على الرغم من ارتباك الساحة السياسية وانشغال السياسيين في تصفية الحسابات الا انه كان لنا الشرف في إطلاق العديد من المبادرات الوطنية لخدمة الوطن والمواطن هذه المبادرات التي لم تأتي من مصلحة شخصية او حزبية او فئوية ولم تكن فرقعات اعلامية لأشغال الرأي العام لأيام عديدة واظهار اننا حاضرون هنا وهناك وانما هي مبادرات واقعية وعملية تنبع من الحاجة الفعلية لشرائح مهمة من مجتمعنا العراقي وهي تمثل رسائل امل لأبناء شعبنا وسط هذا الشعور باليأس والاحباط الذي بدأ يتسلل الى النفوس فعندما طالبنا الى ان تكون البصرة عاصمة اقتصادية للعراق كنا ننطلق بدافع النهوض بالواقع الاقتصادي العراقي بخطوات استراتيجية لا يمكن بدونها ان نحقق اقتصادا حقيقيا لهذا البلد وعندما اطلقنا مبادرة اعادة تأهيل ميسان فاننا كنا ننظر الى محافظة مهمة ومحورية ولكنها مهملة ومنسية وكان لها الدور الكبير في الماضي في رسم تاريخ العراق وسيكون لها دور كبير في رسم مستقبل العراق ، وقبل ايام ومتزامنا مع بدأ العام الدراسي الجديد اطلقنا مبادرة صندوق لتنمية ورعاية الطفولة في العراق ان هذه الشريحة هي الاهم اذا اردنا ان نبني مجتمعا مستقبليا يكون اكثر وعيا واكثر ادراكا لمسؤولياته تجاه هذا الوطن اذن نحن لا نتحرك في اطلاق مبادراتنا من مصالح شخصية او حزبية او سياسية ولا نداعب مشاعر الجمهور وعواطفه وانما ننطلق من مسؤولياتنا في بناء دولة تحترم شعبها اولا وتحترم نفسها ثانيا وتفرض احترامها على الاخرين فليس من المنطقي ان يبقى الناس يتابعون نتائج الصراعات السياسية ومسلسل الازمات التي لا تنتهي في هذا البلد ، ان علينا ان نشعر ابناء شعبنا باننا نهتم بامورهم وشؤونهم ونقدم لهم ما يمكن تقديمه لوضع احلامهم وطموحاتهم موضع التحقق والتنفيذ علينا ان نشعر الناس بان هذا الوطن هو وطنهم حتى ينشدوا اليه علينا ان نعزز الحس الوطني وحب الوطن والولاء لهذا الوطن ولا يمكن ان يتحقق ذلك الا اذا شعر المواطن بالعدالة اذا شعر بان هذا الوطن يتعامل معه بالعدل والانصاف المواطن الذي يشعر بان الوطن ليس عادلا معه لا يمكن ان نتوقع منه الانشداد والاندفاع والانتماء لهذا الوطن بشكل كبير اننا اليوم نعاني من ازمة في الوطنية لأن سياسات الديكتاتورية الغابرة استهدفت العلاقة بين الوطن والمواطن واصبح الانسان يشعر بانه ليس عزيزا وكريما في وطنه وعلينا ان نغير هذا الانطباع ونكرس العلاقة الوثيقة بين الناس وبين وطنهم وذلك لا يكون الا من خلال اشاعة العدل والانصاف وحل مشاكل الناس والاهتمام بخدمتهم ورعايتهم وحل قضاياهم ان المواطن العراقي ماذا حصل من هذا الوطن ، اما حصل الحصار الظالم الذي امتد لفترات طويلة دفع ضريبته هذا الشعب بشكل كبير وواسع واما ادخله في حروب لم يكن السبب والمصلحة منها ولم يكن مشاركا في قرارها واما دفعه الى المنافي ليعيش الغربة والهجرة لفترات طويلة من الزمن او دفعه الى المعتقلات ليعيش في تلك الزنازين المظلمة دون ان يعرف الجريمة التي اقترفها كل ذلك سبب ضعفا في الحس الوطني وقلة في الشعور بالمسؤولية تجاه هذا الوطن وما نعانيه اليوم من فساد ورشوة وتورط بالارهاب من بعض المواطنين انما يأتي لمثل هذا الشعور بضعف الحس الوطني وان الوطن لم يكن عادلا مع بعض هؤلاء الناس .