إذ يبدو ليّ بأن المراهنة على حكمة وحصافة ساستنا العظام هو ضربٌ من ضروب الخيال ووهم كبلت به عقولنا التي آن لها أنّ تستفيق وتعي ما يدور حولها، فإطلاق الحكومة العراقية سراح كبار أركان اللانظام المقبور وهم من عتاة وكبار المجرمين يعني بأن دمائنا لا قيمة لها، ويعني بأننا نؤّمن مصيرنا وأرواحنا وجراحاتنا بيد أناس من الممكن ومن اليسير جدا أن يرمو بنا إلى الجحيم بمجرد صفقة أو ربح مادي يزيد من مكاسبهم وغنائمهم وثرواتهم المدقعة بالسحت والحرام.
الصفقة المشبوهة والتي تمخض عنها إطلاق سراح كبار قادة النظام السابق جرت على مرأى ومسمع الجميع وبمباركة القضاء العراقي الذي بدأ يتنصل عن أدنى معايير الأخلاق والمهنية والحيادية بل وأصبح ألعوبة ومسخرة بيد (القائد الضرورة)، لذا فأن الصمت عن هكذا جريمة هو بمثابة الاشتراك بها، إذ لا تنفع لغات التبرير والتسويغ للقتلة وعتاة الإجرام فدمائنا لم تجف بعد وجراحاتنا مازالت نازفة وأيتامنا مازالوا بانتظار راتب شهري يعليهم لشراء كسرة خبز، افعلوا كلّ شيء في قاموسكم الملوث والمدنس بدمائنا ومأساتنا، فاوضوا اسرقوا اقفزوا على ثوابت دستوركم اعزلوا هذا واطردوا ذاك (كوشوا) على القضاء والوزارات والهيئات والمؤسسات، وإياكم ألف مرة أنّ تتاجروا بدمائنا وتسوغوا لمخالب البعث القذر أنّ تنهش بنا، فمقابرنا الجماعية ستثأر لنفسها وأهوارنا بانتظار رذاذ ثورتها البريئة وجياعنا اعدوا لأباذر مكان بينهم، لا تقفزوا على ثوابتنا واتركوا الوطن يقرر مصيره وارحلوا إلى الجحيم، فأرض العراق بدأت تتقيأ منكم، وكل شيء مباح في العراق إلاّ إطلاق سراح تُجار الدماء.
نقطة ضوء:
ما أعرفه هو أنّ الفعل الأخلاقي هو الذي تحس بعده بالراحة وغير الأخلاقي هو ما تحس بعده بعدم الراحة.
إرنست همنغواي
كاتب وصحفي أمريكي