لكي ينتشر دين الله عز وجل، إلى العالم أجمع بشكل صحيح، مع الحفاظ على الأمة من التشتت وإقامة نظام عادل، لا بد من وجود مرجع لها بعد رسول الله (ص)، وهذا المرجع لا بد أن تتوفر فيه الشروط الإلهية التي تجعله بمصافي الأنبياء والمرسلين، لذا؛ كان هناك إعداد الهي الإمام علي عليه السلام ، وهو إختبار للأمة الإسلامية، مع إنتهاء مرحلة من مراحل الدعوة الإسلامية وإنشاء نظام إسلامي، أعلن رسول الله (ص) عن رسالة الله عز وجل للأمة، بأن الإمام علي (ع) مكمل لرسالة رسول الله (ص) بأمر الله عز وجل، وهو الحق منه، وعلى الجميع إلامتثال لذلك،
حدث "بالفعل" لكن !، في البدء صدم أتباع الشيطان بذلك الأمر، جهز أتباعه للقضاء على وصية رسول الله (ص) بالالتفاف على أمر الله عز وجل، بجعل الأمة هي التي تختار حاكمها، مع العمل على حرف أنظار الأمة بعيدًا عن الإمام علي (ع)، هنا فقط حلت الكارثة بالمجتمع الإسلامي، ووضع خنجر مسموم بجسدها، و لا زلنا نعاني منه إلى يومنًا هذا، بعد مدة عادت الأمة إلى وعيها وطالبت بالرجوع إلى المرجعية التي أشار إليها رسول الله (ص).
تسلم الإمام علي عليه السلام، إدارة الدولة الإسلامية، وإعادتها إلى المسار الصحيح، لكن هذه الدولة "دولة العدل" التي أسسها الإمام، عانت من الهجمات الداخلية من جماعات لم تجد لها مصلحة بقيام تلك الدولة، وأن الأطراف المتخالفة، اجتمعت واتفقت وتحالفت على ضرورة إجهاض تلك الدولة وذلك النظام ( نظام العدل )، ففعلوا ما فعلوا، من أجل مصالحهم الشخصية والقبائلية…
السؤال المهم؛ هل كان المجتمع واعيًا لإنشاء تلك الدولة واستيعاب منهجيتها في إدارة شؤون المسلمين وغير المسلمين؟، الجواب كلا؛ لم يكن المجتمع مهيأ لتلك الدولة، والعقول لم تكن على مدى من الوعي الكافي، يضمن لها أن لا تقع بحبال الشيطان وجنوده، لذا؛ الإمام علي (ع) لم يستوعبه المكان والزمان، فكانت النتيجة النهائية هي مقتل الإمام (ع) وتدمير نظامه العادل ( وأن حقيقة من قتل الإمام (ع) ليس سيف إبن ملجم فقط، إنما جهل الناس الذين خذلوا دولة العدل، ونصروا دنانير الفاسدين ).
لم يكتفِ الشيطان وجنوده في الإطاحة بدولة( العدل )، إنما ذهبوا إلى تشويهها عبر تزيِف الحقائق ونسب التهم لها، ونسب الفضائل لغيرها، فكان المجتمع نائمًا إلى درجة مرعبة، إلى الحد الذي جعل من الظالمين يقومون بتزوير التاريخ وتحريف الإسلام، دون أي مقاومة تذكر !.
ونتيجة ذلك ما نراه اليوم ، من مصائب حلت على المسلمين ، هي ضريبة ابتعادهم عن المرجعية الإمام (علي بن أبي طالب عليه السلام)، نرى هذه الأمة مشتتة مذلولة لا رأي لها ولا قوة، مهمشة لا دور لها في صنع أي قرار مهما كان نوعه محليًا أو إقليميًا أو دوليًا، وهذه نتيجة طبيعية لتخليها عن مصدر قوتها وعزها.
حتى ذلك التاريخ المزيف الذي سرق فضائل ومناقب الإمام (ع)، ووهبها إلى أناس كانوا سببًا بدمار هذه الأمة، هو لعنة لا زالت الأمة تعاني منها.
حسب الإحصائيات بأن عدد المسلمين حول العالم يقدر بمليار ونصف المليار، لكن لا دور لهم ولا قوة، إلا ثلةٍ قليلة متمسكة بوصية رسول الله (ص) وبمرجعيتها التي أشار الرسول إليها بأمر الله عز وجل، هي التي تقاتل من أجل عز الإسلام، ولا تقبل بالذل أو أن تتخلى عن دينها، هم الذين يعملون بما أمر الله عز وجل، فتراهم قلوبهم كزبر الحديد وأصلب من ذلك ضد قوى الشيطان الأكبر، ورحماء بينهم، يعملون على التطور، لهم تاريخ وحاضر ومستقبل، لأنهم يرتكزون على مرجعية الإمام علي (عليه السلام).
عيد الغدير: هو يوم تذكير الأمة، بالرجوع إلى وصية رسول الله (ص)، ذلك الرجوع سيجعلها أمة عظيمة، لها اليد الطولى بصناعة القرارات العالمية وفرضها… لكن التعنت والتخاذل ونكران الحقيقة من قبل الأمة عبر منابرها التي أكثرها فاسدة، لا يعود عليهم إلا بالخزي والذل، أن تلك المنابر لم تكتفِ يومًا من نكران وصية رسول الله (ص) فقط، إنما لا زالت تشوه دولة العدل، وتحجب عن المجتمع دورها في تنمية وتطوير الأمة، اجتهدت تلك المنابر باطلًا، بأن مدة حكم الإمام (ع) كانت فترة انقسام وحروب فقط، كذبوا والله ؛ ما ازدهرت الأمة إلا في فترة الإمام (ع)، لم ترى العدل بعد رسول الله (ص) إلى بنهوض تلك الدولة، التي حاربت الفساد والفاسدين وأتباعهم، لكن في فترة لم يستوعب فيها المجتمع فكر الدولة، وقع بشباك أهل الفتن والمنافقين من أتباع الفاسدين… وهم جند من جنود الشيطان.
لذا؛ أن جميع الحروب التي خاضتها الأمة، هي حروب عبثية، لكونها لا تستند على أي شرعية ولا فكر، حتى تلك الأنظمة التي نشأت لم تكن شرعية، وتلك الفتوحات لم تكن إسلامية إنما كانت فتوحات قبلية، ولا زلنا نعاني منها…
جميع تلك الحروب وحروب اليوم، هي حروب ثانوية، الحرب الأساسية لا تكون إلا بعد رجوع الأمة إلى جادة الصواب، والتمسك بوصية رسول الله (ص) والعمل بها، يمكن الأمة من استيعاب نهوض دولة العدل من جديد، هنا ستكون الحرب الفاصلة بين الإيمان والعدل كله ضد الشيطان والشرك والمستكبرين والفاسدين، ولا يحدث ذلك إلى على يد إبن الإمام، وهو الإمام المهدي هذه الأمة (عجل الله فرجه الشريف).
إن عملية التمسك بالمرجعية، وإنتظار الفرج إنتظار عملي، يزيد من وعي المجتمع، ويحقق ركنًا من أركان دولة العدل الإلهي… لا مستقبل لنا إلا بالرجوع إلى وصية رسول الله (ص).