يؤكد المسؤولون المعنيون على وجود ثلاثة اجهزة مستقلة ومختلفة سواءاً في العمل الميداني أو المستوى الاداري، لكنّها تتكامل في العمل من حيث وحدة الهدف المتمثل في مكافحة الفساد المالي والاداري:
١. دائرة المفتش العام في كل وزارة من الوزارات، ٢. ديوان الرقابة المالية، ٣. هيئة النزاهة، وهذه الهيئة تشكلت بعد سقوط السلطة السابقة حيث تتولى دائرة المفتش العام معالجة ومتابعة أيّة عمليّة فساد إداري في هذه الوزارة أو تلك من خلال الصلاحيات التي يتمتع بها المفتش العام وتنفذها المجالس الانضباطية في كلّ وزارة. اما ديوان الرقابة المالية فيتولى متابعة عمليات الفساد المالي في كافة الوزارات والمؤسسات التابعة لها والدوائر المتفرعة عنها، وتحال القضايا الجزائية الى هيئة النزاهة والتي تتولى التحقيق المستقل فيها ومن ثم احالتها الى السلطة القضائية حتى اكتساب الحكم القطعي.
ومع وجود هذه الاجهزة الفاعلة المستقلة وبهذه الصلاحيات تبقى عملية الفساد الاداري والمالي في تصاعد، حيث قدر المسؤولون في هيئة النزاهة الأموال المبددة إهمالاً او اختلاساً او تقصيراً بـ"١٦٠ مائة وستين" مليار دينار عراقي لم يوافق المسؤولون على احالة المقصرين الى القضاء. هذا عدا عن "سبعة مليارات" دينار عراقي تم اكتشاف التلاعب بها واستطاعت هيئة النزاهة اعادتها الى الوزارة المعنية.
ومع وجود هذه الارقام الخيالية.. وتعدد وتنوع قضايا الفساد المالي من عقود وهمية، وتعاطي رشاوي كبيرة، وتلاعب لجان التوظيف والتعيينات ولجان المشتريات، وعمليات وضع الاسماء الوهمية، والتزوير يظل عدد المحالين الى القضاء بهذه التهم لايتناسب مع سعة القضايا المذكورة، فيما تبقى الاحكام بسيطة ولا ترقى الى فداحة الجرم وخيانة الامانة وتبديد ونهب المال العام، ويتحمل القضاء تبعة حسم القضايا بما يناسبها من احكام حيث لا تمتلك هيئة النزاهة حق إصدار الاحكام او أوامر القاء القبض على المتهمين والمدانين، لقد كان للفوضى الادارية والمالية التي اعقبت عملية سقوط السلطة السابقة وما صاحبها من عمليات نهب وما رافقها من غياب للسلطة وضعف في تطبيق القرارات واضطراب الامن، والتهديد الذي يتعرض له العاملون المخلصون في مجال مطاردة المفسدين وضعف توفير الحماية لهم برغم ما تعرض له اعضاء ناشطون في هيئات الرقابة والنزاهة من خطف وقتل على يد الارهاب الذي يشكل الفساد المالي والاداري وجهاً آخر من وجوهه المتعددة. فكان لكلّ تلك الأسباب أثر كبير وواضح في استمرار ظاهرة الفساد هذه وعدم تمكن الاجهزة المختصة والهيئات الفاعلة من القضاء عليها أو تحجيمها، على اقل تقدير وهذا أضعف الإجراءات.