العصر الجاهلي
معنى الجاهلية
تطلق كلمة « الجاهلية » على أحوال العرب قبل الإسلام لانتشار الوثنيّة والعداوات وقد ذكر القرآن الكريم كلمة « الجاهلية » في قوله تعالى :
( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْم يُوقِنُونَ ) وبعض المستشرقين يحدّدونها بقولهم:
«تطلق كلمة الجاهلية على الفترة التي خلت من الرسل بين الرسولين العظيمين السيّد المسيح الرسول الأعظم (عليهما السلام) »
والشعر عند العرب قديم ولكن الذي وصل إلينا هو ما قيل في العصر الجاهلي، ومما يدل على قِدَم الشعر قول امرىء القيس:
عُوجَا على الطّلَلِ المُحيلِ لَعَلَّنَا
نَبْكِي الدِّيَارَ كَمَا بَكَى ابنُ حِذَامِ
فبكاء الديار في زمن امرىء القيس ليس جديداً فقد بكاها شعراء قبله منهم ابن حذام الذي لم يصل إلينا من شعره شيء .
ومواطن نشأة الشعر الجاهلي بلاد نجد والحجاز وما حولها ومن خلال تتبعنا لنشأة الشعر يظهر لنا أن امرأ القيس هو رائد الشعر الجاهلي، لأن شعره هو أول شعر قوي مكتمل يتناقله الرواة .
كان للشعر اهمية كبيرة عند العرب يقول ابن سلام: \"وكان الشعر في الجَاهلية عند العرب ديوان علمهم ومنتهى حكمهم به يأخذون وإليه يصيرون\"
********************
ابرز أغراض الشعر الجاهلي:
ـ الوصف: حين يستغرق بوصف ما حوله شاملا للكائنات الحية والجماد.
ـ الهجاء: لكثرة االحروب وانتشار الغزو والصراعات فيذكر عيوب الاخرين .
ـ المدح: للشكر والتكسّب.
ـ الغزل: بذكر المرأة والتودد لها وحبها.
ـ الفخر: يفتخر بنفسه وبقومه من خلال نسبهم وصفاتهم
ـ ذكر الأطلال: الوقوف والبكاء على الديار.
ـ ذكر الأساطير والخرافات: أساطير متنوعة عند القبائل.
********************
تصنيف للشعراء الجاهليين: يصنف كثير من الباحثين الشعراء الجاهليين الى اصناف:
١ ـ شعراء الفرسان:
شاعر القبيلة هو لسانها الناطق خصوصا اذا كان مع الشعر الفروسية ومن هؤلاء الشعراء:
(حاتم الطائي, الـمُهَلهَل, الفند الزماني )
( نموذج للاطلاع ) الفنْدُ الزّماني توفّي سنة ٩٢ق. هـ.
هو شهل بن شيبان، أحد فرسان ربيعة المشهورين فشعره قليل وسهل وعذب ومعظمه في الحماسة التي لا تخلو من الحكمة ومن شعره في حرب البسوس:
صفحنا عن بني ذهل وقلنا القوم إخوانُ
عسى الأيّام أن يرجعن أقواماً كما كانُوا
فلمّا صرح الشرّ وأمسى وهو عريانُ
ولمْ يَبْقَ سوى العدوان دِنّا لهم كما دانُوا
وفي الشرّ نجاةٌ حين لا يُنجيك إحسان
٢ ـ شعراء الصعاليك:
جماعة من شواذّ العرب شغلهم بالغارات على البدو والحضر لذلك ويتصفون بالشجاعة وكان عروة بن الورد سيّد الصعاليك الذي يلجئون إليه ليجدوا مأوى ومنهم:
(تأبّط شرّاً, الشنفري الأردي, عروة بن الورد )
(نموذج للاطلاع) تأبّط شرّاً توفي عام ٥٣٠ للميلاد
هو ثابت بن جابر وسبب لقبه أنّه أخذ ذات يوم سيفاً تحت إبطه فقيل تباط شرا وخرج وكان حادّ البصر والسمع يلحق بالخيل ويغزو على رجليه ومات قتيلاً وأكثر شعره في الحماسة والفخر ومن شعره في الفخر:
يا عبدُ ما لَكَ من شوق وإيراق وَمَرِّ طيف على الأهوالِ طَرَّاقِ
لا شيء أسرع منّي ليس ذا عُذرَ وذا جَناح بجنب الرَيْد خَفّاقِ
٣ ـ شعراء آخرون:
متنوعون من مختلف مدن الجزيرة العربية.
********************
المعلّقات
تعد المعلّقات في المقام الرفيع بين قصائد الجاهلية فهي قصائد طوال تعتبر من أجود ما وردنا من الشعر الجاهلي قيل أنّها سبع قصائد وقيل عشر كتبت بماء الذهب وعلّقت على أستار الكعبة وسمّيت بالمعلّقات وبالمذهّبات وبالسبع الطوال وقيل لأنها سريعة التعلّق في أذهان الناس فحفظوها.
شعراء المعلّقات:
١ـ امرؤ القيس: الملك الضليل، من أفضل الشعراء، توفّي سنة٥٤٠م.
٢ـ طرفة بن العبد: اشتهر بالغزل والهجاء، توفّي سنة ٥٦٩م.
٣ـ الحارث بن حلزة: اشتهر بالفخر، توفّي سنة ٥٨٠م.
٤ـ عمرو بن كلثوم: اشتهر بالفخر، توفّي سنة ٦٠٠م.
٥ـ علقمة الفحل: كان شاعراً بدوياً، توفّي سنة ٦٠٣م.
٦ـ النابغة الذبياني: زعيم شعراء سوق عكاظ توفّي سنة ٦٠٤م.
٧ـ عنترة بن شدّاد: أشتهر بالغزل والحماسة، توفّي سنة ٦١٥م.
٨ ـ زهير بن أبي سُلمى: اشتهر بالعفة والحكمةً توفّي سنة ٦٢٧م.
٩ ـ الأعشى الأكبر (أعشى القيس) شاعر متكمكن توفّي سنة ٦٢٩م.
١٠ـ لبيد بن ربيعة: الوحيد الذي أسلم،
قال رسول الله( ص ): أصدق كلمة قالتها العرب كلمة لبيد:
ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل وكلّ نعيم لا محالة زائل
فاستدرك رسول الله( صلى الله عليه وآله ) وقال: إلاّ نعيم الآخرة.
(نموذج للاطلاع) امرؤ القيس
هو أبو الحارث جندج بن حجر الكندي أمه أخت المُهَلهَل وكليب ولد في نجد سنة ٥٠٠ ميلادي طرده أبوه فسمّي بالأمير الطريد فتنقل بين أحياء العرب فلقّب بالملك الضّليل كان شاعرا وجدانيا وله المنزلة الأولى بين الشعراء الجاهليّين عندما سمع بمقتل أبيه قال: « ضيّعني أبي صغيراً، وحمّلني دمه كبيراً »، فودّع اللهو والترف وتفرغ للمطالبة بالثأر .
وأصيب بداء الجدري ففارق الحياة ومن نماذج اشعاره:
قِفا نبكِ مِنْ ذكرى حبيب ومنزل ِبِسِقْطِ اللوى بين الدخول فحومل
وَقَفْتُ بِها حَتَّى إذا ما تَرَدَّدَتْ عَمايَةُ مَحْزُون بِشَوْق مُوكَّلِ
ويجمع امرؤ القيس في غزله بين العتاب والرجاء والذلّة والعزّة كما في قوله:
أفاطم مهلاً بعد هذا التَّدلّل وإن كنت قد أزمعتِ صرمي فأجملي
أعزّكِ منّي أنّ حبكِ قاتلي وأنّك مهما تأمري القلبَ يفعلِ
ومن لطيف ما روي: فقد روى ابن أبي الحديد عن أمالي ابن دريد قال : كان عليّ ابن أبي طالب (عليه السلام) يعشّي الناس في شهر رمضان باللحم ولا يتعشّى معهم ، فإذا فرغوا خطبهم ووعظهم ، فأفاضوا ليلة في الشعراء وهم على عشائهم فلمّا فرغوا خطبهم وقال في خطبته : اعلموا أنّ ملاك أمركم الدين ، وعصمتكم التقوى ، وزينتكم الأدب ، وحصون أعراضكم الحلم ، ثمّ قال : قل يا أبا الأسود فيما كنتم تفيضون فيه ، أيّ الشعراء أشعر ؟ فقال : يا أمير المؤمنين الذي يقول : ولقد أغتدي يدافع ركبتي ... البيتين ، يعني أبا داود الأيادي ، فقال (عليه السلام) : ليس به ، قالوا : فمن يا أمير المؤمنين ؟
فذكر امرئ القيس
كتب المؤرخون ديوانه باللاّتينيّة والألمانية
( نموذج للاطلاع )عنترة بن شدّاد العبسي
أحد فرسان العرب و يضرب به المثل في الشجاعة وُلد عنترة في نجد سنة ٥٢٥م واشتهر بالفخر والحماسة والغزل العفيف والمدح والرثاء ومن آثاره ديوان شعره الذي يحتوي حوالي ١٥٠٠ بيت وفي معلّقته البالغة ٧٩ بيتاً وصف جميل بين الحبّ والحرب والتي مطلعها:
هل غادر الشعراء من مُتردّمِ أم هل عَرَفْتَ الدار بعد توهُّمِ
ولقد ذكرتك والرماح نواهلٌ مني وبيض الهِنْدِ تقطُرُ من دمي
فوددتُ تقبيلَ السيوف لأنّها لَمَعَتْ كبارقِ ثغركِ المُتَبَسِّمِ