سيطرت الأنظمة الدكتاتورية على الشعوب العربية لعشرات السنين هي التي دفعت هذه الشعوب للخروج الى الشوارع مطالبة بحقها في أختيار طريقة الحكم التي تريد، وأول شعب كسر حاجز الخوف الذي بنته السلطات العربية التعسفية هو الشعب العراقي الذي خرج على بكرت أبيه من الشمال الى الجنوب ما عدا المحافظات الغربية لأنها كانت مستفيدة وداعمة للنظام الدكتاتوري حينذاك ، وقد قاب قوسين أو دنى هذا الشعب من تغير النظام العفلقي حينما أقترب من بغداد ولكن دعم الأنظمة العربية المستبدة وكذلك الغرب لصدام فوت الفرصة على هذا الشعب المظلوم من تنفس الحرية عام ١٩٩١ ولكنه حصل عليها بعد التغير الكبير الذي حدث في عام ٢٠٠٣ ، بينما الشعوب العربية أنتظرت حوالي عشرين سنة من أجل أن تنتفض ضد أنظمتها الدكتاتورية المستبدة لكي تحصل على الحياة الديمقراطية وتختار رئيسها لكل أربع سنوات ، ولكن الشعب العراقي اليوم ينعم بالحياة الديمقراطية والحرية المفرطة التي تكون في كثير من الأحيان لفراطتها سلبية ، ولا يوجد أي مبرر أو سبب لكي ينتفض هذا الشعب بعد أن حصل على طرق سلمية في تغير حكومته من خلال الإنتخابات وهذا ما تؤمن به جميع الشعوب الديمقراطية التي تغير أنظمتها التي تسيء خدمتها من خلال صناديق الإقتراع ، وهذا أصبح الطريق الذي يسلكه الشعب العراقي بعد أن تنعم بالديمقراطية وتخلص من النظام الدكتاتوري المستبد على الرغم من بقايا ذلك النظام الذين يريدون أن يعيدوه بأي طريقة كانت حتى وأن تطلب الأمر الإستعانة بالقوى الخارجية التي تريد إرجاع العراق الى حكم الأقلية التي حكمت العراق لمئات من السنين ، حتى وأن حصلت بقايا النظام البائد الدعم الكافي من الأنظمة المستبدة التي تحكم قطر والسعودية من أجل إثارت الفوضى في العراق ، فأن هذه الثلة القليلة ليس لها تأثير إلا في مناطقها وحتى أبناء مناطقها الكثير منهم يرفض إثارة الفوضى التي دمرت سوريا وعانا منها العراق في عامي ٢٠٠٥ و٢٠٠٦ ، علماً إن مناطق هؤلاء الذين يتباكون على النظام الدكتاتوري تقع في غرب العراق وليس لها تأثير على مناطق الشمال أو الوسط أو الجنوب ، لأن هذه المناطق قد عانت أشد المعانات من الأنظمة الدكتاتورية المستبدة التي حكمت العراق بالحديد والنار فليس من المعقول أن ترجع الى نظام الحزب الواحد الجائر ، لهذا فإنها سوف ترفض بل تقف بقوة أمام أي حركة تريد إرجاع العراق الى العهود المظلمة بعد أن رأت نور الحرية ، بالرغم من وجود الكثير من الأخطاء في تصرفات الحكومة المركزية ، ولكن يجب إتباع الطرق الديمقراطية في تصويب الخطأ أو الحصول على الحقوق المفقودة إن وجدت ، لأن الشعوب التي أحست الحياة هيهات ثم هيهات أن ترجع الى الموت والشعوب التي تنعمت بالنور كيف لها أن ترجع الى الظلام والشعوب التي عاشت الحرية والكرامة لاتقدر أن ترجع الى ذل العبودية ، لهذا فأن جميع المخططات التي تريد للعراق أن يصبح سوريا ثانية سوف تصتطدم بجدران الديمقراطية التي تذوقها الشعب العراقي ، أو الأنظمة العربية الرجعية التي تريد من العراق أن يصبح يمن ثانية ويفّصلون له حكومة على مزاجهم فأنهم سوف يفتقدون الشعب الذي يعتمدون عليه لقيام هكذا حكومة ورقية ، لهذا فأن جميع الذين ينادون بربيع عربي يتفجر في العراق فاشلون وليس عندهم مقومات يعتمدون عليها في قيام هكذا ربيع ، لأن العراق خرج من سجن العبودية الى فضاء الحرية ومن التسلط الى صناديق الإقتراع ومن حكم الأقلية الى حكم الدستور ، لهذا فمن يريد أن يفجر ربيع عربي في العراق عليه أن يفتش على بلد أخر ينفذ فيه مخططاته الإستبدادية الهدامة أو يقبل بقوانين الديمقراطية التي تنظم حكم العراق .
خضير العواد