الخطابات الطائفية التي تخرج من ساحات التظاهر في المنطقة الغربية ليس غريبة ًعلينا بل هي إنعكاس للمد الطائفي الذي تدعمه الأنظمة الرجعية كقطر والسعودية بالإضافة لتركيا في المنطقة ، وهو نتاج تاريخ طويل من الروح الطائفية التي حصدت أرواح الألأف من أتباع أهل البيت عليهم السلام ، وقد غُرست أغصانها من أيام معاوية وترعرعت وكبرت في العهدين الأموي والعباسي وذبلت في الأيام الأخيرة من حكم العثمانيين الأتراك ، ونتج من هذه المدرسة الطائفية مجرمين وقتلة أمثال يزيد و الحجاج والمتوكل وصلاح الدين وصدام حسين ، وما هؤلاء الذين يصرخون وينفخون بالروح الطائفية إلا من تلك البذرة التي بذرها معاوية وسقوها بني أمية وبني العباس ومن بعدهم أتى العثمانيون ، لهذا فالخطاب الطائفي الذي نسمعه من خطباء المظاهرات لا يقلقنا ولا يخيفنا لأنهم لايمتلكون غيرها من الكلمات كالمحبة والتآخي والسلام وفاقد الشيء لا يعطيه ، بالإضافة الى أن هذا الخطاب يُظهر للعالم حقيقة هذه المظاهرات التي تريد أن تهدم العملية السياسية وتجعل العراق يسبح بدماء الطائفية التي يتصارخون بها ، وقد أكدت هذه الخطابات كل الشكوك التي كانت تعلنها الحكومة العراقية بعلاقة تنظيم القاعدة بالكثير من رجال الدين في المنطقة الغربية ، بل الكثير من الذين خطبوا في هذه المظاهرات هم من قيادات هذا التنظيم الإرهابي وقد شاركوا بشكل مباشر في قتل العراقيين ، إن هؤلاء الطائفيين لايمثلون إلأ ٥-١٠% من أبناء تلك المنطقة الذين لم يطمئنوا الى تنظيم القاعدة او رجال الدين المتشددين ، لهذا فمهما يكن خطاب هذه القلة القليلة فأنه لا يؤثر على الوضع الداخلي ولكن الذي يقلقنا هو سكوت الأغلبية العظمى من أبناء تلك المنطقة وشيوخها الذين يرفضون هذا الخطاب جملةً وتفصيلا ، فبسبب عدم تحرك المعتدلين والذين يرفضون تمزيق العراق أو إدخاله في حرب طائفية تآكل الأخضر واليابس فأن صوت هؤلاء النشاز قد علا وخطابهم قد ظهر ، لهذا فيجب على كل من يرفض هذا الخطاب المتشدد أن يظهر رفضه من خلال مظاهرات مماثلة تظهر الرفض القاطع للخطابات الطائفية التي تريد تمزيق وتدمير العراق ، وإلا فألأمر سيكون خطراً ويصبح مقلقاً لأن هؤلاء الطائفيين سيصبحون الأغلبية بوجود أغلبية صامتة لا تعرف تعبر عن أراءها وتطلعاتها ومعتقداتها ويصبح الشارع في المنطقة الغربية مسيّطر عليه من قبل الإرهابيين ، والأمر الأخر الذي يقلقنا هو تحرك الحكومة والقيادات السياسية إتجاه هذه الإزمة التي يمر بها العراق ، وبسبب عدم توحد الخطاب السياسي إتجاه هذه المظاهرات فأن موقف الحكومة يضعف يوم بعد أخر ، لهذا يجب أن تتوحد الأراء والمواقف إتجاه هذا الخطاب الطائفي البغيض الذي يريد إعادة العراق وشعبه الى الحقب الماضية التي يقتل فيها المرء على إسمه أو معتقده ، لهذا فالموقف المتخاذل للكثير من السياسين والذين يتاجرون بالدماء العراقية من أجل مكاسب سياسية قد أضعف جبهة المدافعين عن الدم العراقي والعملية السياسية ، أما من يقول بأن الحكومة العراقية عندها أخطاء ويجب أن نصححها أو نغيرها فالظرف الحالي ليس وقت لهذه التغيرات لأنها مهما تكن فأنها صغيرة أمام هذه المخاطر التي تريد نسف العملية السياسية برمتها وترجعنا الى سيطرت الأقلية على مقاليد الحكم بواسطة الأنظمة الدكتاتورية التي بسببها أعطى الشعب العراقي أغلى التضحيات ، لهذا يجب على الجميع ممن يؤمن بالحياة الديمقراطية أن يتحد أمام هذا المد الطائفي ويسحقه ويخلص العراق وشعبه منه ومن أثاره السلبية التي تجعل الحياة أكثر صعوبة ومعانات ، وبعد هزيمة الطائفيين وإندحارهم وتثبيت أسس العملية الديمقراطية عندها من يريد أن يحاسب الحكومة على أخطائها فاليحاسب لأن هذا العمل من صميم العملية الديمقراطية ولكن في الظروف الطبيعية ، فالخطاب الطائفي وقادته لايقلقونا لأنهم شرذمة قليلة و ضعاف ولكن الذي يقويهم ويكثر عددهم هو صمت المعتدلين في المنطقة الغربية وموقف الحكومة والقيادات السياسية المرن والغير حازم فهذين الموقفين هما اللذان يقلقانا ، لأن هذين الجهتين هما اللذان يواجها الإرهاب الطائفي فبضعفهم أو صمتهم سيقوى الإرهاب ويستعظم أمره وعندها يصعب دحره والإنتصار عليه .
خضير العواد