أن التاريخ العربي والاسلامي مليء بشخصيات أغنت التجربة الانسانية وأصبحت نموذجا" شكل منعطفا" مهما" في صناعة الاجيال, بل أن هناك نماذج أثرت في العالم اجمع وأصبحت رموزا" حفرت عميقا" في ذاكرة الزمن وأنتصرت على آفة الاندثار والنسيان, فصارت سيرتهم قبسات من نور وشموس لا يحجب أشعتها مرور سحب التغيير فأصبحوا متجددين عبر الزمن, وأحد هذه الرموز الزهراء (عليها السلام), فهي مثل قدمته رسالة السماء للمرأة النموذج وصاغته عناية الخالق جلا وعلا, وشاءت العناية الالهية ان تكتمل التحفة الربانية وتنشأ في بيت النبوة فتصبح أنموذجا" فريدا" نهل من المعالي والرفعة والسمو, ثم أصبحت بعد ذلك زوجة لأمير المؤمنين واما" للائمة المعصومين عليهم السلام فأجتمع لها من الصفات والفضائل مالم يكن لغيرها من نساء العالمين, فهي أبنة خير رجل على وجه الارض, وزوجة أعظم شخصية في تاريخ الاسلام بعد شخصية الرسول الاكرم (عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام) , فتعددت أدوارها ومسؤولياتها فبرعت في جميع المهام وانجزت كل المسؤوليات المناطة بها رغم صعوبة التكليف وثقل المهمة, فقد كانت الابنة المساندة لوالدها الرسول المكلف بإتمام الرسالة فتحملت معه الاعباء وساندته كما فعلت امها خديجة رضي الله عنها, فمواقفها معروفة في مساندة الرسول الاكرم منذ ايذاء تعرضه لإيذاء قريش حيث كانت تغسل التراب عنه وجهه الشريف وتذب عنه عندما يقذفونه طغاة قريش بما لا يليق بشخصه الكريم, مرورا" بالتحاقها به بعد الهجرة لنصرة دين الله ,بالإضافة الى مواقفها ايام الحروب التي لا تعد تحصى في المعارك ومنها معركة احد عندما شج جبين الرسول فأقبلت وغسلت الدماء عنه, وفي معركة الخندق كانت تنقل اقراص الخبز لرسول الله بعد ان بقي عدة ايام دون طعام بسبب الحصار فقد كانت نعم السند للنبي الأكرم (عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام) وسعت لمؤازرته تنفيذا" لا رادة السماء واظهار امر الله, ثم ضربت اروع امثلة التواضع والبساطة في حياتها مع امير المؤمنين عليه السلام فكانت حياتهما مثالا" للزهد والقناعة, ثم سعت عليها افضل الصلاة والسلام الى اعداد الأئمة المعصومين ليأدوا ادوارهم على اكمل وجه بصفتهم ائمة المسلمين وحماة دين الله واعدت بنات امير المؤمنين لملحمة كربلاء التي غابت عنها وتركت من يقوم بالدور بدلا" عنها لنجاح ثورة الحسين عليه السلام وحماية الرسالة فكانت زينب وام كلثوم عليهما السلام نسخة منها أدوا ماعليهم تجاه الله وتجاه نبيه وهذا دليل على عطاء ذرية الرسول ومدى تفانيهم لنصرة الرسالة ونجاح الزهراء في اعداد حماة الدين , ودليل على اكرام الله لها اذ جعل في ابناءها الامامة وخصها وأياهم بالكرامة, أمرأة تستحق لقب سيدة نساء العالمين لما انجزت وقدمت وتحملت وضحت, اتخذت من العفة تاجا" ومن العقل زينة, ومن الورع والتقى والايمان زادا" ومن التضحية في سبيل الله طريقا" ومن الزهد والقناعة والبساطة منهجا" للحياة, أسطورة كتبت بيد النبوة وبرعاية الخالق جل وعلا, فأصبحت قدوة للعالم اجمع رجالا" ونساءا".