(نموذج للاطلاع) محمّد مهدي الجواهري
وُلد الشاعر الكبير محمّد مهدي الجواهري سنة ١٩٠٣م في مدينة النجف الأشرف ودرس في الحوزة العلمية الشريفة فترة من الزمن.
نظم الشعر في سنّ مبكر وقد أصدر جريدة الفرات ثمّ أغلقت وأصدر جريدة الرأي العام .
يعود إلى أسرة عريقة في العلم والأدب والشعر ومن آثاره ديوانه ( الجواهري ) بأجزائه الضخمة والتي طبعت عدّة مرّات والذي يحتوي على معظم الفنون والأغراض الشعرية ولُقِّب( بشاعر العرب ) وله قصيدة بعنوان «شكوى وآمال» تطرّق فيها إلى الهموم التي قاساها فيقول فيها :
ولي زفرة لا يُوسع القلبُ ردّها وكيف وتيارُ الأسى يتدفع
أغرَّكَ منّي في الرزايا تجلُّدي ولم تدرِ ما يُخفي الفؤاد الملوَّع
خليلي قد شفَّ السُّها فرطُ سُهْدها فهل للسها مثلي فؤاد وأضلع
كأنّي وقد رمت المواساةَ في الورى أخو ظمأ منّاهُ بالورد بلقع
كأن وُلاةَ الأمر في الأرض حَرَّمت سياستُهم أن يجمع الحرّ مجمع
ألقى الجواهري قصيدته «آمنت بالحسين» قبل نصف قرن تقريباً وكُتب أبيات منها بالذهب على الباب الرئيس المؤدي للرواق الحسيني جاء فيها :
فِداءً لَمثواكَ مِنْ مَضْجَع ِتَنوَّرَ بالأبلَج الأروَعِ
بأعبقَ من نَفحاتِ الجِنانِ رَوحاً، ومن مِسكِها أضوعَ
ورَعياً ليومِكَ يومِ الطُّفوفِ وسَقياً لأرضِكَ مِن مَصرَع
وحُزناً عليك بحَبْسِ النُّفوسِ على نهجِكَ النَّيرِ المَهْيَع
وصَوتاً لمجِدكَ مِنْ أنْ يُذالَ بما أنتَ تأباهُ مِن مبدَع
فيا أيُّها الوِتْرُ في الخالديــ ـنَ فَذّاً، إلى الآنَ لم يُشْفَع
شَممتُ ثَراكَ فهبَّ النسيمُ نسيمُ الكرامةِ مِن بَلقع
فيابنَ «البتولِ» وحَسْبي بها ضَماناً على كلّ ما ادَّعي
ويابنَ التي لم يَضَعْ مِثُلها كمِثلِكَ ولم يرضعي
ويابنَ التي لم يَضَعْ مِثُلها كمثِلِكَ حَملاً ولم تُرْضِع
ويابنَ البطينِ بثلا بطنة ويابن الفتى الحاسرِ الأنزَع
و يا غُصْنَ «هاشِمَ» لم ينفَتِحْ بأزهرَ منكَ ولم يُفْرِع
توفّي الجواهري سنة ١٩٩٨م.
********************
(نموذج للاطلاع) احمد مطر
ولد أحمد مطر في مطلع الخمسينات في ( التنومة ) إحدى نواحي ( شط العرب ) في البصرة. في طفولته ثم أنتقلت أسرته، وهو في مرحلة الصبا لتقيم عبر النهر في محلة الأصمعي وفي سن الرابعة عشرة بدأ مطر يكتب الشعر، ولم تخرج قصائده الأولى عن نطاق الغزل والرومانسية.
لكن سرعان ما تكشّفت له خفايا الصراع بين السُلطة والشعب، فكتب في السياسة حيث لم تطاوعه نفسه على الصمت، فدخل المعترك السياسي من خلال مشاركته في الإحتفالات العامة بإلقاء قصائده من على المنصة، وكانت هذه القصائد في طويلة، تصل إلى أكثر من مائة بيت، مشحونة بوتيرة عالية من التحريض، وتتمحور حول موقف المواطن من السُلطة.
ثم اضطر الشاعر، إلى التوجه إلى الكويت، هارباً من مطاردة السُلطة وفي الكويت عمل في جريدة ( القبس ) محرراً ثقافياً، وكان آنذاك في منتصف العشرينات من عمره، حيث مضى يُدوّن قصائده فكانت ( القبس ) المساحة لنشر نتاجه .
عمل الشاعر مع الفنان ناجي العلي، ليجد كلّ منهما في الآخر توافقاً نفسياً واضحاً، وقد كان أحمد مطر يبدأ الجريدة بلافتته في الصفحة الأولى، وكان ناجي العلي يختمها بلوحته الكاريكاتيرية في الصفحة الأخيرة.
مرة أخرى تكررت معاناة الشاعر، حيث أن لهجته الصادقة، وكلماته الحادة، ولافتاته الصريحة، أثارت حفيظة مختلف السلطات العربية الذي أدى إلى صدور قرار بنفيه من الكويت، واتجه الى لندن ومنذ عام ١٩٨٦، استقر أحمد مطر في لندن، ليُمضي الأعوام الطويلة، بعيداً عن الوطن مسافة أميال وأميال، يحمل ديوانه اسم ( اللافتات ) وللشاعر شعبية كبيرة ، وقراء كثر في العالم العربي فهو من كبار شعراء الشعر الحر فمن شعره:
((دمعـة على جُثمـان الحُريّـة))
أنـا لا أكتُبُ الأشعـارَ
فالأشعـارُ تكْتُبـني
أُريـدُ الصَّمـتَ كي أحيـا
ولكـنَّ الذي ألقـاهُ يُنطِقٌـني
ولا ألقـى سِـوى حُزُنٍ
على حُزُنٍ
علـى حُزُنِ.
أَأكتُبُ \"أنّني حيٌّ\" على كَفَني؟
أَأكتُبُ \"أنَّني حُـرٌّ\"
وحتّى الحَرفُ يرسِـفُ بالعُبوديّـهْ؟
لقَـدْ شيَّعتُ فاتنـةً
تُسمّى في بِـلادِ العُربِ تخريبـاً
وإرهـاباً
وطَعْناً في القوانينِ الإلهيّـهْ
ولكنَّ اسمَهـا
واللـهِ
لكنَّ اسمَها في الأصْـلِ
.. حُريّــهْ !
وله مقطوعة اخرى: بعنوان (كابـوس)
الكابوس أمامي قائم.
قم من نومك
لست بنائم.
ليس ، إذن ، كا بوسا هذا
بل أنت تري وجه الحاكم.