احجمت كثيرا لا خوفا ولا رهبا وتوقفت عن كتابة المقالات بخصوص وضعنا في العراق وجلست اراقب الاحداث والمستجدات وخصوصا على الساحة السياسية المتعثرة !! وأثارت حفيظتي آيات من كتاب الله عز وجل قرأتها بعمق وتدبرت معانيها مليا ثم ربطتها بالواقع الذي يعيشه بعض السياسيين العراقيين وهم في غفلة خانقة لا يشعرون بخطرها وشررها وقد بدأت المخططات تتوضح معالمها وتغزل خيوطها وتعبئا اطرافها والسياسيون في غفلة ساهون وعن الشعب معرضون والى جيوبهم ومصالحهم راغبون حيث قال تعالى (وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ) هذه كلمات قرآنية تتحدث عن اقوام اهلكهم الله تعالى وجاء قوم اخرون سكنوا في مساكن الذين ظلموا فحذرهم الله من العاقبة نفسها وكأن الله عز وجل يقول قد رأيتم وبلغكم ما حلّ بالقوم الذين قبلكم بسبب اعمالهم فلماذا لم يكن لكم فيها معتبر! ولم يكن فيما اوقعنا بهم مزدجر ! وكلنا عشنا هذه اللحظات لحظات يوم ان سقط نظام البعث وانهزم رجاله وانزووا عن الانظار وهووا كما تهوى الطائرة وهي تطير بارتفاع خمس وثلاثين الف قدم .. وإذا بها تهوي بثوان سريعة وأصبح ذلك النظام وآلته العسكرية والفكرية والقمعية هشيما تذروه الرياح وجاء العراقيون من اصقاع الأرض وبعضهم كان داخل العراق وابتدأت مرحلة جديدة من تاريخ العراق اسمها العراق الجديد او عراق ما بعد صدام ولن اخوض بالذي حدث خلال هذه الفترة الماضية( اي بعد٢٠٠٣ ) ففيها الخير وهو كثير وفيها دون ذلك وهو مؤلم عسير ولكن سوف اقف عند العاقبة فالأمور بعواقبها والأعمال بخواتيمها.
باعتبار اننا اليوم على اعتاب مرحلة جديدة سوف يتأثر بها العراق سلبا وإيجابا وفق متغيرات سريعة وخطيرة اقليمية ودولية اهمها ما يحدث على اسوار الشام ومن المؤكد ان احداث سوريا تُلقي بظلالها على وضع العراق ولكن السوأل كيف نحمي عراقنا؟ وكيف نحمي منجزاتنا ؟وكيف نحمي شعبنا؟ من الانزلاق بحرب طائفية لا تبقي ولا تذر وسوف تحرق الاخضر واليابس وتحوله شذر مذر
خاصة ونحن نسمع ونرى اصوات الطائفية البغيضة بدأ يعلو من أناس يتاجرون بدماء الابرياء وكأن الأمر لا يعنينا بل نسمع الكثير الكثير من أصوات وأجراس يقرعها رجال العراق المخلصين في اذن بعض المسؤولين لكنهم نائمون غافلون دون انتباه!!! فهذه الصيحات التي يُطلقها الشرفاء تأتي من باب حرصهم على وحدة العراق وسلامة شعبه من ان تراق دمائهم على ايد مجاميع مسعورة لا تعرف إلا لغة العنف والدماء والكيس الفطن من اتعظ بغيره لا بنفسه! ولكن دون سماع لتلك الصرخات الوطنية يوقعنا في مشاكل انسانية وفي المقابل نحن امام استعدادات كبيرة وخطيرة لأجل الإطاحة بكل ما هو جديد وإعادة العراق الى مربع الصراع الدموي الطائفي البغيض.
فماذا فعلنا لهذا اليوم ؟؟؟ وبعضهم معذورا يسكن في مساكن الذين ظلموا انفسهم وقد رأينا كيف اخرجهم غضب الله وقدره من مساكنهم وتركوا المال والذهب والهدايا والأسرار في داخل تلك المساكن حتى الأموال التي سرقوها لم يستطيعوا ان يخرجوا بعضها فلماذا لا يتعظ السياسيون من سنن الله الكونية فسنن الله لا تتغير ويمكننا الان ان نباشر في الاصلاح وإخلاص العمل للوطن والشعب وإعطاء الحقوق لأهلها واحترام حرية الانسان ومحاربة الفساد وعدم القفز على المال العام وحرمة التجاوز على الاخرين وتنفيذ العدالة بين المجتمع العراقي ونبذ الطائفية والقومية والحزبية من تصرفات بعض المسؤولين وإلا فسوف يحدث بهم كما حدث بغيرهم وصدق الله اذ يقول (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) فالفرصة امامهم كي يغيروا وينصفوا الشعب والوطن ويمنعوا المتطرفين المارقين الذباحين ان يعبثوا بأمن العراق وشعبه حفظ الله شعبنا ووطننا من كل سوء ومكروه .
الشيخ د. خالد عبد الوهاب الملا
رئيس جماعة علماء العراق
كتبت بتاريخ الأحد، ٠٩ شوال، ١٤٣٣،٢٦/٠٨/٢٠١٢ ٠٥:٤٦:٤١ م