إن العراقيين الشرفاء ,النبلاء ,الحكماء ,الاصلاء هم أصحاب المروءة لا تسمح لهم نفوسهم بالتأخر أو التردد عند رؤية ذوي الحاجات، فيتطوعون بإنجاز وقضاء حوائجهم طلبًا للآخرة والثواب من الله تعالى , لقد دعا الله عز وجل إلى التكافل الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء بقوله تعالى: ﴿وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢- النور).
اما بعد :
اجبرتني همومي ان ابكي!! اجبرتني دموعي ان افكر !! ويجبرني التفكير ان اتألم !! ويجبرني التألم ان اكتب !! ويجبرني قلبي ان اتحسر وانزف لوطن لايحترم فيه أبنائه الأصلاء ولاتوفر لهم العدالة والكرامة , وحتى هذه اللحظة لم نلاحظ أي تغيير في الحياة العراقية نحو الامام او نحو الافضل والاحسن بعد كل ما سمعنا ورأينا من شعارات رنانة وخطابات ولقاءات سياسية على جميع الاصعدة من ساسة و قادة ....... وهم يعيشون مرفهين منعمين ويستهزء بنا كل من هب ودب ممن لا تاريخ له .
نرى القلة القليلة من الاحرار والشرفاء الذين جاءوا لخدمة بلدهم والدفاع عن أمنه واستقراره ، وليس من اجل ان يكون الشعب في خدمتهم.
نعم انها كارثة .... فجرائم القتل الطائفي والديني وتهميش قسم من المواطنيين لصالح قسم أخر اصبحت في العراق لدرجة تُشعرك وكأنك تعيش داخل حلبة تتصارع فيها عصابات متوحشه لإفتراس السلطة والمال والهيمنة عليه بشتى الطرق الهمجية وليست وطنا ينعم الجميع بخيراته وأمنه و يحصل فيه الانسان على حقه في المساواة والعدالة والمشاركة الكاملة في الحياة السياسية على ضوء الكفاءة والنزاهة والشرف وليس المحاصصة الطائفية والتمييز القومي .... لكن ايماني بالله وقناعتي انه يمتحننا جميعا , هو الشيء الوحيد الذي يصبرني وعملي هو الشيء الوحيد الذي يواسيني لانني احاول ان أرمم مصائب الناس , أحاول ان ادخل السعادة الى قلوب وبيوت اناس معذبين مظلومين يمرون بظروف تعيسه , رغم علمي ان حجم الكوارث كبير في العراق, وان كل ما نسعى لتحقيقه هو اشياء صغيرة من هنا وهناك, لكنها افضل من الصمت او السلبية أو الانانية …
ندعو قادة الفكر وأولي الرأي والساسة المصلحين وأصحاب الفضيلة العلماء العاملين للقيام بدورهم في ترشيد مسار الأمور وحل مشاكل البلاد بشتى الطرق... ندعو الدولة للوقوف بحسم أمام رغبات البعض في خلق حالة من الفوضى التدميرية التي تمس الناس في أمنهم ومعاشهم.. وإصلاح ما فسد من أمور الناس بجدية، ويتعاملوا مع واقع نحن جميعاً مسئولون عن تغييره لخير الناس أجمعين.
رسولنا صلى الله عليه وسلم كان أول المسلمين قيامًا على أمر الناس ومشاركًا لهم في همومهم، يخفف عنهم وطأة الاستضعاف والاضطهاد الاجتماعي،هذه هي شهامته وشجاعته وحرصه على مجتمعه وأهله صلى الله عليه وسلم.
وحقيقة المجتمع المسلم ما أقيم فيه التكامل على أوسع صوره، وقام أفراده برعاية المحتاج من الفقراء والمساكين وإغاثة الملهوف وفك الأسير وحماية المستضعف من اليتم والتشرد، فالقرآن يقول: ﴿فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦)﴾ (البلد)، ويقول تعالى: ﴿كَلاَّ بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧) وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (١٨)﴾ (الفجر).
بل يجعل القرآن من لا يقوم بواجب هذه الفئات مكذبًا بالدين غير مصدق ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢) وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣)﴾ (الماعون).
وأؤكد على كتاباتي السابقة , ان حب الدنيا هذه الرذيلة التي هي مصدر لكثير من المفاسد الفردية، فهي تبعد الإنسان عن الخَلق والخالق، ولأجل الوصول لأهدافه المشؤومة تقحمه في المهالك، وهو داء وبيل فى النفس.. وخطورته أنــه قد يكون خفيا ولا ينتبه اليه المرء ، فيتغلف بمسميات أخرى ، وقد يظن أنـه يدعو الناس إلى الخير وعلى صلاح أحوالهم ، بينما يكمن فى نفسه حب الجاه والرئاسه عليهم والأنكى من ذلك أنّها تظهر في الغالب بصورة حسنة مثل الاحساس بالمسؤولية والعزم على أداء الواجبات الاجتماعية ولزوم الإرادة الصحيحة وما شابه ذلك،وأساسه وأصله بعض الكبر والغرور فى النفس وإعجاب المرء بنفسه لذلك فهو يظن أنه أولى بالرئاسه والزيادة وطاعه الناس له، وهذا قاطع كبير عند الله تعالى، ودواؤه محاسبه النفس على الدوام ومعرفه عيوبها ، وإحسان الظن بالناس والإقبال على الله وعدم الالتفات الى غيره ، يقول تعالى \" فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ \" (المائده ٥٤ ) فخفض الجناح للمؤمنين وعدم الترفع عليهم من صفات المؤمنين ،فقد جاء في الحديث: «آخرُ مـا يَخرُجُ مِنْ قُلوبِ الصِّدِّيقِينَ حُبُّ الجـاهِ».
ويقول الإمام علي عليه السلام: \"زخارف الدنيا تفسد العقول الضعيفة \"
ونقول ما قاله النبي محمد (ص) لمن جاء يطلب الولاية منه: \"إنا لانولي من سألنا \" ونذكره بقول آخر للرسول ص:\"إنكم تحرصون على الإمارة..وإنها حسرة وندامة يوم القيامة إلا من أخذها بحقها\"
واذكر بقوله تعالى :
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق،ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم.
يا من قحطت عينه من الدموع...يا من ذهب من قلبه الخشوع..يا من فترت همته...وبردت حرقته و خمدت لوعته...وضعفت إرادته وخارت عزيمته..يا من حاصرته ملذات الدنيا بكل ما للكلمة من معنى . يا حسرةَ للذي باع نفسه بثمن بخس ، وشهوة عاجلة ، ذهبت لذتها ، وبقيت تبعتها ، وانقضت منفعتها ، وبقيت مضرتها ، فذهبت الشهوة ، وبقيت الشقوة ، وزالت النشوة ، وبقيت الحسرة..
ألم يأن لك:
أن تقبل على الله ....... محبة وتوبة وانكسارا واستغفارا وذكرا وصياما وقياما وتلاوة ودموعا وخشوعا...؟؟؟؟؟
إن معاناة ومظلومية الشعب العراقي لا يمكن أن توجز أو تختزل في عبارات , فواقع المجتمع العراقي اليوم هو نتاج الاحتلال و تراكمات قرون طويلة من التاريخ الذي حمل في طياته معاني القهر والإقصاء والتهميش والدمار.
للأسف أن الأجواء السائدة فتحت باب الحساسية في العراق، ولا جديد في القول إن هناك من يراهن على أن تتطور الحساسية إلى شقاق يستصحب العديد من التداعيات البائسة والشريرة، والسيناريوهات العديدة في مقدمتها التنازع على السلطة بين الشيعة والسنة وغيرهم ، أما الذي لا شك فيه فهو أن هذا الوضع سعت إليه سلطة الاحتلال منذ اللحظة الأولى، بتأجيجها للنوازع الطائفية والعرقية.
فإذا كنتم الأوفياء لهذا الشعب ، فمسؤوليتكم أن يبقى هذا الشعب حاضراً في ذاكرتكم ، وان يبقى حاضراً في عواطفكم ، وان يبقى حاضراً في سلوككم ، وان يبقى حاضراً في كلِّ واقعكم الثقافي والروحي والأخلاقي والاجتماعي والسّياسي .
ختاما :
ان من أهم واجبات الجامعيين والمهنيين من كافة الاختصاصات والمثقف و الكاتب والاعلامي في الوقت الحاضر هو ممارسة دوره في التوعية وتشخيص النواقص ووضع الحلول الناجعة لمشاكل الحياة وتنمية الفرد فكرياً وسياسياً واجتماعياً وجعله عضواً نافعاً في المجتمع. و ليس المهم ، مواصلة كتابة المقالات شبه دورية كأن الكاتب يمارس الكتابة كهواية وكأنه لا يرى , و المهم ان يكتب ويشتهر ككاتب ؟
المهم أن الكاتب كل حسب اختصاصه يعطي للقارئ معلومة ويناقش فكرة وثم اعطاء القارئ فكرة، والمهم أن تعكس هموم الناس وتعبر عن الهموم والغموم والقلق والحيرة والاضطراب وكذلك جوعهم ومعاناتهم وعن البطالة وأسباب البطالة عن الرعاية الصحية والاجتماعية , الماء والكهرباء وعن توفير المقاعد للدراسة وعن الارامل والايتام والشيخوخة والتقاعد والسكن , أي بكلمة مختصرة الاهتمام بهموم الناس كل الناس عن أسباب الفقر والجهل وثم طرح الحلول المجدية والمبسطة وكيف تستطيع خلق حركة جماهيرية واتباع سياسة عقلانية , لا عقلانية المهزومين.
ان الحياة المستقرة والآمنة والمحبة والسلام التي تنمي وتحتمي تحت ظل الخيمة الوطنية العراقية ,رغبة كل العراقيين الطيبين.
إن أبناء العراق بوعيهم وإدراكهم ووقوفهم المشرف في مواجهة الاحتلال قادرون على النهوض واستعادة الحياة بمعناها الحر والتعامل مع التحدي في اجهاض مخططات الاحتلال والارهاب وكل من يريد الشر بالعراقيين.
الاستاذ و الكاتب القدير نجاح محمد الكاتب المحترم
بفيض من الحب والتقدير نتقدم لك بخالص الشكر والامتنان على ما بذلتموه من جهود مباركة , وفقك الله وأثابك ونفع بك.
عودة صباح