لا أعتقد أن ثمة شعباً عانى من ظلم الدكتاتورية، وكابد من ظلم الطغاة كما عانى وكابد الشعب العراقي في حكم المقبور صدام حسين .. إذ شمل صدام بظلمه الفاحش كل مناطق العراق، ولم يستثنِ منطقة واحدة منه قط .. كما ساوى ( الرجل ) في قسوته بين كل فئات، وأطياف، وقوميات، ومذاهب، وتشكيلات الشعب العراقي مساواة عادلة، على الرغم من أنه منح الشيعة والكرد ( إهتماماً ) إستثنائياً في جوره وطغيانه، لذلك فإن العراقيين كانوا أكثر شعوب الأرض توقا وشوقاً للحرية، وأشدهم نضالاً ضد الطغيان. فكان الثمن الذي دفعوه باهضاً في حلبچة، والنجف، والأهوار، ومدينة الثورة – مدينة الصدر حالياً – وكربلاء التي لم تسلم من مدافعه الإجرامية حتى قبة الحسين المقدسة.. وكذلك مدن الدجيل والكرادة والحي والعمارة وكركوك، وغير ذلك من المدن العراقية المنكوبة.. نعم لقد كان الثمن باهضاً، والدرس قاسياً وثقيلاً، حتى بات العراقيون اليوم ( يتكهربون ) من ذكر إسم صدام، أو من أي إشارة الى تلك الحقبة القاسية والمؤلمة التي كان فيها صدام يحكم العراق بالحديد والنار. وكي لاتعود تلك التجربة المُرة عمل الشعب العراقي المستحيل من أجل غلق كل الطرق المؤدية لعودة الدكتاتورية الى العراق .. إن شعباً قدم الملايين من الضحايا في زمن الدكتاتورية لايمكن أن يدعم نظاماً دكتاتورياً في بلد آخر، ولايمكن أن يتجاهل دعم أي شعب آخريناضل من أجل الحرية .. وعلى هذا الأساس فقد هب العراقيون بمختلف ألوانهم لدعم ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين والسعودية. لكن الأمر أختلف في موضوع الشعب السوري إذ وقف العراق حكومة وشعباً مع إنتفاضة الشعب السوري عندما ظن بأن السوريين ينتفضون من أجل حريتهم، وتحقيق أمانيهم في الديمقراطية، والعدل، والمساواة . لكن المفاجأة المُرَّة ظهرت منذ البداية، عندما أعلن قادة ( الثورة ) السورية عن مشروعهم الطائفي الذي يستهدف القضاء التام على العلويين والشيعة والدروز والمسيحيين في سوريا. ثم امتد الطموح الطائفي الأسود ليصل الى حدود العراق ولبنان وإيران وغير ذلك من الأهداف المقيتة التي كان يرسم لها الفكر الوهابي المتطرف. ثم تقدم بعدها ( الثوار ) بمشروعهم الإجرامي خطوة أخرى في الأتجاه الطائفي، حين قاموا بذبح الشيعة العراقيين المقيمين في سوريا بلا رحمة. وخطف الزوار اللبنانين في سوريا. ثم قيامهم بعمليات قتل وتفجير في مقام السيدة زينب. فضلاً عن نشاط إعلامهم المدعوم بالمال السعودي والقطري بالسعي لتحويل المعركة من إنتفاضة شعبية ضد الدكتاتورية الى عملية إنتقام طائفية ضد الشيعة.. !! فأية ثورة ( خرنگعية ) هذه التي يمولها المال السعودي، ويدعمها إعلامياً ودبلوماسياً ( العگال ) القطري المشبوه ؟!
ومما زاد الطين بلة أن الإعلام ( الثوري ) السوري، وخصوصاً القنوات الفضائية العرعورية قد نشطت بشكل عدائي واضح ضد الحكومة العراقية، بل وضد عموم الشعب العراقي، بحيث بات التهجم على الموقف العراقي تغريدة دائمة وثابتة على لسان، وشاشات هذه القنوات الهابطة ..!!
وكم كان الأمر مخزياً لهذه ( الثورة ) حين قام ( جيشها الحر )أمس الأول بتأسيس كتيبة ( الشهيد ) صدام حسين.. وكأن المسبحة كانت ناقصة ليكملها هذا الجيش الحر بتأسيس كتيبة بإسم أكبر طاغية في القرن العشرين .. ولا اعرف كيف يناضل شعب ما ضد الطغيان، ويسعى لتحقيق الحرية تحت راية، وإسم دكتاتور ومجرم لم يأت الزمان بمثله ؟! ولكي يكون لحديثي مصداقية أكثر لدى الذين يشككون بما أقوله، فإني ادعوهم الى أن يكتبوا في ( اليوتوب ) عبارة : كتيبة الشهيد صدام حسين في مدينة الميادين .. ليجدوا بالصوت والصورة ما نقوله واضحاً لايقبل الجدل والنقاش !!
والآن، وبعد أن وضع ( الثوريون ) في سوريا الحجة، والعذر بيدنا للتصدي لهجمتهم الشرسة ضد شعبنا، وضد مستقبل بلدنا برفع إسم المجرم صدام حسين عنواناً شرفياً لإحدى كتائبهم العار.. فإنني أعلن بصراحة وعلانية موقفي المؤيد لبشار الأسد، رغم تحفظي على الأسلوب البعثي الذي تدار به سلطة الحكم في سوريا .. ورغم التأريخ الدموي لنظام الأسد ضد العراق الجديد، وأقصد بذلك دعمه للأرهاب في العراق .. ورغم إختلاف الرؤى والأفكار والطموح والطرق بين نظامي الحكم في العراق وسوريا. وهنا أود أن أدعو الحكومة العراقية الى أن تقوم أيضاً بدعم جيش وحكومة بشار الأسد بشكل علني وصريح، وبدون حرج أيضاً .. إذ ماذا ننتظر من ( ثورة) ترسم مشروعها بدماء الشيعة، وتخطط له على جماجم أبناء السنة الشرفاء، وتلوح به على أعناق الكرد الطيبين.. ماذا ننتظر من ثورة مشبوهة تخطط لتمزيق العراق .. فتضع إسم المجرم صدام حسين إسماً لإحدى كتائبها . ولماذا نستحي من قتلة لايستحون من يقتلنا، بل ويتفاخرون بتدمير بلادنا ؟!