جرت العادة في دول العالم إن سياسة أي بلد تدار من قبل الحكومة وتكون أمام الشعب مسؤولة عن أي إخفاق يحصل في تحقيق ما يصبوا إليه الشعب ولكن وقبل هذا الأمر على الحكومة أن تقدم لشعبها برنامج عمل يتسم بالعملية والواقعية وضمن حدود الممكن ومحدد بسقف زمني لتحقيق أي خطوة في هذا البرنامج ولهذا على الحكومة أن تبحث عن الكفاءات والخبرات التي تحقق هذه النتيجة بعيدا عن أي اعتبارات ومهما كانت طبيعتها يمكن أن تكون حجر عثرة أمام المخطط المرسوم وفي حالة إخفاق الحكومة هنالك من يحاسبها قانونيا إلى أن تصل الحال إلى سحب الثقة منها وعزلها وتشكيل حكومة جديدة تلبي الطموح ٠
أما في عراقنا اليوم لا تعرف التوجه الحقيقي للسياسة العراقية فمن المعلوم لدى الجميع هنالك دستور يحكم الصلاحيات ويوزع الأدوار فخصص صلاحيات الحكومة وصلاحيات البرلمان وصلاحيات المؤسسات الأخرى التي لها الأثر في توجيه الأمور بالوجهة الصحيحة والحقيقة إن خلط الأوراق والتضاربات الحاصلة فيما بين أصحاب الصلاحيات أضاع العمل الجاد والملتزم بالضوابط إضافة إلى تدخلات الكتل البرلمانية والعمل على إفشال كل طرف للطرف الأخر من اجل إسقاطه مما انعكس على تردي الأداء الحكومي وزعزع الثقة بين الجميع وكما اعتمد أسلوب المقايضات والتنازلات بمقابل بعض المكاسب الضيقة وركن الضابطة القانونية والخروج على الدستور وفقراته وعدم الإيفاء بهذه المقايضات والتنازلات ولد حالة من التشنج والوصول إلى التصعيد الإعلامي والسجالات الكلامية التي أثرت على الشارع وخلقت حالة من الشتات والفرقة والنتيجة واحدة بدون انجازات تذكر ٠
إن تقسيم الحكومة إلى أجزاء غير مترابطة في العمل والتنسيق اثر على مفهوم وحدة الهدف وذلك من خلال المحاصصة الحزبية والطائفية والفئوية التي شملت الوزارات مضافا لذلك اعتماد شخصيات غير الكفوءة في إدارة هذه الوزارات لمجرد إن الوزارة تمثل احد التوجهات الحزبية كما إن الكيانات والقوائم لا تعمل فيما بينها على المشتركات التي يمكن أن تكون كحل وسط يخدم وحدة الهدف بل ساعدت التنافرات على اتساع الفجوة فيما بينهما ٠ ونلاحظ الخلل واضح في سياسة الدولة الداخلية بل وحتى الخارجية في التعامل مع معطيات المرحلة الراهنة فنرى الفساد الإداري والمالي قد اتسع حتى أصبح علاجه صعب المنال والخروقات الأمنية التي هدرت أرواح العراقيين وعطلت كثير من القطاعات والأعمار والبناء والتشغيل وغيرها من القطاعات التي يمكن إن تساعد العراقيين في الشعور بأفضل الأحوال بل بالعكس الصراعات الموجودة على الساحة السياسية العراقية منح بعض الخروقات والتجاوزات على حقوق العراق خارجيا كما يحصل في ميناء المبارك في الكويت ٠
لابد لسياسة الدولة من مرحله انتقالية جذرية تسير بعكس الاتجاه الذي تخطوا عليه اليوم يجب تفعيل كل الضوابط والقوانين ابتداء من الدستور نزولا إلى اصغر تشريع ٠
وفق السياسة الحالية التي تعمل بها الدولة العراقية ستضعف العراق وتهدر الإمكانيات وتسرف في الوقت والشعب هو السواد الأعظم لم يجني أي فائدة تذكر والمستفيد شريحة قليلة ومحدودة تتمتع بشتى أنواع الفائدة على حساب الآخرين إضافة إلى المكاسب التي تحققها بعض الأجندات الخارجية ابتداء من الاحتلال الأمريكي ودول الجوار التي تريد عراق ضعيف غير مستقر تلازمه الأزمات وتكثر به المعضلات وكل هذا وذاك استنزاف العراق بمقدراته وإمكانياته وطاقاته من اجل فائدة الآخرين ٠
يبدوا إن الوطنية قد ضاعت في بلدنا وأصبحنا نعمل وفق المنفعة الضيقة سواء كانت شخصية أو فئوية وهذا التوجه في الحقيقة يؤدي إلى أن العراق سيبقى ساحة مفتوحة للآخرين والمتصارعين والذين يبغون تصفية حساباتهم والمتضرر أبناء الشعب المغلوب على أمره ٠
ويبقى السؤال من يدير السياسة في العراق ؟ وكيف تدار؟ .