى الى غير رجعة بحسب بعض المراقبين للشأن العراقي .
وقال الحكيم في احتفال اقيم بمكتبه الاربعاء في بغداد بذكرى ولادة الامام “على” ” مازلنا على قناعتنا في ان الحفاظ على العراق لا يتم بدون تصفير المشاكل القائمة واطلاق تسوية وطنية شاملة ، وليس المهم التسميات وانما المضمون ”
واستطرد بالقول ” فاذا كان البعض يرى ان يسميها تسوية مجتمعية فلتكن الخطوة الأولى في التسوية الوطنية ، ولقد حاول الكثيرون تجنب طرح مشروع التسوية الوطنية رغم ان الجميع في العمق يعلم انها البداية الوحيدة التي ستوصلنا الى بر الأمان”، داعيا الجميع “لادراك ان القادة الحقيقيين هم من يطرحوا المشاريع الكبرى بغض النظر عن جماهيريتها او الجدل الذي يثار حولها” .
واشار الى انه ” في المرحلة القادمة ستكون الأغلبية الوطنية هي الشراع الذي ستنطلق به سفينة العراق ، ونؤكد على دعمنا وتبنينا للأغلبية الوطنية وليست الأغلبية العددية “.
ولفت الحكيم الى ان” انتخابات ٢٠١٨ ستكون حساسة ومصيرية وان المرحلة التي سنمر بها قبل الانتخابات تفرض علينا التوحد خلف الأهداف والمبادئ الاستراتيجية وان لا تكون قضايا العراق المصيرية مادة انتخابية بين المتسابقين.”
رسائل قوية للشركاء في التحالف الوطني
كما وجه الحكيم رسائل قوية لشركائه في التحالف الوطني الحاكم محذراً من ان ” اطلاق الشعارات العدوانية المغرضة لا تعبر عن موقف سياسي بقدر تعبيرها عن حالة من قصر النظر السياسي ، كما ان ردات الفعل العنيفة وغير المنضبطة وخارج اطر الدولة تعبر عن حالة من الفوضى السياسية”.
ولفت الى ان ” مصير البلد ومستقبل الدولة يحتاج الى مواقف حاسمة لا نظرات ضيقة ومزايدات ومساومات وهواة سياسة”.
وتابع ” يجب ان لا تكون الحرية غير منضبطة وغير مسؤولة و الا كانت سبباً في خلق النزاعات وتفريق الصف الوطني والمجتمعي ، وعلى الجميع ان يدرك ان حريته تقف عند حدود حرية الاخرين وعدم المساس بكرامتهم ، ويجب احترام جميع القوى السياسية وأيضا احترام الدول الشقيقة والصديقة للعراق وخصوصا التي ساندت الشعب العراقي”.
ونوه السيد عمار الحكيم الى ان” التحالف الوطني قد حقق الحد الأدنى من الوحدة في الساحة الشيعية واستطاع ان يبني ويفعل مؤسساته في وقت قياسي” .
إعادة صياغة العلاقات بين بغداد والاقليم وتجديد الثقة بالبرزاني
اعرب الحكيم عن ثقته بـ “رئيس الاقليم مسعود بارزاني واخوته الاخرين من القيادات الكردية في الوصول الى مرحلة الاستقرار الداخلي
وتطرق الحليف الاستراتيجي للاكراد الى المشاكل التي تعترض مسار الوفاق بين بغداد واقليم كردستان مؤكدا في نفس الوقت على ان ” العلاقة بين الإقليم والمركز يجب ان تعاد صياغتها بطريقة اكثر واقعية ووطنية وبما يحفظ هيبة الحكومة الاتحادية التي نؤمن بها وأيضا حقوق الإقليم “، مبيناً ان ” التشنجات والاستفزازات والتحركات غير المدروسة لا تؤدي الى أي نتيجة ولكنها ستسبب الكثير من التأزيم غير المبرر”.
واوضح رئيس التحالف الوطني ان ” الشعب العراقي في الإقليم يعاني منذ مدة من مشكلة انقطاع الرواتب وتقليل الدعم وجمود الوضع الاقتصادي ومن المشاكل الداخلية التي يجب ان تحل بالوئام والتوافق والاستفادة من التجارب الكبيرة والصعبة التي مر بها الكرد على مدى عشرات السنين”.
واعرب الحكيم عن ثقته بـ “رئيس الاقليم مسعود بارزاني واخوته الاخرين من القيادات الكردية في الوصول الى مرحلة الاستقرار الداخلي ، والذي سينعكس على استقرار العلاقة بين المركز والاقليم وثقته بقيادات إقليم كردستان التي تتفهم ان بعض الخطوات غير المسؤولة لا تخدم الحقوق الكردية ولا تحمي اللحمة الوطنية العراقية”، داعيا الجميع الى ان يكونوا على قدر المسؤولية التاريخية وان يكونوا حريصين جدا على الابتعاد عن القرارات الشعبوية وغير المدروسة” ، عادا العلاقة بين المركز والاقليم والمحافظات ” اساسا لبناء العراق الاتحادي الديمقراطي الحر”.
اليوم نحن باذن الله على أبواب الانتصار الكبير
وفي استعراض لمسيرة رئاسته للتحالف الوطني وما رافقها من تحديات اشار الى ان ” اليوم نحن باذن الله على أبواب الانتصار الكبير ، وما كان لهذا الانتصار ان يتحقق لولا التوكل على الله والإرادة التي تملئ قلوب أبناء شعبنا”.
وقال ” لقد حاول الكثيرون ان يزرعوا الإحباط وكادوا في بعض المحطات ان يصلوا الى مرادهم ، ولكن شعبنا يمتلك روحية منتصرة وهمة عالية وتحمل كل الضغوطات وواجه التحديات وانتصر”.
وبين ” وقد قمنا بواجبنا منذ اللحظة الأولى لتكليفنا برئاسة التحالف من قبل اخوتنا قيادات التحالف ورغم معرفتنا المسبقة بأنها ستكون مهمة يشوبها الكثير من المعوقات والمعرقلات ولكن قناعتنا بالقيام بالواجب جعلتنا حريصين على التصدي والقيام بها ، واستطاع التحالف في وقت قياسي من تهدئة الكثير من عواصف السياسة وتقليل التدافع السياسي بين مكوناته وبين القوى الوطنية”.
وطالب عمار الحكيم قادة التحالف الوطني بالبدء بأجراءات اختيار رئاسته القادمة من الان”،موضحا “اننا ادينا واجبنا بما توفر لدينا من إمكانيات وتحملنا الكثير من المنغصات والتشويهات من اجل اخراج سفينة التحالف من حالة الركود وتوجيهها في المسار الصحيح ، واننا نقترب من انتهاء المدة المحددة للرئاسة الدورية للتحالف ،فليكن التحالف الوطني هو القدوة في عملية تبادل المواقع وتناوب الرئاسة من دون تأخير” .
العراقيين عانوا على ايدي الدكتاتور وطغيانه من السلاح الكيمياوي
وعلى خلفية جريمة القتل الجماعي في خان شيخون السورية عد عمار الحكيم استخدام أسلحة الدمار الشامل وقتل الأطفال بالغاز الكيمياوي “عملا اجراميا بشعا”، مذكرا بان ” العراقيين عانوا على ايدي الدكتاتور وطغيانه من هذا السلاح وهم اكثر شعوب المنطقة معرفة بحجم المعاناة التي يسببها استخدام مثل هذه ألاسلحة إلاجرامية التي لا تميز بين مقاتل وطفل”.
ودعا الى ” تشكيل لجنة تحقيق اممية لمعرفة المصدر الحقيقي لهذه الأسلحة والذين استخدموها كي لا يفلتوا من قبضة العدالة وسط فوضى الحرب القائمة”، مؤكدا ان ” ردات الفعل العنيفة وكيل الاتهامات المسبقة والبدأ بالاجراءات العقوبية دون تحقيق وتمحيص ستساهم في تعقيد الوضع السوري المعقد أصلا ، وان المهم هو التركيز على إيجاد حل سياسي يجنب الشعب السوري المزيد من الدماء والمعاناة”.