الرياضة مجموعة من التمارين والحركات الجميلة التي تهذب النفس وتقوي العضلات وتجعلها أسرع حركة وأكثر رشاقة ومن ثم أكثر صحة وعافية ، فقد أصبحت الرياضة لما تمتاز به من صفات حميدة من أخلاق نبيلة وسلام ومحبة نقطة إجتماع الشعوب والوسيلة التي من خلالها تحل المشاكل وتتكسر أكبر الحواجز وأقواها ، لأنها تمثل النوايا الصافية والبريئة التي يمتلكها الإنسان بعيداً عن المصالح والأنانيات التي تنتشر في غيرها من الوسائل ، ولكن حتى هذه الوسيلة البريئة الجميلة التي بحبها يجتمع الجميع بالرغم من الإختلافات التي صنعها الإنسان من أجل السيطرة والمال والجاه لم تخلص من تأثيرات الحكومات الطاغية التي تتربع على حريات الشعوب وخيراتها ، فقامت هذه الحكومات بأستعمال هذه الأداة الجميلة من أجل تثبيت حكمها أو إضعاف حكومات أخرى، وما بطولة الخليج العربي لكرة القدم إلا أكبر مثال على ذلك هذه البطولة التي تجمع شعوب الخليج على المحبة والتأخي والسلام ، نلاحظ حكومات دول الخليج سيست هذه البطولة وجعلتها أداة ضاغطة من جهة وإعلامية من جهة أخرى ، فكانت ضاغطة على الحكومة العراقية عندما رفضت أن تقام البطولة على أرض البصرة تحت عنوان وجود الإرهاب أو البلد غير أمين فمن الصعب أن تقام به بطولة شعبية كهذه ، وهم يعلمون علم اليقين أن الظروف التي يعيشها الشعب العراقي وخصوصاً محافظات الجنوب ظروف عادية تعيشها أغلب الدول العالمية ، ولكن هذه الدول أرادت أن تعطي للعالم صورة مشوهة وغير حقيقية عن العراق من خلال إظهاره غير أمين وغير مستقر وبذلك فأنه غير مهيء لإقامة هكذا بطولة فيه ، فكان الموقف الطائفي العامل الأكبر الذي دفع هذه الدول لإتخاذ هكذا موقف بدل أن يدعموا حكومة العراق ويمدوا لها يد العون بتشجيعها من خلال إقامة هكذا بطولة لكي يرجع العراق الى محيطه العربي والدولي أقوى مما كان ، ويظهر البعد الطائفي في هكذا قرار عندما تقرر نقل هذه البطولة من البصرة وإقامتها في المنامة ، المنامة المشتعلة بالثورة من سنتين حيث يناضل الشعب البحريني من أجل الحصول على حقوقه المغتصبة من عشرات السنين ، هذه الثورة التي حيرت العالم من خلال سلميتها وتفاني شعبها في النضال من أجل التغير السلمي وأنتزاع المكتسبات بقوة الموقف وتصميم الإرادة ، فكانت هذه الثورة الدرس الكبير لكل الشعوب في المعمورة على فعالية التحرك السلمي بالرغم من عنجهية النظام الذي لم يترك سلاح أو وسيلة وحشية إلا وأستعملها من غازات سامة ورصاص حي وأعتقلات تعسفية تعرضت لها جميع مكونات المجتمع البحريني من نساء وأطفال وشيوخ وشباب وقيادات ، ولكن كل أدوات القمع والإضطهاد لم تثني عزيمة هذا الشعب المجاهد الأبي ، فحاولت الحكومات الخليجية من كسر عزيمة الشعب البحريني من خلال إقامت بطولة الخليج في المنامة حتى تعطي صورة مغايرة للواقع من خلال فبركت الأخبار والأفلام التي تعطي صورة على طبيعة الأجواء في شوارع المنامة وتلاحم الشعب البحريني مع قيادته المتمثلة بعائلة آل خليفة ؟؟؟؟؟ ، وبذلت حكومة البحرين كل ما بوسعها من أجل إستغلال هذه البطولة من خلال حضور أكبر ما يمكن من المشجعين فجعلت دخول أي مبارايات مجاناً وبدون أي تكاليف ، ولكن بالرغم من ذلك لم تنجح هذه المساعي لأن أغلب الشعب البحريني مقاطع لهذه البطولة بل رافض أن تقام في أرضه في هذه الظروف ، لأنها وسيلة دعائية تدعم الحكم الخليفي الذي يضطهدهم ويظلمهم من عشرات السنين ، لهذا أصبحت هذه البطولة بصورة مباشرة أو غير مباشرة تقف على الضد من أحلام وتطلعات الشعب البحريني المناضل ، وبهذا لم تترك هذه الحكومات المستبدة أي وسيلة أو أداة إن كانت شريفة أم رذيلة إلا وأستعملتها من أجل إحكام السيطرة على الشعوب المستضعفة .
خضير العواد