بعد أن فشل الغرب في سرقة هوية الأمة نتيجة الموقف الشعبي الذي ساند جميع فصائل المقاومة العربية إن كانت سنية أم شيعية ، فقد أنصهرت جميع العقبات التي تفرق ما بين مكونات الأمة الواحدة نتيجة تلاحم قيادات الخط المقاوم الذي بقى يقضاً بالرغم من نوم الحكومات العربية في الحضن الغربي والإسرائيلي ، فأصبحت هذه المقاومة الحلم الذي يتطلع إليه الشباب العربي بعيداً عن كل العناوين التي تمتليء بها الساحة العربية بل بقى عنوان واحد يجذب الجميع ويتغنى به الشعب العربي من أقصاه الى أقصاه وأصبح الشعب موحداً يصفق صفقة واحدة ويصرخ من أعماق قلبه صرخة واحدة فألتحيى المقاومة ، أيُ مقاومة شيعية سنية لا يعني شيء فكلنا عرب ومسلمون وعدونا واحد وهم بنو صهيون ، هكذا أنصهر الشعب العربي مع فصائل المقاومة التي أعادت جزء من كرامته المسلوبة ، وبعد هذه الشعبية الكبيرة التي غصّت بها المدن العربية للمقاومة والمقاومين أصبحت المصالح الغربية والإسرائيلية في خطر محدق بل أصبحت عروش القادة العرب في قمة التحدي بسبب المواقف المتخاذلة لهؤلاء القادة من القضايا المصيرية بالإضافة الى كشف كل المستور والفضائح لهذه الأنظمة من قبل الإنتصارات التي حققتها المقاومة وخصوصاً حزب الله ، لهذا فقد هيء الأجواء الغرب للربيع العربي (الغربي الإسرائيلي) للتخلص من القادة الذين كُشفت كل أوراقهم وأصبحوا رمزاً للخيانة والعمالة وجلب أخرين يختارهم الشعب نفسه ولكنهم يقومون بالمحافظة على المصالح الغربية وكذلك الإسرائيلية وقد تم هذا الأمر وما مواقف إخوان المسلمين من القضية والفلسطينية إلأ عبارة عن إستنساخ لمواقف حسني مبارك بل أشد لأن الإخوان قاموا بغرق الأنفاق التي من خلالها يعبّر الفلسطينيون ما يحتاجونه من مواد عبر مصر الى غزة ولكن حتى هذا يريد الإخوان غلقه ومن ثم تشديد الحصار على حماس ، وقد قسّم الغرب المقاومة الى مقاومتين من الناحية المذهبية فالمقاومة التي تتبنى المذاهب السنية كحماس والجهاد وغيرها من الفصائل ، فهذه يمكن السيّطرة عليها لأنها ترتبط بالحكومات التي لها علاقات جيدة بالغرب كمصر والأردن وكذلك السعودية وقطر وتركيا وهذه الدول جميعها تتقيد بالإوامر الأمريكية ، صحيح إن هذه التنظيمات تحصل على مساعدات كبيرة من إيران ولكن قطع الطريق أمام هذه المساعدات بسيط جداً ومسيّطر عليه لهذا تعتبر هذه الفصائل أقل خطورة من الفصيل الأكثر خطورة بل الرقم الأصعب بالمقاومة وهو حزب الله لأنه لا يتأثر بأي حكومة لها علاقة جيدة مع أمريكا أو إسرائيل وكذلك صعوبة قطع طريق التموين لأنه يصل من خلال الدولة العربية الوحيدة التي لم ترتبط بعلاقات جيدة مع أمريكا أو إسرائيل ، لهذا يجب أن ينطلق الربيع الغربي اليهودي في سوريا ولكن كيف يكون ذلك ؟؟ والشعب السوري لم يكن كالشعوب العربية التي تعاني من كل شيء كالدكتاتورية والخيانة وفقدان الهوية العربية والوضع الإقتصادي المتدهور وغيرها من العناوين التي تعاني منها الشعوب العربية ، ولكن الحكومة السورية قد خففت بعض القيود التي يعاني منها الفرد العربي في سوريا كمواقفه الثابتة من القضية الفلسطينية ودعمه للمقاومة بشكل عام ومناداته للقومية العربية وغيرها من العناوين التي نستها الحكومات العربية منذ زمن طويل وبقيت ثابتة في سوريا ، لهذا كان من الصعب تحريك الشارع السوري تحت نفس العناوين التي رفعت لأندلاع الثورات العربية لهذا السبب أحتاجوا الى عنوان أكثر فعالاً وفي نفس الوقت أكثرخداعاً فكان عنوان الطائفية ، فأصبحت الحكومة السورية العلمانية التي تتكون من أغلبية سنية ومسيحية حكومة شيعية يجب التخلص منها ، فكان وعّاظ السلاطين والإعلام العربي والغربي اللذان ضخا في الشارع العربي الأفكار الطائفية وعمل السيناريوهات التي ضللت المواطن العربي وغسلت عقليته وجعلت العدو الأول له الشيعة وليس اليهود ، وغيّروا طريق المقاومة من فلسطين الى سوريا وأصبح العدو الجيش السوري الذي يتكون من الأغلبية سنية ، فقد جعل الإعلام العربي ( الجزيرة والعربية ) المأجور كلمة شيعة أكثر خطورةً من جميع الكلمات الشريرة في العالم لكي يدفعوا المواطن العربي والمسلم للقتال ضد الجبهة المقاومة ، فقاموا بتكفير الشيعة حتى يعطوا مبرراً حقيقياً للقتال وقاموا بجمع المقاتلين المغرربهم الذين لا يعرفون من الإسلام إلا اللحى الطويلة والثوب القصير من جميع بقاع العالم والتوجه الى سوريا أو العراق ، وهكذا أكتشف الغرب السلاح الأكثر فتكاً بهذه الأمة بدون أن يخسروا جندي واحد أو يعّرضوا أمن إسرائيل الى خطر ، لأن القتال يتم ما بين العرب والمسلمين أنفسهم تحت عنوان الطائفية والممول والمسهل للطريق أمام أستعمال هذا السلاح هم حكّام قطر والسعودية وتركيا ووعّاظ السلاطين ،فأصبح الشيعة العرب العدو اللدود الذي يجب أن يقتل أينما كان ويُقاوَم في جميع الأوطان والغرب وإسرائيل هما الحليفان الإستراتيجيان ، وهكذا تغيّر الشارع العربي من ناصر للمقاومة الى عدوها اللدود ومن العداء الى أمريكا وإسرائيل الى صديقها الموعود ، فألمقاومة التي هزمت كل القوى ويفتخر بها كل العرب أصبحت مطاردة وتلقى عليها أقذر التهم ، وهكذا غيّر الغرب والأمريكان بهذا الربيع الغربي الإسرائيلي كل الثوابت العربية وغيّروا قضيتهم المصيرية من طرد اليهود من فلسطين الى طرد الشيعة العرب من أرض العرب ، وبذلك سيقضي العرب والمسلمين على بعضهم البعض واليهود يجلسون على مقاعدهم يضحكون ، أيا ترى يا أمة العرب يا من تتغنون بتاريخكم المجيد المملوء بالعظماء هل ستحذفون منه من كان منهم شيعياً ، هل ستحذفون منه أبو الأسود الدؤلي والفرزدق والمتنبي وأبي العلاء والبحتري وأبو نؤاس وجابر بن حيان والبيروني والخوارزمي وأبن الهيثم وأبو فراس الحمداني وأبن سينا ودعبل بن علي الخزاعي والفراهيدي وأبن المقفع وغيرهم كثير ، هكذا سيّركم الغرب وحكّام الخيانة ووعّاظ السلاطين يا شعب العرب لكي تقتلوا كل جميل في حياتكم وتشطبوا كل بديع من تاريخكم وتصبحوا أمةً أكثر قساوة حتى من الوحوش ، لأن الوحوش لا تأكل بعضها بعضاً ولا تقتل بعضها بعضاً بل تتحد دائماً ضد عدوها وتقاتل حتى الموت في سبيل بعضها بعضاً ، ففكري يا أمة العرب والمسلمين لقد نقش تاريخنا الإسلامي بأيدٍ شيعية وسنية ومعتزلية وبقية المسلمين ، فلم يعنوّن النتاج الفكري تحت العنوان الطائفي بل كان العنوان إسلامي وهكذا تاريخنا إسلامي وفقهنا إسلامي وأعداؤنا ينادوننا بالمسلمين والله سبحانه وتعالى جعلنا أمة واحدة وهو الأعلم بما سيكون في المستقبل من ظهور المذاهب والفرق وهو يقول ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأعبدون) ، فلا تقتلوا تاريخكم وحاضركم ومستقبلكم بأديكم وبعدها ستقتلون أنفسكم لأنكم ستصبحون فاقدين لكل أسباب الحياة .
خضير العواد