لقد عم القتل والتدمير في بلاد المسلمين ولكن هذه المرة كان بأدي المسلمين انفسهم ، بعد أن غسلت عقولهم من الثوابت الإسلامية وملئت بفكرة مجاهدة الكفار للفوز بالحور العين ، ويصبح الإنسان كافراً حسب الطلب والأوامر التي تصدر لوعّاظ السلاطين من إمراء النفط والغاز ، وللسيطرة على الشارع العربي بعد تفجّر روح المقاومة في داخله تَطَلّب نشر الفتنة الطائفية في وسطه حتى ينشغل بنفسه ويترك المصالح الغربية والإسرائيلية بعيداً عن العبث والتدمير ، فكان تكفير الشيعة الذين يحملون راية المقاومة والدفاع عن ثوابت الأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية بعد تعاظم نجمهم في سماء المقاومة ، فأصبح الشيعة كفار بين ليلة وضحاها ومقاتلتهم توجب الجنان والزواج من الحور العين بل تأتيك حور العين وأنت في سكرات الموت ، وهكذا غسلت عقول الشباب إن كان عندهم عقول وأصبح الزواج بحور العين الغاية التي ما بعدها غاية ، فأخذ الشباب يشدون الرحال من جميع أرجاء العالم للفوز بالحور ، فأصبحت هي الغاية والهدف والمنال ولم يفكر هؤلاء الشباب بنشر العدل والحرية والمواخاة ما بين الناس ولم تعنيهم كل العناوين الأخرى التي حذرنا منها كتاب الله إذ يقول الله سبحانه وتعالى ( من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) بل أصبح التفتيش عن القتال غاية الشباب لأنه الطريق الذي يوصلهم الى الزواج بحور العين وليس مرضاة الله وهذا يظهر من خلال الأفلام الوثائقية التي تبين شغف المقاتل بمعرفة صاحبه حين الموت هل شاهد الحور هل قدمت إليه ، وقد أكد الشارع المقدس على خلاصة النية لله في الأعمال لأن النية هي البوصلة التي توجه الإنسان إن كانت خيراً فخير وإن كانت شراً فشر طبعاً يلحق بها العمل ، قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه ( قل كل يعمل على شاكلته ) ، قال رسول الله (ص) ( إنما الأعمال بالنيات ) وقال رسول الله (ص)(ولكل أمرء ما نوى) وقال رسول الله (ص) ( نية المؤمن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله ) (وقد ذكرت لنا السيرة الشريفة دروس وتجارب كثيرة تؤكد هذا الأمر وفي الخبر أن رجلاً قُتل في سبيل الله بأيدي الكفار وكان يدعى بين المسلمين بقتيل الحمار لأنه قتل رجلاً من الكفار نية أن يأخذ حماره فقُتل على ذلك فأضيف الى نيته فأصبح يعرف بقتيل الحمار ، ورجل هاجر الى الجهاد مع أصحاب رسول الله (ص) وكانت نيته من المهاجرة أن يأخذ أمرأة في عساكر الكفار ويتزوجها وتسمى أم قيس فأشتهر هذا الرجل عند أصحاب رسول الله (ص) بمهاجر أم قيس ، قال رسول الله (ص) ( إن العبد ليعمل أعمالاً حسنة فتصعد بها الملائكة في صحف متتمة فتلقى بين يدي الله تعالى فيقول ألقوا هذه الصحيفة فإنه لم يرد فيها وجهي ، ثم ينادي منادي أكتبوا له كذا وكذا فيقولون يا ربنا إنه لم يعمل شيئاً من ذلك فيقول الله تعالى إنه نواه ) ، علماً إن الذين يحبون عمل هؤلاء الذين يقتلون من أجل اللقاء بالحور العين فأنهم يشتركون بهذه النية الشريرة البائسة ولهم نفس النتيجة السيئة وقد ذكر عن رسول الله (ص) إنه قال (الناس أربعة : رجل آتاه الله عز وجل علماً ومالاً فهو يعمل بعلمه في ماله فيقول رجل لو آتاني الله تعالى مثل ما آتاه لعملت كما يعمل فهما في الآجر سواء ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً فهو يتخبط بجهله في ماله فيقول الرجل لو آتاني الله مثل ما آتاه لعملت كما يعمل فهما في الوزر سواء ألا ترى كيف شاركه بالنية في محاسن عمله ومساويه) ، قال رسول الله (ص) ( من أحب عمل قوم خيرا كان أو شرا كان كمن عمله ) ولما خرج رسول الله (ص) الى غزوة تبوك ، قال ( إن بالمدينة أقواماً ما قطعنا وادياً ولا وطأنا موطئا يغيظ الكفار ، ولا أنفقنا نفقة ولا أصابتنا مخمصة إلا شاركونا في ذلك وهم في المدينة ) قالوا وكيف يكون ذلك يا رسول الله وليسوا معنا فقال ( حسبهم العذر فشاركونا بحسن النية ) ، لهذا فهؤلاء الذين يقتلون ويدمرون من أجل الزواج بحور العين والذين يشاركوهم في هذه النوايا السيئة التي دمرت المجتمع الإسلامي وهم جالسين في بلدانهم ، فأنهم جميعاً قتلة حور العين لأن شهوتهم هي التي قادتهم الى هذه النتيجة الحتمية التي تؤدي بكل شخص يموت من أجل نيته وغايته ، فكانت حور العين كل ما يصبوا إليه هؤلاء الذين لا يعرفون من الدين إلا طول اللحى وقصر الثياب وقتل المسلمين بعد أن يكفرونهم للفوز بها فأصبحوا قتلة حور العين لأنهم قُتلوا في سبيلها فجزائهم سيكون عليها وليس على الله سبحانه وتعالى .
خضير العواد