كل حركة أو فعل أو قول يقوم به الإنسان فأنه يكون تحت أنظار أهل السماء فكلما كان الفعل جميلاً كلما كان أكثر بريقاً ولمعاناً لأهل السماء وكلما كان الفعل قبيحاً كلما كان أكثر سواداً وقتمةً لأهل السماء ، فأفعال العباد هي التي تجلب الملائكة لها لجمالها وطيب رائحتها أو تطردهم لقبحها ونتانة ريحها ، قال رسول الله (ص) (إن البيوت التي تمتار فيها المعروف تضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض )....(١) وروي عن الإمام إبي عبد الله الصادق (ع) قال :( إن المؤمن ليزهر نوره لأهل السماء كما تزهر نجوم السماء لأهل الأرض )....( ٢) ، فهل يوجد قوم على وجه هذه المعمورة تتجسد بهم صفات المؤمنين كزوار أبي عبد الله الحسين (ع) في زيارة الأربعين وكيف لا يكونوا كذلك وهم الذين تركوا الأهل والأحباب والمال ومالذ وطاب وتركوا الراحة والأمان وتوجهوا الى حيث التعب والعناء مقبلين على الموت في كل لحظة وقد ذابوا في الإمام الحسين (ع) حتى أصبحوا كلهم شوقاً لكي يكونوا خدم لخدام سيد شباب أهل الجنة (ع) فلم تقف حائلاً أمامهم كل العقبات من إرهاب أو طول مسافة أو قساوة الظروف الجوية أو تعب أو مرض أو عناء ، الجميع يتسابق للحصول على شرف خدمة الحسين (ع) فبذلوا كل غالي ونفيس عندهم ونزعوا الكرامة الدنيوية وفرشوها أم أقدام زوار الحسين (ع) لكي يحصلوا على كرامة الأخرة ووهبوا كبرياءهم وعزتهم للسائرين في طريق العزة والإباء لكي يفوزوا بعزة النجاة من النار وكبرياء دخول الجنان ، فأصبح الجميع سواسية كأسنان المشط الذي يفرقهم مدى حبهم وتواضعهم لخدمة الحسين (ع) فلا توجد عناوين دنيوية مهمة بينهم المهم عندهم أن ينادى لهم خدام الحسين (ع) ، فألكبير يخدم الصغير والصغير يساعد الكبير والجميع يتواضع لبعضه بعضا ويحترم بعضه بعضا فلا المال له إعتبار إلا الذي يراد به خدمة الزوار ، الكل يمشي وينادي لبيك يا حسين والجميع يخدم وينادي لبيك يا حسين والحسين (ع) مصباح الهدى وسفينة نجاة كما قال رسول الله (ص) ، جميع السائرون الى كربلاء من جميع الأتجاهات أخوةٌ وكأنهم عائلة واحدة أبوها سيد شباب أهل الجنة وكيف لا يكون كذلك وهو نفس رسول الله (ص) إذ يقول رسول الله ( حسين مني وأنا من حسين) ويقول رسول الله (ص) ( أنا وأنت يا علي أبوا هذه الأمة) ، فهذه العائلة تحب بعضها بعضا وتساعد بعضها بعضا وترحم بعضها بعضا وتطعم بعضها بعضا وتقيم الصلاة في أوقاتها وتوادد أهل البيت عليهم السلام وتحبهم وتبغض أعدائهم وتفعل الخيرات وتتجنب عن المعاصي والمحرمات ،حتى أصبح هؤلاء الزوار بسبب ذوبانهم في حب الحسين (ع) لأليء الأرض المتألقة لأهل السماء وبسبب كثرت المعروف الذي بينهم فأن نورهم يزهر لأهل السماء كما تزهر النجوم المتلألئة لأهل الأرض ، وهكذا أصبحت زيارة الأربعين كلؤلؤة عملاقة تتلألئ في الأرض لأهل السماء .
(١) الخير والبركة في الكتاب والسنة – محمد الريشهري ص٤(٢) معجم المحاسن والمساوئ – أبو طالب التجليل التبريزي ص١٠٨
خضير العواد