هذه الأيام تدخل الثورة البحرينية في عامها الثالث ولكن المواطن العربي لم يكترث بهذه الثورة ومطاليب شعبها الآبي على الرغم من سلميتها وواقعية شعاراتها وأهدافها ، فلم تغطى هذه الثورة من قبل الإعلام العربي وحتى العالمي لهذا نلاحظ أغلب شعوب العالم ليس عندهم معلومات عن هذه الثورة الحقيقية والعظيمة في نفس الوقت ، ولكنهم بالمقابل يغطون الثورة السورية بكل دقائقها طوال ٢٤ ساعة ، حتى أصبحت هذه الثورة حديث العالم فمن الصعب أن تجد وكالة أنباء لا تنقل خبر عن الأوضاع في سوريا وقد دُعمت هذه الثورة بشكل لم يسبق له مثيل في أي تحرك في العالم من السلاح والمال والمقاتلين والإعلام وفتاوي دينية بالإضافة للتحرك السياسي الدولي فأي ثورة في العالم تحميها دول وحكومات كالسعودية وقطر وتركيا بالإضافة الى الإتحاد الأوربي وأمريكا بل الناطقين بأسم هذه الثورة وتحركاتها هم من وزراء حكومات هذه الدول ، علماً إن الثورة السورية أغلب مقاتليها هم من القتلة المستوردين من خارج الحدود الذين تركوا بلدانهم وتوجهوا الى سوريا تحت ضغط الفتوى والجهاد في ذلك البلد الأمن فكانوا من الشيشانيين والسعوديين والقطرين والليبين والتونسين والباكستانيين والأتراك واليمنين وغيرها من الدول التي تصدر الإرهاب والإرهابيين ، فقام هؤلاء الإرهابيون بعمل المجازر بالشعب السوري الآبي وروّعوا كل إنسان هناك و فعلوا جرائم يندى لها ضمير الإنسانية لبشاعتها وقبحها وقساوتها ، فقد قتل هؤلاء المجرمون كل فئات الشعب السوري من مسلمين ومسيحين ودروز وكذلك لم يفرقوا ما بين الطوائف فكان الضحية السني والشيعي والأرثوذكسي والكاثوليكي والأرمني والدرزي والعلوي وغيرهم من طوائف ذلك الشعب المكافح ، لقد فتحت الدول المحيطة بسوريا حدودها ما عدا العراق من أجل نقل المجرمين والسلاح الى داخل الأراضي السورية ، قيام هؤلاء المقاتلين بتدمير البنية التحيتية من معامل ومستشفيات ومدارس بالإضافة الى المؤسسات الخدمية حتى قلبوا سوريا الجميلة المولودة من قدم التاريخ الى ركام هائل يفوح برائحة الضحايا الذين قتلوا بغير رحمة من قبل العصابات الإجرامية الوهابية التي دُفعت للقتال في سوريا من قبل الحكومات القطرية والسعودية بالإضافة الى التركية ، في الثورة السورية الحكومات أكثر تشدداً في تغير النظام بالقوة من المعارضة السورية نفسها وما تصريحات وزير الخارجية التركي وكذلك القطري في رفض التفاوض ما بين المعارضة والحكومة السورية إلا أكبر مصداق للمحرك الحقيقي لهذه الثورة ، لقد ذهب ضحية التحرك في سوريا أكثر من ٦٠ الف قتيل بالإضافة الى تدمير البنية التحتية والمستفيد الأول من كل هذا هو الكيان الصهيوني ، لقد فتحت أبواب أغلب العواصم في العالم للمعارضة السورية فكانت المؤتمرات واللقاءات بالإضافة الى جمع المساعدات حتى وصلت في مؤتمر الكويت الى المليار والنصف من الدولارات ، والهدف الحقيقي من كل هذا التحرك هو قطع طرق الإمداد على المقاومة الإسلامية في لبنان ( حزب الله) وليس مظلومية الشعب السوري أو من أجل الديمقراطية وغيرها من العناوين الجميلة التي تناغم تطلعات الشعوب العربية والعالمية والتي تبثها وسائل الإعلام العالمية وخصوصاً الجزيرة والعربية ، أما الثورة البحرينية فقادتها من الشعب البحريني الأصيل الذي يطالبون بحقوقهم المشروعة وهم يعيشون بإضطهاد منذ مئات السنين ، حتى أصبح البحريني غريب في وطنه يفتش على العمل ولا يجده بل أصبح البحريني منبوذ في وطنه ويعامل معاملة المواطن من الدرجة الثانية وأما الباكستاني والسوري (دير الزور) والسعودي ( الدوسري) بالإضافة الى الأجانب المجنسين الذين حصلوا على الجنسية البحرينية من أجل التغير الديمغرافي ( تغيرات في تركيبة السكان أساسها طائفي ) يعاملون معاملة المواطن من الدرجة الأولى ، وقد واجهت الحكومة البحرينية الثورة بالحديد والنار بل قدمت إليها الجيوش من دول مجلس التعاون الخليجي وخصوصاً السعودية ، وأستعملت الحكومة البحرينية المرتزقة في قمع الثورة البحرينية من باكستانيين وأردنيين وفدائيي صدام بالإضافة الى السوريين من دير الزور ، ولم تحصل الثورة البحرينية على تاييد أي دولة عربية بل الجميع يحاصرها ويقاطعها بل حتى الشعوب العربية تعطي الأذن الصماء لهذه الثورة العظيمة ، بالرغم من كل الإضطهادات التي يعاني منها شباب الثورة ولكنهم أصرّوا على سلميتها فلم يتعرضوا لأي مؤسسة حكومية أو قطاع خاص بأي ضرر ولم يجرحوا أو يؤذوا أي شرطي أو رجل أمن أو مواطن عادي ، ولكنهم لمدة سنتين يخرجون الى الشوارع كعائلة واحدة مرددين هتافاتهم وشعاراتهم من أجل تغير النظام ومن أجل غدٍ أفضل لجميع فئات شعب البحرين وطوائفه ، لم يكن الثوار في البحرين طائفيين بل كانوا يمثلون حقيقة الوحدة والتوحد ما بين جميع فئات الشعب وقد ظهر هذا جلياً من خلال شعاراتهم وصرخاتهم المدوية في سماء البحرين ، لم تفتح أي دولة في العالم ابوابها لقيادات هذه الثورة بل حُصروا من جميع الجهات وحتى الإعلام لا ينقل لهم حديث أو موقف ما عدا قناة العالم ، فكانت هذه الثورة سلمية بحق ولسلميتها العظيمة فقد أجبرت أعدائها بالتصريح بذلك كما هو الحال مع تصريح وزير الخارجية العماني ، فقد أتحد العالم جميعه على وأد الثورة البحرينية وخنقها والتغطية عليها ولكن العالم نفسه الذي دعم الثورة السورية وأرادوا أن يظهروها للعالم بشكل يخالف للواقع ، لأن الثورة البحرينية تهدد المصالح الغربية في المنطقة وتهدد الأنظمة العائلية التي تحكم دول الخليج بالإضافة الى طائفية الحكومات التي تدعم حكومة البحرين ، أما الثورة السورية فهي تحافظ على مصالح الغرب وخصوصاً إسرائيل من خلال ضرب حزب الله بالإضافة الى التحرك الطائفي للدول التي تدعم الثورة سورية ، فالمصالح الغربية وكذلك إسرائيل هي التي تحدد التحرك إتجاه الثورتين فالبحرينية يجب أن تخنق والسورية يجب أن تظهر بالإضافة الى خطر ثورة البحرين على الأنظمة الخليجية لأنها تعتبر زلزال سوف يهز المنطقة إذا ما نجحت هذه الثورة العظيمة ، أما الدافع الطائفي فهو سلاح تستعمله الدول العربية وكذلك الغربية في تنفيذ مخططاتها التوسعية في المنطقة .