لقد قطع النظام الديمقراطي في العراق خطوات كبيرة حتى نال أعجاب الأعداء قبل الأصدقاء وصفق له المحب وأنقبض منه قلب المبغض ، فقد نجح هذا النظام في عبور أغلب العقبات التي يصطنعها له معاديه ممن يريد إرجاع النظام الدكتاتوري الى العراق ثانيةً ، وما مظاهرات المنطقة الغربية إلا واحدة من هذه العقبات التي يراد منها تدمير هذه العملية السياسية وعودة نظام الحزب الواحد الذي أذاق شعب العراق الويلات ، تحت خيمة هذا النظام وقوانينه يخرج أبناء تلك المنطقة يهددون ويتوعدون ويطالبون بمطالب أغلبها تعجيزية تضرب في صميم العملية السياسية ، والحكومة فتحت صدرها وقلبها لتلك المظاهرات و قامت بتنفيذ الكثير من تلك المطالب على الرغم من خطورتها وحساسيتها ، والمتظاهرون في كل يوم يكثرون من الطلبات والتهديدات بل وصل بهم الأمر في رفع شعارات طائفية وعنصرية والتصريح بما يعادي العملية السياسية وقيادتها المتخبة من قبل الشعب ، والحكومة تعقد أجتماعاتها من أجل الوصول الى أفضل السبل والحلول في ترضية المتظاهرين وتنفيذ كل مطاليبهم المشروعة وفي المقابل فالمتظاهرون لا يقدمون اي تنازل بل في كل يوم تصعيد وتهديد ، هنا نطرح سؤال يشغل بال كل عراقي عاش في زمن الدكتاتورية الصدامية ، لو مثل هذه المظاهرات حدثت في زمن الطاغية فماذا ستكون النتيجة ، هل سيلبي صدام حسين بعض المطالب للمتظاهرين ويتركهم في كل يوم ينعتون حكومته بأقبح العناوين أو يتركهم يرفعون صور أردغان وأعلام العهد الملكي أو القاعدة أم ماذا سيكون التعامل ، الجواب عند كل عراقي من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب وعند أهل المنطقة الغربية أنفسهم لأنهم كانوا يديه التي يبطش بها ، وما الإنتفاضة الشعبانية إلا أكبر وأصدق جواب على سؤالنا هذا فكيف عامل تلك الإنتفاضة صدام وهل ترك الطاغية سلاح ولم يستعمله في تلك الملحمة الخالدة ، وهكذا سيفعل بالمنطقة الغربية وأبناءها المتظاهرون ضد النظام ولا يتركهم يوم أو بعض يوم بل سوف يقتل ويعتقل ولا يفكر ولو للحظة بأي حل سوى الحل العسكري المدمر ، فإذا كان النظام الديمقراطي يحترم حق المواطنيين بالتظاهر ويحقق مطالبهم المشروعة ، وأما نظامنا الديمقراطي فقد تعدى كل الحدود والحقوق حتى أعطى صورة للمعادين للعملية السياسية على إنه ضعيف ويمكن إبتزازه بسهولة بسبب حلمه وصبره من أجل بناء نظام ديمقراطي حقيقي ورصين ، إذن لماذا يريد المتظاهرون تدمير العملية السياسية ونظامها الديمقراطي بما له من محاسن كبيرة وعظيمة على تقدم الشعوب والعودة الى النظام الدكتاتوري ، هذا يؤكد على إن أبناء المناطق الغربية مصلحتهم لا تتماشى مع النظام الديمقراطي الذي يدافع عن حقوق الجميع ويساوي ما بينهم ويختار الحكومة طبقاً لما تنتجه صناديق الإنتخابات ، بل مصلحتهم تتماشى مع النظام الدكتاتوري الذي يعطيهم الأولوية ويعاملهم معاملة المواطنين من الدرجة الأولى ، والحكومة فيه تتكون نتيجة الإنقلابات والإغتيالات ويجب أن تكون من طائفتهم ، وهذا السبب الحقيقي الذي بسببه يرفض أبناء المنطقة الغربية النظام الديمقراطي ويريدون تدميره بشتى الطرق وتدعمهم في هذا الأمر الأنظمة الفاسدة التي تريد للعراق وشعبه كل سوء كقطر والسعودية وتركيا ، ولكن هذا الأمر ليس بالأمر الهين بعد أن نفض الشعب العراقي غبار السنوات المظلمة التي عاشها أيام حكم الأقلية وتنفس الحرية في زمن صناديق الإنتخابات ، فليس من المعقول أن يترك هذا الشعب المظلوم حقوقه ويقف كالمتفرج وهو يرى تكالب خفافيش الليل وهم ينقضون على سعادته ويحطمون أحلامه ، فالثمن غالي وكبير وسيدفع العراق الى حرب شعواء ليس فيها هوادة لأن غايتها الحياة الحرة الكريمة ، لهذا فيجب على العقلاء والذين يحبون الخير للجميع أن يتحركوا ويرفضوا طريق العبودية والدكتاتورية ويرفعوا راية العراق الجديد خفاقة فوق رؤوس المتظاهرين وينقذوهم من طريق الظلام الذي يسرون فيه من أجل مستقبلهم ومستقبل العراق والعراقيين .
خضير العواد