إن طموح الشعب في التطور والتقدم والتغيير مطلب مستمر وحاجة ملحة لا تتوقف عند حد معين ومحاولة الحكومات تلبية الطموح يجعل عجلة العمل مستمرة والعمل لا بد أن يتخلله معوقات وإخفاقات تحتاج إلى حلول لغرض الاستمرار وكل هذا يأتي من اختلاف وجهات النظر بين المشتركين في اتخاذ القرار والدولة التي تسعى إلى أن يكون نظامها ديمقراطيا أو شبه ديمقراطي على الأقل تحتاج إلى توافقات في الرأي والرأي الآخر للوصول إلى حل وسط وتسيير العجلة حسب الاتفاق ولا يوجد اليوم دولة لا تعاني مشاكل وأزمات في داخلها والكثير يحاول احتواء الأزمة وقد تخرج إلى إطار أوسع لتشمل دولا أخرى والأمثلة في هذا الجانب كثيرة فالصين على سبيل المثال ومعاناتها من الزيادة في عدد سكانها وما تحتاجه من توفير متطلبات على اقل تقدير المعيشية جعل منها دولة مقلدة للسلع والبضائع باختلاف أنواعها مما خلق لها مشكلة مع دول عديدة وهناك دول عانت من البطالة فألجئها إلى معالجات خلقت مشاكل مع دول أخرى وصلت إلى حد إعلان الحروب فيما بينها وأودت إلى خسائر تكبدتها الأطراف المتنازعة ٠
تعاني الكويت من واقعها السياسي والاختلافات التي ازدادت فجوتها فيما بين الكيانات الممثلة للشرائح الاجتماعية وبالتحديد في مجلس الأمة والخلافات فيما بين الإسلاميين من جهة والمتطرفين السلفيين من جهة أخرى وأساس هذا الخلاف مبني على الطائفية والتوجه المذهبي والنزاع الذي حصل في مجلس الأمة قبل أيام يصور الحالة بدون تعليق مما ينعكس هذا التنازع على السياسة الحكومية وتصدير هذه الأزمة من حيث الأثر للعراق وظهور ذلك جليا في قضية ميناء المبارك الذي يؤثر على منح العراق منفذ على البحر مضافا إلى ذلك الإرث التاريخي الذي تركه صدام المقبور من عداء بين الشعبين وآثاره التي ما زالت سارية لحد هذه اللحظة وحتى في ظل الوضع العراقي الجديد أيضا ٠
تبنت الجماعات السلفية موقف يؤثر على العلاقة بين العراق والكويت وذلك بدفع من قبل الأجندات الخارجية التي تعمل لها هذه الجماعات والتي لها آثرها على السياسة الكويتية ٠
إن العلاقة بين الكويت والعراق أصابها الانتعاش بعد سقوط النظام السابق ولكن سرعان ما تراجعت بسبب الإرث السابق مع بعض التداخلات خلقت حالة من التخدر والإرباك مع تصيد الفرص لغرض الأضرار أو كسب المنافع على حساب الأخر بالنسبة إلى الجانب الكويتي ومما شجع لاستفحال هذه الحالة ضعف السياسة العراقية والمشاكل التي يعانيها في الداخل والأزمات المستمرة التي أضعفت فاعليته كقوة بكل جوانبها الاقتصادية والعسكرية والأمنية وحتى الاجتماعية وغيرها ٠
إن الضعف السياسي العراقي احد الجوانب التي أصيبت بالوهن حاله حال بقية الجوانب الأخرى لأنها خاضعة إلى الاختلافات بالرأي فيما بين التوجهات الخاصة لكل كيان مما أصابها بنوع من البطء والتسييس ٠ يجب أن يكون دور الحوار السياسي في حل الأزمات الخارجية اكبر والابتعاد عن التصعيد الإعلامي الذي لا يفضي إلا إلى تأزم الأمور بشكل اكبر مما عليه الحالة فاحتواء المشاكل الخارجية يجب أن يتم عن طريق القنوات الدبلوماسية وإيجاد حلول ترضي جميع الأطراف بعد إثبات الأزمة بالدليل القاطع وان لايوخذ الدليل من حديث غير مسؤول وإثارة المواقف على أساسه نحن نحتاج إلى بناء علاقات طيبة مع المحيط الإقليمي واثبات حسن النوايا من قبل الجميع وحل المشاكل العالقة بالوسائل الدبلوماسية والحوار الهادف .. وبين الصدق والجذب أربع أصابع .