(نموذج للاطلاع) جميل صدقي الزهاوي
بغدادي ولد من أبوين كرديّين عام ١٨٦٣م، تميّزت أسرتهما بالتدين والأدب ودرس آداب اللغة العربية والفارسية والتركية ودرس علوما وفنونا كثيرة وتعمّق ببعض العلوم الإسلامية كان اُستاذ القانون في كلّية الحقوق وقد تحدث هو عن نفسه قائلا: (انظروا كيف اُذيب عمري في شعري إنّي سأذهب وستبقى أشعاري معبّرة عن شعوري وناطقة بآلامي فهي دموع ذرفتها على الطرس) ومن مؤلّفاته: (ديوان الكلم المنظوم, ديوان هواجس النفس, ديوان بقايا الشفق, ديوان الشذرات, رسالة اشراك الداما, رواية ليلى وسميرة ) كان شعره بالعربية والفارسية وممّا نظمه في الاشارة الى الرسالة التي يحملها الشعر لقارئه قوله:
ما الشعر إلاّ شعوري جئت أعرضه
فانقده نقداً شريفاً غير ذي خلل
الشعر ما عاش دهراً بعد قائله
وسائر يجري على الأفواه كالمثل
عندما أراد الزهاوي العودة من الاستانة إلى وطنه لم يوافق السلطان بعودته فنظم الزهاوي قصيدة حادّة واستمرّ في ذمِّه للسلطان وسياسته فأمر السلطان بسجنه ونفيه ومن قصيدته:
أيأمر ظلّ الله في أرضه بما نهى الله عنه والرسول المبجّل
فيفقر ذا مال وينفي مبرأ ويسجن مظلوماً ويسبي ويقتل
تمهل قليلاً لا تغظ أنّه إذا تحرك فيها الغيظ لا تتمهل
وأيديك إن طالت فلا تغترّ بها فإنّ يد الأيام منهنّ أطول
توفي الزهاوي في سنة ١٩٣٦م.
********************
(نموذج للاطلاع) أحمد شوقي
ولد شوقي في القاهرة سنة ١٨٦٨ من أبٍّ كردي وأم تركية وبعد الثانوية التحق بمدرسة الحقوق ثمّ مدرسة الترجمة وبعدها سافر إلى فرنسا لمتابعة الدراسة لُقِّب أحمد شوقي ( بأمير الشعراء ) ويعتبر من أكابر الشعراء وقد مدح الاُمراء وبعض الأعيان بالإضافة إلى مدحه للرسول(ص) ومن آثاره: ( أسواق الذهب, دول العرب وعظماء الإسلام, وديوانه «الشوقيّات» في أجزائه الأربعة ) واشتهر بقصيدته «وُلِدَ الهُدى» حيث مدح الرسول والإسلام وممّا جاء فيها:
وُلِدَ الهدى، فالكائناتُ ضِياءُ وفمُ الزَّمانِ تبسُّمٌ وثَنَاءُ
الرُّوحُ والملأُ الملائِكُ حوْلَهُ للدِّين والدُّنيا به بُشَرَاءُ
والعرشُ يَزْهُو والحظيرة تَزْدَهِي والمُنتهى، والسِّدْرَةُ العَصْماءُ
يا خيرَ من جاءَ الوجودَ تحيّة مِنْ مُرسَلين إلى الهدى بكَ جاءوا
بكَ بشَّرَ اللهُ السماءَ فزُيِّنَتْ وتضوعتْ مسكاً بك الغبراء
وقد اعتبر شوقي رسالة المعلّم تكاد تكون سماوية وهي أنبل أعمال الأمم وذلك بقصيدته العلم والتعليم وممّا جاء فيها:
قُمْ للمعلّمِ وفُه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمتَ أشرف أو أجلّ ما الذي يبني ويُنشيء أنفساً وعقولا
أرسلتَ بالتوراةِ موسى مرشداً وابن البتول فعلم الإنجيلا
وفجَّرتَ ينبوع البيان محمّداً فسقى الحديث وناول التنزيلا
إنّ الشجاعة في القلوب كثيرةٌ ووجدتُ شُجعان العقول قليلا
ساهم في المسرح بشعره الروائي وذلك بتأليفه مسرحيّات عدّة أهمّها مصرع كليوباترا وعنترة وقمبيز ملك الفرس ومجنون ليلى .
هذا وقد نشأ في أجواء النعمة وكان لهذه الحياة أثر في خيالاته واتّجاهاته الشعريّة ومن ذلك نجده يصف الجزيرة ويقول:
وخميلة فوق الجزيرة مسّها ذهبُ الأصيل حواشياً ومتونا
كالتبرِ اُفْقاً والزبرجدِ رَبوة والمِسْكِ تُرْباً، واللَّجين معينا
وقف الحبّ من دونِها مستأذناً ومَشى النسيم بظلّها مأذونا
وجرى عليها النيل يقذف نثراً ويكسر مرمراً مسنونا
كما أكثر من الحديث عن الأخلاق ورآها إحدى الدعائم التي تبنى عليها الاُمم فمن ذلك قوله:
وإنّما الاُمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبَتْ أخلاقهم ذهبوا
توفي أحمد شوقي سنة ١٩٣٢م في القاهرة ودفن في مقبرة السيّدة نفيسة(رض) وأوصى أن يكتب على قبره هذان البيتان من قصيدة نهج البردة:
يا أحمد الخير لي جاه بتسميتي
وكيف لا يتسامى بالرسول سمي
ان جلَّ ذنبي عن الغفران لي أمل
في الله يجعلني في خير معتصم
********************
(نموذج للاطلاع) عائشة التيموريّة
ولدت عائشة التيمورية في القاهرة سنة ١٨٤٠م وكانت شاعرة وأديبة من نوابغ مصر وقد نظمّت الشعر بالعربية والتركية والفارسية ونشرت مقالات في الصحف والمجلات ولاقت استحساناً من قِبل الاُدباء ومن آثارها: (حلية الطراز, نتائج الأحوال في الأدب, كشوفة وهو ديوان شعرها بالتركية ) برز شعرها بالمدح والرثاء والغزل الصوفي وكان افضل شعرها.
وعند وفاة ابنتها عَظمَ حزنها سبع سنين حتّى ضعف بصرها ولم تأنس بالعيش فانقطعت عن الشعر والأدب إلاّ مرثيتها لابنتها والتي نشاهد اللوعة والحزن العميق فيها اذ تقول:
اُمّاه قد عزّ اللقاء وفي غد سَترين نعشي كالعرُوس يسيرُ
وسينتَهي المسعى إلى اللّحد الذي هو مَنزِلي وله الجُموع تصيرُ
قولي لربّ اللّحد رِفقاً بابنتي جاءَت عرُوساً ساقها التقدير
وتجلّدِي بإزاء لحْدي بُرْهةً فتراكِ رُوحٌ راعها المقدُور
اُمّاه قد سَلَفتْ لنا اُمنيةٌ يا حسنها لو ساقها التيسير
كانت كأحلام مضَتْ وتخلّفتْ مذْ بان يوم البَين وهو عسير
توفّيت الشاعرة سنة ١٩٠٢م.
********************
(نموذج للاطلاع) إيليا أبو ماضي
ولد إيليا أبو ماضي في لبنان سنة ١٨٨٩، ثمّ هاجر إلى مصر وبعدها إلى الولايات المتّحدة ومن آثاره: ( ديوانه تذكار الماضي, الجداول, الخمائل) ويعتبر أبو ماضي ابرز شعراء المهجر ومن مميزات اُسلوبه الشعري وحدة الموضوع وشدّة الارتباط بين الأجزاء إضافة للفكرة الموحّدة ووضوح مقاصده فنلاحظه قصيدته في فلسفة الحياة يقول:
إنّ شرّ الجناة في الأرض نفسٌ تتوقّى قبل الرحيلِ الرَّحيلا
وترى الشوكَ في الورُودِ وتغمى إن ترى فوقها النّدى إكليلا
هُو عِبءٌ على الحياةِ ثقيلٌ مَنْ يظنُّ الحياةَ عِبءً ثقيلا
والذي نفسُهُ بِغيرِ جمال لا يرى في الحياةِ شيئاً جميلا
فتمتّعْ بالصُّبحِ ما دُمتَ فيهِ لا تخفْ أنْ يزولَ حتّى يزولا
أيهذا الشّاكي وما بِكَ دَاءٌ كُن جميلاً تَرى الوُجودَ جميلا
وفي قصيدته «لستُ أدري» المشهورة يتطرّق بتطرف غريب إلى التفكّر في الحياة والتأمّل في الكون و الخير والشر ونلاحظه يقول في قصيدة اسمها (الطلاسم) :
جئتُ لا أعلم من أين ؟ ولكنّني أتيتُ
ولقد أبصرتُ قُدّا في طريقاً فمشيت
وسأبقى سائراً إنْ شئتُ هذا أم أبيت
كيف جئتُ كيف أبصرتُ طريقي لستُ أدري
أجديدٌ أم قديم أنا في هذا الوجود
هل أنا حُرٌّ طليق أم أسيرٌ في القيود
هل أنا قائدُ نفسي في حياتي أم مَقُود
أتمنّى أنّني أدري ولكن لستُ أدري
وطريقي ما طريقي أطويلٌ أم قصير
وهل أنا أصعد أم أهبط فيه أم أغور
أأنا السائر في الدرب أم الدرب يسير
أم كلانا واقفٌ والدرب يجري لستُ أدري
هكذا ظل أبو ماضي حائراً قلقاً لا يستطيع فهم الوجود ولا فهم الكون من حوله وله قصيدة بعنوان «كم تشتكي» حيث يقول:
كم تشتكي وتقول إنّك معدم والأرض ملكك والسماء والأنجمُ
ولك الحقول وزهرها وأريحها ونسيمها والبلبل المترنمُ
والماء حولك فضّة رقراقة والشمس فوقك عسجد يتضرّمُ
انظر فما زالتْ تطلّ من الثرى صورٌ تكاد لحسنها تتعلّم
عيون ماء دافقات في الثرى تشفي السقيم كأنّما هي زمزم
توفّي أبو ماضي في نيويورك سنة ١٩٥٨م.
********************
(نموذج للاطلاع) السيّد رضا الهندي
العلاّمة السيّد رضا بن السيّد محمّد بن السيّد هاشم الموسوي الهندي ولد في الثامن من ذي القعدة ١٢٩٠ هـ بمدينة النجف الأشرف، كان ابوه السيّد محمّد الهندي عالما جليلا ويرجع نسبه إلى الإمام علي الهادي (ع).
حاز السيّد رضا الهندي على درجة الاجتهاد وأصبح وكيلاً في منطقة الفيصلية من قرى محافظة الديوانية عن المرجع السيّد أبو الحسن الاصفهاني ومن آثاره: ( دور البحور في العَروض, بلغة الراحل في اُصول الدين ) درس (رض) على يد والده علوم الجفر والأوراد والرمل والآفاق ودرس أيضاً على يد السيّد محمّد الطباطبائي والشيخ محمّد طه نجف والشيخ كاظم الخراساني صاحب «كفاية الاُصول» والشيخ حسن ابن صاحب الجواهر وغيرهم من العلماء الكبار وقد اتّصف شعره بالرقّة والسهولة وضمّنه معاني كبيرة لخبرته الأدبية والتأريخيّة والفكرية وقد كتب باغلب فنون الأدب وكان شاعرا عالماً ذا بيان ففي ديوانه نجد الأبيات الاجتماعية والفكرية والغزلية السليمة والعقائدية والأغراض الأدبية الأخرى .
قال عنه الأُستاذ جعفر الخليلي: ( زاول الأدب زمناً طويلاً ، فأبدع فيه إبداعاً كان المجلى فيه بين جمع كبير من الأدباء والعباقرة في زمانه ، ولقد ولع بالبديع ولعاً سما به إلى منزلة قلّ من ارتفع إليها من قبل ، وإنّ لدي الكثير من الشواهد من نظمه ونثره ، ومنها مقامات إذا شئتها شعراً كانت شعراً ببحور مختلفة ، وقواف مختلفة ، وإن شئتها نثراً كانت نثراً مسجعاً أو مرسلاً ، ولم يكن هذا غريباً بمقدار غرابة خلو هذه المقامات من التكلّف ، فقد كان إمام البديع ، وشيخ الأُدباء فضلاً عن كونه عالماً ، ومن علماء الفقه المعروفين )
وفي قصيدته العصماء (الكوثرية) والتي حفظها أكثر عشّاق العقيدة والأدب نجد كلماتها الرقيقة وعذوبة وطراوة المعنى حيث تبلغ أبياتها ٥٥ بيتاً وطبعت عشرات المرّات فمن أبيات الكوثرية:
أَمُفَّلجٌ ثغرُك أم جوهر ورحيقُ رِضابِك أَمْ سُكَّرْ
قد قال لثغرِك صانِعُه (إنّا أعطيناكَ الكوثرْ)
والخالُ بخدِّكَ أَمْ مِسْكٌ نقَّطْتَ به الوردَ الأَحْمرْ
إرحمْ أَرِقاً لو لم يَمرَضْ بِنُعاسِ جُفونِكَ لم يَسْهرْ
سَوَّدتُ صحيفة أعمالي ووكلتُ الأمر إلى حَيْدَرْ
هو كهفي من نُوَب الدُّنيا وشفيعي في يوم المحشرْ
هل يمنَعُني وهو السّاقي أن أشرب من حوض الكوثرْ
ونقرأ له قصيدة (أرى عمري) الممزوجة بالآلام واللوعة والموعظة بالتذكير بالموت والعبرة به حيث يقول:
أرى عمري موذناً بالذهاب تمرّ لياليه مرّ السحاب
وتفاجأني بيض أيامه فتسلخ منّي سواد الشباب
فمن لي إذا حان منّي الحِمام ولم أستطع منه دفعاً لما بي
ومن لي إذا قلبتني الأكفّ وجرّدني غاسلي من ثيابي
ومن لي إذا سرت فوق السرير وشيل سريري فوق الرقاب
ومن لي إذا ما هجرت الديار وعوضت عنها بدار الخراب
ومن لي إذا آب أهل الودا د عنّي وقد يئسوا من إيابي
ومن لي إذا منكر جدّ في سؤالي فأذهلني عن جوابي
ومن لي إذا درست رمتي وأبلى عظامي عفر التراب
ومن لي إذا قام يوم النشور وقمت بلا حجّة للحساب
ومن لي إذا ناولني الكتاب ولم أدر ماذا أرى في كتابي
ومن لى إذا امتازت الفرقتان أهل النعيم وأهل العذاب
وكيف يعاملني ذو الجلال فأعرف كيف يكون انقلابي
أباللطف وهو الغفور الرحيم أم العدل وهو شديد العقاب
وياليت شعري إذا سامني بذنبي و وأخذني باكتسابي
فهل تحرق النار عيناً بكت لرزء القتيل بسيف الضبابي
وهل تحرق النار رجلاً مشت إلى حرم منه سامي القباب
وهل تحرق النار قلباً أذيب بلوعة نيران ذلك المصاب
وكان أديبا ناثرا ومؤلفا بارعا فمن مؤلفاته:
١ـ الوافي في شرح الكافي في العروض والقوافي .
٢ـ الميزان العادل بين الحق والباطل .
٣ـ سبيكة العسجد في التاريخ بأبجد .
٤ـ الرحلة الحجازية .
٥ـ بُلغَة الراحل .
٦ـ ديوان شعر .
توفّي السيّد الهندي ( قدس سره ) في الثاني والعشرين من جمادى الأُولى ١٣٦٢ هـ بناحية المشخاب ودفن في النجف الأشرف .