من هم وماجرمهم ولماذا هذه القسوة؟؟ تسأولات عدة تطرح نفسها؟
هم اناس رفضوا الظلم والجور، وتمسّكوا بمعتقداتهم التي خافها الحاكم الجائر من ان تنقلب ضده في يوم من الايام ،فبحث عنهم في كل مكان من خلال عيونه الخفية التي مابرحت تتغلغل في كل موقع، قد تكون بداعي النزعة الشيطانية كون دماء ال مروان وهند قد ثارت وتدفقت في عروقهم.
ما ان هوى صنم العوجة تحت اقدامنا، حتى تسارعنا للبحث عن من فقدناهم لعلنا نجد ولو ذكر لهم كي نفرح به، وكنّا نمنّي النفس ان نتمسك بعمامة شيخنا الكبير اوعمتنا التي كانت تقص لنا القصص الجميلة.
كنت صغيرة حينما ساقتهم ماكنة الموت الصدامي الى اماكن مظلمة كما قالت لي امي حين سألتها الى اين اخذوا عمتي وابي؟ فاجابت:- الى مكان مظلم ولم اعلم ماهو المظلم؟ قد تكون امي تعلم مصيرهم كونها مدركة لما كان يفعله المقبور بمن قبلهم، لم تستسلم امي في البحث عنهم منذ ذلك الحين الى ان سقط الطاغوت المهزوم.
فتشت عنهم كل مكان علها تجد خيط امل تتمسك به، لكي يوصلها الى بر الحنان والغريزة الربانية لديمومة الرحمة الالهية، لكن ماوجدته كان محزن لدرجة لاتوصف، فقد صعقت عندما اعلن من على شاشات التلفاز بان الطاغية المقبور ساق من ساقه الى تحت التراب... لم تصدق لكنها رضخت للامر الواقع بعد ان عجزت عن العثور عليهم من خلال السجون، حينها استسلمت للبحث عنهم تحت اطباق الثرى، والمذهل في الامر وجدت مسبحة كانت هي الدليل لوالدي وخاتم العقيق الذي اوصاهم بوضعه في فمه عند موته، يالهول المصيبة.. والدي الذي كان يتمتم بكلماته مع امي بالقول:- " متى تكبر كي ارى تعبي قد اثمر وقطفت الثمار؟". ها انا يا والدي كبرت، ولو قدّرت لك الحياة ستفخر بي حتما، زرعت يا والدي برعما نما واثمر على الرغم من تجاهل قدراته وامكانياته وتضحياته وتمكنه من خدمة المجتمع.
نعم والدي الكل قد انشغل عني بمصالحه، فهاهم ساسة العراق في صراع مرير على الكراسي، وباعوا القيم التي نادوا بها بالامس واعطيت اغلى ماتملك لاجلها.
انا ياوالدي غيض من فيض، ولعل عزائي بعد فقدك باني وجدت من رعاني، ولكن ما بال من فقد والديه دون ان يجد من يرعاه بعدهما في عراقه الجديد؟
أبتاه أيها الحبيب: يبدو أن العراق هذا الكائن الأسطوري، قد نسي في حسابات ساستنا وتضحيات ابنائه قد ذهبت في ادراج النسيان.. لكن كما قلت مرة، فإن الله يا ابي على كل من تكبر ونسى العراق، فجميعهم نسوا ماقدمتم من اجلهم، استشهدتكم فأتخذوا من عظامكم كرسي لحكمهم ونسوكم ونسونا نحن ايتامكم....
جهادكم ضد الطاغية المقبور من اجل ان يحيوا هم،، استشهدتم ...لكننا لم نجد من بعدكم من يخلّد ذكراكم سوى صور تستعرض جماجم قد ملأها التراب، او تقارير متلفزة تحكي حكاية حقبة مريرة من الزمن.
واتسائل ايها الذاهب الى حيث لا يذهبون:- " اين وجودي ودموعي وتضحياتي في حسابات مؤسسة الشهداء؟" اذن؟