تتحدث هذه الآية الكريمة عن مبدأ التوازن في السلوك الإنساني ، واحترام الحقوق المادية والغريزية للجسم والعناية به والاهتمام بشؤون الحياة كافة ، كما تدعو إلى التفكير والعمل من اجل عالم البقاء والخلود . أن الإنسان كما خلقه الله وحدة حياتية متكاملة متناسقة من الغرائز والعقل والإرادة العواطف والمشاعر ، وان التربية السليمة هي التربية التي تراعي التكوين الإنساني بعناصره المادية والجسمانية والعقلية والنفسية وتهتم بربطه بعالم الآخرة.. لئلا يحدث الانفصام بين القيم الروحية والجسدية ، ويحدث الاختلال في توازن الشخصية ، وقد رفض الإسلام الرهبانية وحرمان الجسد ، ودعا في العديد من أحكامه وتشريعاته إلى رعايته والعناية به . والإسلام دعا لإعطاء الجسم حقه من الشراب والطعام واللباس والسكن والعلاج والجنس .... الخ بدلالة الآية الكريمة أعلاه وآيات تفصيلية أخرى .
واعتبرها ضرورات حياته يجب توفيرها للإنسان .
ولذا فان التربية الإسلامية تسعى لتركيز هذه المفاهيم في عقل الطفل ونفسه ، وان الأباء يتحملون مسؤولية العناية الجسدية بأبنائهم . لذا تبدأ عناية الإسلام الجسدية بالطفل وهو نطفة في بطن أمه ، فقد حثت التوجيهات الإسلامية المرأة الحامل على تناول أنواع الأطعمة ليكون الطفل سوي الخلقة ، متكاملا ، جميل الصورة و ترعاها العناية الإلهية
كما حرمت الشريعة الإسلامية كل ما من شأنه أن يضر بالحمل ، ف ( ل اضرر ولا ضرار) كما جاء في الحديث النبوي الشريف ، وذلك يدعو الأم الحامل في هذا العصر إلى التأكيد من تناول بعض الأدوية وعقاقير منع الحمل التي كثيرا ما تسبب تشويه الطفل والجناية عليه جسديا ونفسيا ، فالأضرار به وتشويه خلقته عمل محرم ومسؤولية شرعية وحين يولد الطفل تبدأ مسؤولية الاباء الشرعية بالعناية به وحمايته من أمراض الطفولة . فالكثير من الأباء يتساهل في توفير الوقاية الصحية ..أو يهمل بعض الحالات المرضية التي تنتاب ..فتتطور إلى مرض عضال يصعب بعد ذلك علاجه .. والأب مسؤول مسؤولية عن وقاية أبنائه من الأمراض والحفاظ على صحتهم بتوفير الغذاء والدواء اللازم لهم .. ولا يعذر ألا العاجز عن توفير ذلك من عنده .. أو من خلال مــؤسسات الدولة المختصة بشؤون الطفل والآباء مسؤولين للمتابعة .
وينبغي للآباء أن يعودوا الطفل العادات الصحية السليمة إلى حث الإسلام على الاهتمام بها .. كتربيته على عدم الإسراف في تناول الطعام والشراب واللباس والأنفاق المادي الذي نهى الله عنه بقوله : ﴿ يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين﴾ ٣١ المائدة
ومما ينبغي تدريب الطفل عليه بالنظافة الجسدية ونظافة اللباس والبيت والمحيط والاناقة في اللباس والطعام قال تعالى : ﴿ مايريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن الله يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون ﴾٦ المائدة
﴿ قل من حرم زينة الله التي أخرج لعبادة والطيبات من الرزق قل هي للذين أمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون﴾٣٢ المائدة
والاسلام دين القوة والفتوة ..لذا أمر المسلمين أن يوفروا كل وسائل القوة والأعداد الجسدي بقوله تعالى : ﴿ واعدوا لهم ما استطعتم من قوة....﴾ من هنا كانت تربية الطفل على الاهتمام بالرياضة البدنية وزرع روح الفتوة والقوة في نفسه مبدأ أساسا من مبادئ إعداد الأجيال مع حكمة الأخلاق والتصرف .. وبناء الأمة وبالإضافة الى ذلك فان روح القوة والفتوة لها الأثر البالغ في رعاية صحة الطفل والنا شئ .. وتنمية شخصيته ، والحفاظ على ثقته بنفسه لمواجهة الصعاب . وقد جاء الحث النبوي الكريم على التربية البدنية بقوله (ص) : (علموا أولادكم السباحة والرماية) و مما يتسامى بالاهتمام الرياضي والتربية البدنية هو السيرة العلمية للرسول الكريم محمد (ص) فقد كان الرسول فتى فارسا مقاتلا ..بل وكان يدخل في عمليات سباق الخيل ، فكان يكسب الجولة ويتفوق في غالب الأحيان كما خسرت ناقته إحدى جولات السباق التي دخل فيها. وكان (ص) يجري السباق بين أصحابه ، ويضع الجوائز للفائزين تشجيعا منه لروح القوة والرياضة والفتوة . وصارع ركانة الذي كان معروفا بالقوة والغلبة فصرعه الرسول وغلبه. والنوم هو أحد العناصر الأساسية في حياة الإنسان الجسدية والعقلية والنفسية والحفاظ على الوقت والراحة ..وتدريب الطفل على النوم المبكر والاستيقاظ المبكر من أهم عناصر تربيته على رعاية الصحة الجسدية والنفسية ..وكيفية استفادته من الوقت ..و صدق تربيته وتحسيسه بان للجسد أركان ..تتوجب الالتزام بها لقوله تعالى في سورة الإنعام ١٥٨ : ﴿قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم﴾ وفي سورة الأعراف ٣٣ : ﴿ قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن﴾ وكما ينبغي تدريب الأبناء على العادات الصحية الجيدة وتنشئتهم عليها يجب أيضا نهيهم عن تناول المحرمات وممارسة العادات الجسدية المحرمة ، وتدريبهم على ترك العادات السيئة والمكروهة .
ومما يبعث على القلق والخوف على مستقبل الجيل المسلم والأجيال المتعايشه معنا لتنفيذ الرسالة الإلهية لبناء الفرد والمجتمع والموازنة بين حقوق الفرد والجماعة ..لذا فان مسؤولية الآباء تكون صعبة وخطيرة لحماية الناشئين والمراهقين من السقوط ..! من دون دعم الدولة ومؤسستها والأجرات الوقائية هي التربية الإيمانية وتعميق الأخلاق الإسلامية وبيان خطورة مضار الأعمال المحرمة والممارسات المحرمة .. وما تنتجه من أمراض وسقوط اجتماعي ..وواجب الأسرة أبعاد هم من أصدقاء السوء ومراقبة سلوكهم بصورة مستمرة .. واستخدام العقاب الأدبي عند الحاجة للردع عن الوقوع في الهاوية .. الفت نظركم ان من العادات الضارة التي لايهتم الأباء بردع أبنائهم عنها هي عادة التدخين التي غدت وبالا على الصحة والاقتصاد .. والتدخين له دوافعه النفسية عند الصبي والمراهق ... وبإمكان الأباء ردع أبنائهم عن تلك العادة بالتوعية والمنع وحسن التوجيه النفسي الذي يشعر المراهق باحترام شخصيته أمام الكبار. والمجتمع الصالح ينتج أفرادا صالحين ،والمجتمع المنحرف ينتج أفرادا منحرفين .. فالإنسان يتقلى الكثير من أفكاره وسلوكه وعاداته وآدابه من مجتمعه .لذا اهتم الإسلام بتكوين البيئة الاجتماعية الصالحة ، و أوجب فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لإصلاح الوضع الاجتماعي بقول الله تعالى : ﴿ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ﴾ ١٠٤ المائدة
وان مسؤولية الأباء والمربين تدعوهم إلى تربية الطفل تربية اجتماعية ، ليكون فردا اجتماعيا ناجحا في علاقاته الاجتماعية ومشاركا في بناء المجتمع وتصحيح السلوك الاجتماعي . وان المنطلق الأساس للعلاقات الاجتماعية يبدأ من الحياة الأسرية والعلاقة بأفراد الأسرة .فتدريب الطفل على التعامل السوي مع إخوانه الصغار والذين يكبرونه بالسن ، هو بداية لتكوين أنماط العلاقة الاجتماعية ..فتدريبه على علاقة الحب والاحترام والإيثار والتعاون مع أخواته يربي في نفسه روح التعامل الاجتماعي وينقذه من الفردية والأنانية ..... أن حثه على العناية بأخيه أو إعطاءه شيئا من نفوذه .ورد هذا التوجيه عن الإمام محمد الباقر (رض) في قوله لأحد أصحابه : (أسترضع لولدك بلبن الحسان ، وإياك والقباح ،فان اللبن قد يعدي) وان ربيته كما تكون الحكمة والدعاء المأثور عن أئمة أهل البيت (رضوان الله عليهم) التربية القيادية وتركيز مفاهيمها فقد جاء فيه( اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة) فمن هذه المفاهيم نجد أن الإسلام يريد أن يعد أمة قائدة رائدة في طريق الخير..وان كانت تربيتك يا عزيزي السائل على هذا الغرار الذي أمرنا .. فلا خوف عليهم .. وإلا العيب في الأصل .
المحب المربي سيد صباح بهبهاني