في الجانب الاخر تتحرك افعى داعش كما اكدنا سابقا نحو مدننا الامنة وعاصمتنا الحبيبة بهدف الانتقام من الابرياء وماحصل بالامس في جريمتي الكرادة وجسر الشهداء دليل واضح على عجز الاجهزة الاستخبارية في الكشف الاستباقي لهذه الجرائم.
في ٢٠٠٤ بدات قوات التحالف بالتعاون مع الحكومة بتشكيل مجلس امن وطني يضم ممثلي الاستخبارات المتنوعة وهناك اجتماع اسبوعي يناقش بعمق الاوضاع الامنية المتردية والهجمة الشرسة التي كان تنظيم القاعدة والبعثيون والحرس الجمهوري المنحل يقومون بها ضد الابرياء من ابناء شعبنا والنظام الوطني الجديد حيث تم تاسيس جهاز المخابرات الوطني ومستشارية الامن الوطني واستخبارات الدفاع والداخلية بامكانات متواضعة!.
وفي ذروة تصاعد العمليات الارهابية عام ٢٠٠٧ بدات قوات التحالف بالتعاون مع الحكومة العراقية ببناء الاجهزة الاستخبارية واعادة تنظيمها وتم تخصيص مبالغ مالية طائلة على مدى السنوات الماضية بغية بناء اجهزة امنية رصينة تكون قادرة على التعامل مع الارهاب الجديد باختراقه والتغلغل في صفوفه وتحقيق انتصار نوعي عليه في العراق من خلال كشف الجريمة قبل وقوعها.
لابد ان اشير ان هنالك نجاحات محدودة حققتها الاجهزة الامنية في مواجهة الارهاب خصوصا ارهاب العاصمة وماكشف مخابىء العديد من قادة الارهاب في ديالى والانبار وبغداد الا دليل على ذلك لكن بقيت تلك العمليات محدودة التاثير بسبب عمليات الاطاحة والازاحة والمحاصصة التي كانت تلعب دورا مهما في تطور وانكفاء تلك الاجهزة.
اتذكر ان مجلس الوزراء شهد نقاشا حامي الوطيس حول تخصيص مبالغ سرية لدعم وتطوير عمل الاجهزة الامنية بهدف ايجاد مصادر استخبارية في الداخل والخارج شان كل الاجهزة الامنية في العالم العربي كذلك تخصيص مبالغ لشراء اجهزة كشف متفجرات متطورة واجهزة انصات اما الذي حدث فهو ان المبالغ صرفت وتم التعاقد على شراء الاجهزة لكن الاجهزة التي تم استيرادها تحولت الى نكتة سمجة في الشارع العراقي بسبب غياب الكفاءة وخرافية العقود المبرمة!.
بقيت تلك الاجهزة المخابراتية والاستخبارية تستنزف الموازنة العامة بمئات الملايين من الدولارات دون فائدة وتاثير امني واستقرار في الشارع!.
لايمكنني تصور ان من يقف على راس تلك الاجهزة يبقى لسنوات طويلة من دون عقاب او حساب او احالة على التحقيق والمسائلة فيما النزيف مستمر والضحايا من ضحايا يولدون وهنا مربط الفرس اذ ان التعيينات اما انها تتم عن طريق الولاءات الحزبية والسياسية او الشخصية او المحاصصة الطائفية ولابد من الاشارة ان مستشارية الامن الوطني وجهاز المخابرات والاجهزة الامنية الاخرى في الدفاع والداخلية لم يعرضوا منذ عشر سنوات على مجلس النواب لتثبيتهم من عدمه فلماذا يستجوب الوزير ولايستوجب المستشار والمشرفون على الاجهزة الاستخبارية وهم قاعدة الامن في العراق..هذا سؤال برسم مجلس النواب.
نسال ايضا :
لماذا تبقى الهيئات المستقلة في خنادق التعيين بالوكالة بدءا من البنك المركزي مرورا بالنزاهة والاستثمار وهيئة الاتصالات والاعلام وشبكة الاعلام العراقي وهيئة الحج والزيارة الى اخر القائمة؟؟!.
هذه الاجراءات والسياسة المتبعة تدمر باستمرار بنية الدولة والغريب انني في زيارتي الاخيرة للسليمانية على هامش تقديم التعازي برحيل القائد الوطني الكبير نوشيروان مصطفى واجهني برلمانيون ..لماذا لاتتم محاسبة الوزراء ورؤوساء الاجهزة والهيئات المستقلة واستجوابهم في البرلمان من المعينين بالوكالة؟!.
هنا اوجه ندائي الى رئيس مجلس القضاء الاعلى والمدعي العام في البلاد الى تحمل المسؤولية الوطنية في معالجة هذا الخلل الذي يتسرب باستمرار الى بنية الدولة تهشيما وتهميشا.
عودا على بدء اقول..ان بقاء مسؤولي ورؤوساء الاجهزة الاستخبارية والامنية ومستشارية الامن الوطني وجهاز الامن الوطني في مناصبهم بعد كل الذي جرى ويجري من نزيف مستمر وازهاق للارواح وتدمير الممتلكات يعتبر اخلالا بهيبة الدولة وادارتها وافساد للقيمة الدستورية والموضوعية التي قام عليها النظام الوطني الجديد.