يعرف نوري المالكي جيداً دقائق الأمور عن تاريخ مشعان الجبوري وشخصيته وانغماسه في مهمات وضيعة، منذ أن كان مقرباً من عدي صدام حسين، وطوال فترة اقامته في سوريا حيث صار مكشوفاً أمام عيني المالكي فيرى سلوكه وما يقوم به، وكان يعرف أنه يحتكر تجارة الخمور (الويسكي) من تركيا الى مناطق نفوذ مسعود البارزاني.
يعرف نوري المالكي جيداً دقائق الأمور عن عزت الشابندر وتورطه في التسبب باستشهاد مجموعة من المجاهدين على رأسهم الصديق الشهيد البطل (رابح مرجان) ـ نشرت ذلك في مقال مستقل ـ ويعرف المالكي نشاطات عزت الشابندر المشبوهة وشراكته التجارية مع مشعان الجبوري في شركة (أجنحة الشام). كما يعرف أنهما اجتمعا على خط موحد هو خدمة من يدفع، ثم الانقلاب عليه حين يجدان من يدفع أكثر، ولا حدود لهذا السلوك، فمن يعرض نفسه على منصة البيع والشراء، يصبح سلعة متداولة بين الأيدي بحسب العرض والطلب.
...
مع دوران الأيام، كان الشريكان والصديقان المندمجان ببعضهما مشعان وعزت، يدوران معها، يستفيد أحدهما من هويته السنية والثاني من هويته الشيعية، فكان لهما مكاناً في جهتي العملية السياسية الطائفية.
ودارت الأيام فانقلب عزت الشابندر على إياد علاوي، حيث استأجره المالكي يستعين بخدماته، فالسلطة لها ضرورات تضيع فيها التقييمات ـ هذا هو حال العراق ـ بينما هرب مشعان الجبوري الى سوريا بعد أن انكشفت فساده المالي وسرقاته وصدر عليه حكم بالسجن، ومن دمشق صار مشعان صوت التنظيمات الارهابية والناطق باسم جماعات القاعدة من خلال قناته الزوراء، وكان يقدم دروساً في صناعة المتفجرات ليموت بدروسه عشرات العراقيين.
...
استغل عزت الشابندر استحقاقاته من المالكي، فهو أجيره والمدافع عنه على الفضائيات، وجعل من ذلك نفوذاً له على مصادر القوة والقرار في مؤسسات مهمة في الدولة منها القضاء وجهاز المخابرات العراقية، حيث كان يتحكم برئيس الجهاز السابق زهير الغرباوي. فحصل على موافقة المالكي بإعادة شريكه مشعان الجبوري الى العراق، ليكون أجيراً عنده هو الآخر، وتكفل عزت بأن يتولى بنفسه متابعة العملية كلها فتخرج البراءة سريعة من القضاء، وهو ما حصل بالفعل. وصار تاجر الخمور بريئاً خلال نصف ساعة وسقطت عنه الاحكام والتهم واحترقت ملفات الإدانة بالإرهاب والفساد.
ومع أن تاجر الخمور فاز بالبراءة المزورة، فان المالكي أنعم عليه بجمع كبير من أفراد الحماية ورتل من السيارات رباعية الدفع وبعدد من العجلات المزودة بأسلحة متوسطة.
ودارت الأيام دورتها، فذهبت السلطة من المالكي، وصار العبادي رئيساً للوزراء، وهنا انقلب عزت الشابندر على المالكي، وراح يسعى للتقرب الى العبادي يطرق بابه بإلحاح، لكن الباب لا تزال موصدة بوجهه. أما شريكه تاجر الخمور، مشعان الجبوري فقد لوث بدلة المقاتل حين ارتداها، وزج نفسه في صفوف الحشد الشعبي بادعاءات كاذبة عن اعداد وهمية من المقاتلين الفضائيين. ولأنه يحترف الخديعة والمكر والتقلب ومنح الولاء، فقد استطاع ان يكون أحد قادة الحشد الشعبي دافعاً بابنه (يزن الجبوري) ليتوغل بين صفوف قيادات الحشد، ويخدعهم بالحصول على ملايين الدولارات، ينهبها بعناوين مختلفة، لتنمو تجارته وتجارة أبيه، أليس الابن على سرّ أبيه؟
أكثر ما يثير الألم في هذه القضية، أن مشعان وابنه، يشوهان صورة الحشد الشعبي بتضحيات أبطاله الكبيرة، كما أنهما يسيئان لسمعة بعض رموز الحشد الشعبي الكبار، حيث يستغل (يزن) علاقته بهم ليوظفها في السرقة والابتزاز والفساد.
ليس مستبعداً أن نجد بعد فترة وجيزة أن بعض رموز الحشد الشعبي المعروفين ببطولاتهم ونزاهتهم وقد تلوثت أسماؤهم بتهم الفساد، فمثل يزن وابيه يجيدون التوريط والتشويه باحترافية عالية.
قضية تستدعي من الحريصين موقفاً عاجلاً.