غرائب الاحداث ومستوطنات المنطق السياسي ربما تبتعد كثيرا عن ابجديات الثابت الاكاديمي كقراءة تحليلية فوق ارض العراق مقارنة بما يحفظه التاريخ السياسي لمفهوم الدولة في التأريخ السياسي الحديث ولعل بوابة الدخول في غرائبية متغيراتها ان يكتب على العراق الاحتلال الامريكي في لحظة سقوط التمثال أو ولادة عراق ديمقراطي من رحم امريكي الأمر الذي يضع الحركة الستراتيجية الامريكية في ممرات متيسرة السير والحركة تندفع باتجاهات متعددة وباهداف متنوعة بغية الوصول الى مرمى البلوغ لخطط موضوعة مسبقا والبعض مستحدثة وفقا للمتغيرات التي تمر بها منطقة الشرق الاوسط بشكل عام والخليج العربي بشكل خاص والعراق بمعنى أقرب لطبيعة الطرح والتحليل القائم لتفسير بعض الطلاسم السياسية التي تحملها العربة الامريكية تجاه عراق مابعد ٢٠٠٣.
لم تعد امريكا تحتاج كثيرا لاستخدام دبلوماسية الحرب الباردة مع الأخرين وخاصة مع بعض الاطراف الدولية لاسيما وأنها تمارس سياسة الأمر الواقع من جهة والأغراء في المصالح السياسية والاقتصادية من جهة أخرى، فمقابل غض الطرف عن السلوك الفرنسي في افريقيا فأنها تستخدم ورقة اليهود للضغط على المانيا وتصم أذانها عن الشيشان مقابل أن لاتسجل روسيا اعتراضا في مجلس الأمن الدولي عليها ،لذلك غلبت على السياسة الدولية قاعدة السكوت المتبادل عن فضائح الدول الكبرى،ماتقدم من سرد لبعض التفاصيل هو مقدمة لطبيعة العقل السياسي الامريكي الحاضر في شكل وكارزما المناورة والهجوم مع ميزان القوى العالمية وربما حتى الاقليمية في البعض منها حتى يكون هناك تصور واضح للسيناريو الغربي بشكل عام في المشهد السياسي العراقي والاسباب الرئيسة التي تدفع اتجاه تفعيل سيناريوا الولايات المتحده لتقسيم العراق .
مشروع التقسيم او مايطرح بفكرة بايدن عام ٢٠٠٧ وقضية الاقاليم لم يكن وليدا حديثا بل ستراتيجية ولدت قبل اكثر من مائة عام في رحم الاجندة الامريكية البريطانية بعد أن وجدوا المسوغات التأريخية لتلك الرغبات الرامية بتحقيق ذلك بأعتبار ان العراق اصلا وضعت تركيبته الاولية في طبيعة نشأته عبر التأريخ الوسطي له على اساس ذلك التركيب أبان الحكم العثماني حيث كان العراق مقسما الى ثلاثة أقاليم متمثلة في البصرة وبغداد والموصل وهو ما يؤكده روبرت هينغتون المستشارالامريكي في البيت الابيض بأن دول المنطقة العربية والاسلامية من الناحية الادارية والسياسية ليست كيانات راسخة او عريقة ، فقد كانت الدولة العثمانية تدير المنطقة باسلوب الولايات التي تعتمد كبريات المدن مرتكزات لتلك الولايات ،وبما ان الدولة العراقية تأسست ببفهومها الاداري بكتاب بريطاني في عشرينيات القرن الماضي أبان الاحتلال وما ترافق معها من اتفاقيات وضعت الوطن العربي في مقص التقسيم بأتفاقيات الحلفاء (امريكا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي )كوعد بلفور وسايكس بيكو وما تلاها غير ان ذلك لم يعطي المبرر الكافي في لعب تلك الورقه الا بعد ظهور الكيان الصهيوني على ارض فلسطين ١٩٤٨ مما وضع الاقليم العربي في ضوء التصدي والمواجهة في اقتلاع الكيان والعودة بارض كنانة ومنذ ذلك الحين بدأ التفكير جديا بكيفية تطبيق ذلك الموروث السياسي على خارطة الوطن العربي بشكل عام والعراق على وجه الخصوص لاعتبارات ومعطيات مهمه بأعتبار أن اسرائيل وكما يقول مهندس السياسة الامريكية هنري كسنجر أن اميركا تحرص على دعم الكيان الصهيوني كأداة لضرب القوى العربية والدولية المناهضة للمصالح الامريكية وبأعتبار ان اسرائيل جزءا مهما من منظومة الأمن الاميركي بلنظر لتشابك الاوضاع والمهام والمصالح بينهما لذلك تظل قضية تحقيق الأمن الاسرائيلي مسألة محورية في السلوكيات والسياسات الاميركية في المشرق الاقليمي بشكل عام والعراق بشكل خاص وهذا مايدفعها الى البحث المستمر وبالضغط واستخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية لاضعاف الدول المجاورة لاسرائيل وامتدادا لتأمين عمق امني يصل الى اطراف الوطن العربي والاقليمي وبأعتبار أن اسرائيل تعاني من عقدة نقص ديموغرافية وتزايد السكان في الدول التي تهددها يضع العراق في مقدمة اهتمامات امريكا وبريطانيا لما يملكه من موقع جغرافي وثقل دولي فضلا عن رصيده النفطي اذا ما استطاع ان يوظف تلك المدخلات بشكل صحيح سوف يكون مصدر تهديد لأمن معشوقة البيت الابيض اسرائيل.
الدلائل والبراهين كثيرة التي تؤكد حقيقة المشروع الاسرائيلي الامريكي في تقسيم العراق وعلى سبيل الذكر الكتاب الذي نشر في خمسينيات القرن الماضي بعنوان خنجر اسرائيل الذي تضمن مخطط اسرائيلي لتقسيم العراق على ان يبدأ التقسيم بتشكيل دولة كردية وفصلها ثم اقتطاع دويلة شيعيةوكذلك مخطط بينامين نتينياهو الذي قدمه الى واشنطن لتقسيم العراق.عام ٢٠٠٠.
مديات تطبيق ما وضع بكواليس الكونغرس الامريكي من مشاريع تقسيم وتفتيت واقتطاع بدأ يقترب اكثر في ظهوره عبرالجغرافية السياسية العراقية وخصوصا ان طبيعة المذهب السياسي في العراق قد يدفع باتجاه تمرير المشروع باعتبار ان حكومة المحاصصة الطائفية او ماتسمى بحكومة التوافقات السياسية وكذلك اقرار قانون الاقاليم في الدستور العراقي لعام ٢٠٠٥ يوفر الارضية الخصبة لزرع بذور التقسيم والذهاب بأتجاه اقاليم ذات صبغة طائفية أثنية تعتمد المذهب والديانه ركائز رئيسية في كينونة وجودها.