ربما يبدو ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي بجانب، والاكراد وقوى رئيسية من التحالف الوطني المؤلف من دولة القانون والائتلاف الوطني والقائمة العراقية بجانب اخر.
وقد تكون هناك اختلافات وخلافات في بعض المسائل التفصيلية كما هو الحال بين الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، وكما هو الحال مع كتل وشخصيات من القائمة العراقية، او من عموم المكون السني، وكما هو الحال بين بعض مكونات التحالف الوطني، ولكن في الاطار العام للصورة يرى ويلمس المتابع سواء عن كثب أو من بعيد إن المالكي وائتلافه (دولة القانون) يقفان أمام توجه سياسي تمثله عدة عناوين سياسية يراد منه كسر الجمود ووضع حد لحالة الدوران المتواصل في حلقة مفرغة.
زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر أمهل رئيس الوزراء مدة اسبوعين لتنفيذ اتفاقية اربيل، والا فأنه سيواجه خيار سحب الثقة منه، وكان الصدر قد بعث برسالة الى رئيس التحالف الوطني (ابراهيم الجعفري) تتضمن سقفا زمنيا مدته أسبوعين لتنفيذ اتفاقيات اربيل، يتم بعدها سحب الثقة من المالكي.
وكان عضو التحالف الكردستاني (شوان محمد طه ) قد اشار الى "ان رسالة الصدر انما هي جزء مما تم الاتفاق عليه في اجتماع اربيل الاخير" الذي شارك فيه الى جانب مقتدى الصدر، جلال الطالباني ومسعود البارزاني واياد علاوي واسامة النجيفيي.
وفيما بعد قال الصدر في رده على سؤال لأحد أتباعه عن حقيقة ان ذهابه الى اربيل هو اضعاف للتشيع "اوجه للاخ المالكي الذي جعل من حفظ التشيع هدفا له، ان حفظ التشيع لايكون الا بحفظ العراق، وحفظ العراق لايكون الا بحفظ اطيافه، لابحفظ اطراف حكومته".
اما كتلة المواطن التابعة للمجلس الاعلى الاسلامي (٢١ مقعدا في مجلس النواب) فقد اعتبرت ان ورقة الاصلاح التي تقدم بها التيار الصدري في اجتماع اربيل الاخير بمثابة التصحيح للاوضاع بعد ان انحرفت العملية السياسية الى اتجاهات خطيرة.
وفي هذا الصدد يشير النائب فرات الشرع الى "ان ورقة الاصلاح ليست التفافات او تكتلات جديدة، بل انها شخصت الاخطاء الموجودة داخل العملية السياسية خصوصا تلك الارتباكات التي حصلت مؤخرا داخل التحالف".
ويرى المتحدث بأسم المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الشيخ حميد معله الساعدي الذي زار ضمن وفد من المجلس الاعلى الهيئة السياسية للتيار الصدري قبل عدة ايام "انه لابد ان تكون هناك اليات لتنفيذ ورقة الاصلاح".
ومع ان اطرافا من التحالف الوطني لم تفصح عن مواقف واضحة لها حيال تفاعلات الازمة السياسية، مثل كتلة الفضيلة وحزب المؤتمر الوطني، الا انها على ما يبدو لها تحفظاتها واعتراضاتها ومؤاخذاتها، وتنقل مصادر مقربة من اجواء اجتماعات التحالف والوطني، جانبا من طبيعة النقاشات المحتدمة بين مكوناته.
والاكراد الى جانب القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي اثروا تأجيل اجتماع ثان للقادة السياسيين دعا اليه رئيس اقليم كردستان، وكان مقررا عقده يوم الاثنين الماضي، بأنتظار ما تسفر عنه مهلة الصدر للمالكي من نتائج ومعطيات على الارض.
وبينما تتبلور وتنضج فكرة سحب الثقة عن الحكومة، وهذا مايمكن ان يشخصه المراقب لمسارات وتفاعلات "الازمة المزمنة"، يرى ائتلاف دولة القانون ان هذا الخيار مستبعد في هذه المرحلة الى حد كبير ، وبهذا الصدد يشير النائب عن دولة القانون احسان العوادي الى انه "ليس هناك امكانية واقعية لسحب الثقة من المالكي، وان مايجري الحديث عنه هو مجرد تمنيات لبعض الكتل" وانه والكلام للعوادي "في اسوأ الاحتمالات ، وحتى لو سحبت الثقة، فأن المالكي سيبقى رئيس حكومة تصريف اعمال للفترة المتبقية، وذلك لصعوبة التوافق على تشكيل حكومة بديلة اوحتى اجراء انتخابات مبكرة لان كل شيء غير جاهز، بما في ذلك المفوضية العليا المستقلة للانتخابات".
وكان القيادي في حزب الدعوة الاسلامية وعضو ائتلاف دولة القانون حسن السنيد قد اعتبر في تصريحات صحففية قبل ايام قلائل ان الخيار الافضل يتمثل بأجراء انتخابات برلمانية مبكرة، وبدت هذه الدعوة من السنيد غريبة، وخارج سياق المواقف المألوفة لدولة القانون عموما وحزب الدعوة على وجه الخصوص، وهي على الارجح لم تكن زلة لسان بقدر ما جاءت ضمن التكتيكات لامتصاص ردود الافعال الحادة والمتصاعدة ضد حكومة المالكي وحزب الدعوة.
ومن الواضح جدا ان كل الخيارات المطروحة صعبة للغاية وكل منها يصطدم بجملة معوقات وعراقيل سياسية وفنية، وان الذين يسعون الى سحب الثقة عن المالكي او اجراء انتخابات برلمانية مبكرة، ربما يفتقرون حتى الان الى تصورات ورؤى توافقية حول التفاصيل والجزئيات، في ذات الوقت فأن المالكي لم يطرح ما هو مقنع ومقبول لحلحة-او حل- الازمة، وانه وائتلافه البرلماني وحزبه يراهنون على عدم توافق الخصوم، وهذه مراهنة قد تكون مجدية على المدى القريب، بيد انها ليست كذلك على المدى البعيد.