أتذكر انه بعد زيارة شعبان كان يتفقد الفقراء وزوجات الشهداء والمعتقلين والأيتام , وكان أهل الفاو النازحين لهم حصة من تخصيصات المرجعية آنذاك .. وتم اختياري أن أتفقد بعض فقراء أهل الفاو المقيمين في النجف الاشرف وليس جميعهم .. وكان يرسل لي مبلغا قدره (٤٥٠) أربعمائة وخمسون دينارا ..يأمرني أن اشتري لكل بيت فقير من أهل الفاو أو البصرة الذين اعرفهم كيس طحين من النوع الجيد قبل أيام شهر رمضان المبارك ..
كان سعر كيس الطحين من النوع الجيد (٢,٥٠٠) دينارين وخمسمائة فلس فكنت اشتري يوميا ثلاثين كيس طحين واضعها في عربة تجرها حيوانات وأدور على البيوت لأوزع ل١٢اثنا عشر بيتا .. استمر الحال لمدة عشرة أيام وأنا لم اصرف من المبلغ إلا ٣٠٠ دينار زائدا أجور العربنجي .. فكان الأمر يشق علي كثيرا خاصة أن بيوت بعضهم متباعدة , فأرسلت له خبرا إن الشهر سيدخل ولم ينتهي المبلغ عندي .. فأمر سماحته ان اشتري رز وسمن ومعجون طماطة وعدس وفاصوليا .. وفعلا صرفت المبلغ المتبقي خلال يومين .. تصورت إني أنجزت المهمة وسأخلد للراحة ,لكني فوجئت انه أرسل ٥٠٠ دينار مجددا لاستمر بتوزيع المواد التالية عليهم ...
عزيزي القاري الكريم كان سعركيلو المعجون ٢٤٠ فلسا والفاصوليا والعدس لا يزيد على ١٠٠- ١٢٠ فلسا .. والصابون بدرهم والشاي ب ٤٠٠ فلس والسكر ١٠٠ فلسا فكم يوما تستطيع ان تنفق المبلغ الكبير الذي أرسله رحمه الله .. كان التوزيع صعبا وفيه نوع من المجازفة بسبب خطورة الوضع الأمني وتحسس الرفاق , إلا انه شعور بلذة التواصل مع الفقراء وفرحتهم بالمواد الغذائية خلال شهر رمضان المبارك .. رحمك الله يا سيدنا الغالي وحشرك مع المتقين ..
الشيخ عبد الحافظ البغدادي