لهذا فترى الانسان العربي من اكثر شعوب العالم خضوعا وطاعة للحاكم حتى لو نهب ماله وهتك حرمتك واغتصب عرضك وقتلك واي فعل فعله فكما الخضوع للاب يجب الخضوع للحاكم فالخضوع للاب امر سماوي والخضوع للحاكم امر سماوي مقدس فالحاكم اب رب والويل كل الويل لمن لا يخضع لا يسمح لك في ابداء الرأي او الاعتراض او المناقشة والحوار فكل ذلك من المحرمات التي تؤدي بصاحبها الى الموت
وهكذا اصبح الانسان العربي في حالة جمود وثبات لا يتغير ولا يتطور رغم كل التغيرات والتطورات التي حدثت حوله فهو لا يزال عشائري صحراوي ضد النظام والقانون يرى في الالتزام والخضوع للنظام والقانون اهانة واحتقار وتحدي القانون والتجاوز عليه مفخرة وعزة
لهذا فكل مسؤول يعتبر نفسه رب الذين تحت مسؤوليته ويتعامل معهم كرب وعليهم ان ينظروا اليه كرب كما ينظرون الى الله فالاب رب العائلة اي الله العائلة وهو الاول والاخير له الحق ان يتصرف ما يشاء وما يريد والويل لمن يقف يعارضه او يسأله مجرد سؤال او يوجه له اي نوع من انواع الاستفسار فهو الاعلم والافضل والاحسن والاب نفسه يرى في المسؤول عليه انه بمنزلة الله ينظر اليه كرب فهو يخضع اليه كما يخضع افراد عائلته اليه وهكذا حتى نصل الى الحاكم الخليفة الامير السلطان
حتى نتخلص من هذا الذل والخضوع والجمود علينا ان نحطم هذا القالب ونخرج منه ونلغي كل الالهة والارباب ونعيش بدون الهة بدون ارباب
عندما تنظر الى الواقع العربي لا تجد هناك مجموعات تيارات حرة نعم قد تجد افراد قلة وهؤلاء في كل المكونات والتيارات السياسية والاجتماعية الا ان هؤلاء لا تأثير لهم في التغيير ومعالجة الواقع
لهذا لاترى الذين يدافعون عن الظالم كصدام مثلا احرار ولا الذين يعارضون الظالم صدام احرار بما ان صدام ظالم فانه سيسلب حق الاغلبية ويمنحه للاقلية التي تحيط به لهذا فان المجموعة التي تدافع عن صدام لا حبا بصدام وانما حبا بمصالحها بمناصبها الغير شرعية بثروتها السحت الحرام اما الذين يعارضون صدام فانهم يحسدون صدام وزمرته على النفوذ والمال وهدفهم ان يحلوا محلهم والدليل عندما اطيح بصدام سكنوا بنفس قصور صدام وتصرفوا تصرف صدام بجمع المال والاستحواذ على المناصب والكراسي التي تدر اكثر ذهبا وكل شي اصبح لهم وملك لهم وانشغلوا بجمع المال وبناء القصور والحقول واخذوا يبددون الاموال سفرات وحفلات حتى فاقوا ما كان يبدده صدام وزمرته
فلو كانوا احرار اصحاب قيم ومبادئ لسكنوا في خيم واكلوا وشربوا ما يأكله ويشربه ابسط انسان حتى يبنوا لكل عائلة عراقية بيت مريح ولكل عراقي عمل ولكل طفل مدرسة
ويزول الفساد والرشوة ويسود القانون والنظام ويعم السلام والوئام في كل ربوع العراق
للاسف كل ذلك لم يحدث ولا اعتقد يحدث لان المسؤولين ليس احرار بل عبيد لرغباتهم لشهواتهم لجهلهم لامراضهم النفسية المختلفة فهم زادوا من سلبيات ومفاسد وموبقات المجرم صدام
المعروف ان القضاء على سلبيات ومفاسد وموبقات صدام يتطلب من المسؤولين الذين استلموا المسؤولية بعد قبر الطاغية يتطلب التضحية ونكران الذات والعمل في اليوم ليس ٢٤ ساعة بل العمل ٧٢ ساعة وبدون اي ملل او ضجر بل يتطلب من المسؤولين عشق العمل حتى الموت لا شك اذا كان المسؤولون بهذا المستوى سيكون الشعب بهذا المستوى والعكس تماما
لا شك اننا نحتاج الى مسؤولين من امثال الامام علي الذي يرفض ان يتناول غير الخبز والماء لانه يخشى ان يكون هناك انسان بات بدون طعام في حين نشاهد ولائم وموائد المسؤولين وهي مملؤوة باطعمة من مختلف الالوان والاشكال والذي يرمى الى القمامة يمكنه ان بسد رمق الاف الجياع من الاطفال الذين يعتاشون على القمامة
والغريب والذي يثير الدهشة ان الاغلبية المطلقة من هؤلاء المسؤولين يتشدقون ويتبجحون بانهم من محبي الامام علي والمدافعين عنه والمطبقين لنهجه لا شك ان هذا التبجح وهذا التشدق مجرد تجارة اوصفقة تجارية لتحقيق مصالحهم لكنهم لا يدرون انهم بهذا التصرف يقتلون روح الامام فأنهم اكثر عداءا من المنافق معاوية فاذا كان معاوية قتل جسده فهؤلاء يقتلون روحه .
مهدي المولى