"اتخذوا عند الفقراء آيادي ؛ فان لهم دولة يوم القيامة."
وإذا تعذر تحقيق هذا الأمر بافتراض أن عقدة ما أو حساسية ما لدى المسؤولين اتجاه هؤلاء، فهذه العقدة تتحكم بارادتهم ضد اصدار هكذا قرارات من هذا النمط لصالح هؤلاء المساكين، فالساحة العراقية المجتمعية فيها شواغر كثيرة بحاجة للصرف والانفاق، ولو قيس هذا العطاء بمصادر الاسراف والتبذير والبذخ الجائر لرجحت تلك الكفة كثيرا على هذه، فياحسرة انهم محسوبين على بلد نفطي يعاني من أزمات اقتصادية كثيرة ونقص في المعايير الأخلاقية.
والأغرب من ذلك كله فإن الثروة العراقية بعيدة كل البعد عن توزيع الثروات المالية بشكل عادل وهذا العامل صنع طبقات أرستقراطية جديدة من المسؤولين بمجرد وصولهم للسلطة عبر الصندوق البنفسجي او من خلال التوظيف المحاصصي.
سرني أحدهم، أن عضوا في البرلمان، وهي امرأة، انها قالت: "أنا الآن اعيش في دوامة، بسبب اقتراب الدورة الحالية للبرلمان على الانتهاء، ووجلي أن لاافوز بأخرى، واخاف إن أحلت على التقاعد أن لايكفي الراتب التقاعدي لسد متطلبات الحياة، وتحري سبل العيش الكريم، بسبب قلته والذي ربما لايقل عن خمسة ملايين دينار في جميع الأحوال" (يعني عملية التمثيل النيابي، عملية أسترزاق وتمشية حال).
ونقول: "الله يساعد العسكري الذي خدم الوطن لأكثر من ٣٠ سنة في أصعب الظروف وأحلكها، وتحمل ذل وضيم صدام، ومعاناة وضيم العسكرية، والذي لم يجد حيلة من الفرار آنذاك خوفا على صيوان اذنه من القطع، أو لايهتدي بالهرب خارج البلاد لانحسار الاولياء والأعوان والفرصة المناسبة، ولتكبله بكفالة أسرته والذي لو قدر له الفرار تكون تلك الأسرة عرضة للاعتقال والهوان، كل ذلك وأخرج من الجيش "حلا" بعد سقوط النظام بدون أية حقوق تقاعدية، -أي حقوق نهاية الخدمة- ، خلا الراتب الغير منصف الذي لايتعدى ال ٥٠٠ ألف دينار تقريبا كل شهرين!!!"
والله يكون في عون من أفنى شبابه وعمره في مقارعة النظام الصنم، وقضى ايامه مشردا في الأهوار والبراري خوفا من قبضة النظام.
ويكون الله أيضا في عون ََْ ِمن كان قدْ ٍَْ"أَمْسى وَأَصْبَحَ فِي مَضائِقِ ُُالسُّجُونِ وَكُرّبِها وَذُلِّها وَحَدِيدِها، يَتَداوَلُهُ أَعْوانُها وزَبانِيَتُها فَلا يَدْرِي أَيُّ حالٍ يُفْعَلُ بِهِ ، وَأَيُّ مُثْلَةٍ يُمَثَّلُ بِهِ، فَهُوَ فِي ضُرٍّ مِنَ العَيْشِ وَضَنْكٍ مِنَ الحَياةِ يَنْظُرُ إِلى نَفْسِهِ حَسْرَةً لايَسْتَطِيعُ لَها ضَرّاً وَلا نَفْعاً "َوبالرغم من هذا كله لم ينصف الانصاف اللائق الذي يتناسب مع حجم نضاله ومحروميته، وإذا انصف أحدهم تحت مختلف العناوين، فهو لايعدو عن كونه "اسقاط واجب" ان صح التعبير، وأكثرهم انضموا لقافلة العاطلين عن العمل. ٌِْ ِْ َِ ُِِّ
نفول -ووفق هذه المعطيات الموجودة على الساحة العراقية، ووفق النماذج الشرائحية المجتمعية التي تعاني من العوز والحرمان وفقدان الأمن الغذائي بما يسد رمقها، بسبب الموروثات الاقتصادية التي خلفها النظام بكثرة حروبه التي غامر فيها، وبسبب الوضع الأمني الحالي المتردي ومارافقه من تداعيات في كثرة الضحايا جراء الحروب الأهلية ومسلسل التفجيرات في مرحلة مابعد السقوط- برزت حالات كثيرة منها ظاهرة الاستجداء والمراباة والسلب والفساد الاداري والمالي والاستعباد والنصب والدعارة وتسويق المخدرات والمتاجرة بالممنوعات، وظواهر اخلاقية سيئة أخرى انتشرت بين اوساط الشباب كناتج عرضي من ظواهر تفشي البطالة، وبسبب غياب العدل وسوء في توزيع الثروة والتركات، الأمر الذي مهد لبروز طبقات شرائح مجتمعية اقتصادية جديدة جديدة خارج ضوابط المؤهلات العلمية المعتمدة عالميا، لم يألفها المجتمع العراقي سابقا، فظهرت طبقات ذات غنى مفرط وأخرى فقيرة ذات فقر مدقع، دفع بعض الناس للانتحار الجماعي والفردي، أو اللجوء بالمتاجرة باعضائهم
وبالقيم والنواميس.
وماجلب انتباه الناس اجمعين، الدعايات الانتخابية للمرشحين ومارافقها من سرف وتبديد للأموال والثروات الوطنية، لو أن هذي الجهود المبذولة، والعمل الدؤوب المبذول، والمبالغ المنفوقة من قبل المرشح لتغطية دعايته الانتخابية، لو يبذل نصفها أو فيما يقابل حدها الادنى أثناء أداء دوره كعضو أو مسؤول كبير في الدولة العراقية، لصار العراق ومواطنيه ب "نص الخير"...ولصار هذا العضو رمزا وطنيا مخلصا من رموز العراق وقادته يذكرهم التاريخ بانحناء، ولصار من أهل الجنة، وعلى العضو أو المسؤول أن يتحرى تلك المواطن التي تحقق له الشراء مع الله.
و"إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم واموالهم بان لهم الجنة"