وأن يسعى المرء ويجاهد ليكون "إنسانا" ولو بالحدود الدنيا. كما اراده أن يكون كذلك، ولكن لايصير الإنسان إنسانا، إلا عندما يقترب من درجات الكمال، أو يبلغ الكمال بعينه، وهذا ضرب من ضروب المستحيل، إلا في حال أن الجعل والتكوين والتسديد يكون من الله سبحانه وتعالى، أي إن يكون معصوما، ومن يليه من العلماء الربانيين ومن تعلم في سبيل النجاة.
ومن يدعي الانسانية بفرض أنه ارتقى إلى مرتبة إلى مايصح عليه القول أنه استحال إلى إنسان، نقول له "لبيك لبيك وسعديك، ونقف له اجلالا واكراما."
ولكن، هذه الانسانية لها آثارا ظاهرة وباطنة في سلوك هذا الإنسان.
فالظاهر منها أنه لايرتكب ذنبا أو معصية مما يرتكبه بقية البشر، مهما كان صغيرا أو كبيرا.
والباطن منها أن يتصرف في جوارحه بخلوته مع الله سبحانه وتعالى، على نحو أنه يراه.
ووفق هذه المعايير فإن الذين بلغوا هذه الدرجة وأرتقوا لهذه المرتبة هم ليسوا سواء مع بقية البشر، من ناحية السلوك الإنساني والعقدي والعبادي والعلمي، لاختلاف في شأنه بمقارنتة مع الغير على أنه مسدد من السماء بذهاب الرجس عنه أولا، ومطهرا من جميع التبعات التي يمارسها الآخرون من ناحية طهارة المولد والنسب ثانيا.
ومن هؤلاء الذين بلغوا هذه المكانة الانسانية على مر الزمن، هو من كان رسولا نبيا، أو إماما أو وصيا لنبي، ومن تلاهم من العلماء والمفكرين والمصلحين والصالحين والمؤمنين وبدرجات.
وتبعا لهذا فان محمدا النبي الكريم، ورسول الله (ص) هو الإنسان الذي يتربع على عرش الانسانية، وهو الإنسان الأسوة الحسنة، والسيد المصلح والامام الأول بدون منازع.
وهو سيد الانسانية وأشرف الخلق اجمعين، من الاولين والآخرين، وأشرف الأنبياء والمرسلين، ومن بعده الائمة المعصومين الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين.
فكل إنسان هو بشر، ولكن ليس كل بشر هو إنسان.