العراقيون جميعاً وبشكل خاص ومحدد النجفيون جماهيراً وحكومة محلية ومؤسسات دينية ومؤسسات مجتمع مدني يتحملون خطأ تأريخياً فادحاً بتفريطهم بفرصة وحدث تسعى شعوب العالم باذلة الجهود والاموال من أجل تحقيقه. النجف تستحق قبل سنين بل قبل قرون أنّ تكون عاصمة للثقافة الاسلاميّة، تستحق بجدارة واقتدار.. وشرف كبير للثقافة الاسلاميّة وروادها وأفذاذها وعشاقها أنّ تكون نجف الأولياء والشهداء والصديقين عاصمة لهم وأنفاس سيّد الوصيين تبارك روائعهم وإبداعهم الفكري العلمي والأدبي والفني. لكنّ حكومات الجور والحقد الطائفي حالت دون ذلك وأصرت على تهميش هذه المدينة المشرفة وطمس معالمها الدينية والحضارية والتأريخية والثقافيّة وخنقها إقتصادياً ومعاشياً وخدمياً وغلقها بوجه المفكرين العرب والاجانب لمنعهم من الإتصال باعلامها الاعلام والتواصل مع صروحها الضاربة في عمق الحضارة الانسانيّة.
لقد كان الاجدر بالنجفيين وفي مقدمتهم مجلس المحافظة اختيار كفاءات وخبرات مخلصة للأشراف على تنفيذ هذا المشروع الحيوي والاستعانة بخبرات أجنبية لها باع طويل في هذا المجال وتشكيل لجان رقابية وإدارية ومالية موثوقة من مختلف الاختصاصات لمتابعة متطلبات العمل خطوة بخطوة، لكنّ شيئاً من هذا لم يحصل، فقد تم التعامل مع المشروع وكأنه إعداد لمؤتمر أو مهرجان شعري وتركت الأموال المخصصة تتسرب من يدٍ فاسدة الى اخرى أفسد، حتّى وصل الامر الى صرف بعضها في شؤون عسكرية حسب إدعاءات البعض وتبديد الباقي في مشاريع وهمية على أساس إنها تكميلية، ثم لتنتهي النتيجة الى إعلان إفلاس المشروع. حتّى تعالت الأصوات بسحب ما تبقى من أموال وتأجيل المشروع الذي بدت بوادر الفشل عليه من اولى الخطوات نتيجة فداحة الفساد المالي الذي دب في أوصاله، والنجفيون يتحملون الوزر الاكبر فقد اظهروا للعالم انهم ليسوا بمستوى الحدث ويجهلون مكانتهم وعظمة مدينتهم في نظر العالم .لاشك ان الفشل وحتى التأجيل يسر الكثيرين وهناك أصوات تعالت بجعل سامراء عاصمة للثقافة الاسلامية كحل بديل، ومع ان كل مدن العراق مقدسة ويليق بها الاختيار إلاّ أنّ النجف تظل مربض الآباء وتظل باقي المدن معاقل الأحفاد.