فالمائدة المستديرة في المصطلح السياسي, (هي المفاوضات التي تجري بين الاطراف المختلفة على مستوى متكافيء دون تمييز لطرفٍ عن غيره من الاطراف).
وأشتق إسم المائدة المستديرة بسبب حدث تأريخي يتعلق بملك (إنكليزي إسمه آرثر) دعا في حينه جميع فرسان مملكته للجلوس حول هذه المائدة دون أن يميز أحدهم عن الآخر,وربما تكون هذه أسطورة من الاساطير المثالية للتآلف والتوادد بين الاطراف ليتجنوا الاقتتال بعضهم بعضا,حفاظا على وحدة المملكة,وحتى لو كانت هذه قصة خيالية,فهي بذاتها تعطي دفعة أخلاقية لكل أطراف النزاع بين الكتل السياسية عندنا, ليمكنهم من الاستفادة منها, للتآزر والتعاون والمحبة ليجنبوا البلد وشعبه أتون الحروب والخسائر التي لاتنقضي ليسجل لهم التاريخ عظم شخصياتهم المؤثرة في المجتمع العراقي.
وبامكاننا ونحن نراقب الاحداث المتراكمة والخطرة في عراقنا اليوم أن نتطرق الى مايهدف اليه النداء المتكرر من قبل المجلس الاعلى بزعامة (السيد عمار الحكيم) لكل الاطراف المشاركة في العملية السياسية,قبل سنتين وبالتحديد بعد إكتمال عملية فرز الاصوات والتي أعقبتها أزمة سياسية خانقة حول من هي الكتلة الكبيرة التي تتكفل تشكيل الحكومة, فالندائات المتكررة من قيادة المجلس الاعلى جائت لانقاذ العملية السياسية من السقوط وبالتالي سقوط العراق بيد المجموعات المتطرفة ممايسهل تدخل الدول المجاورة في شؤوننا والتي تحاول إستغلال الاوضاع المتأزمة ووضع يدها للحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية, أواللعب بنار فتيلة الفتنة كي تحصل على مكاسب من هذا الطرف أو ذلك على حساب شعبنا,وفعلا فنتيجة عدم الاستجابة لهذه الندائات,دخلنا في معترك لايمكن الخروج منه, الا بالجلوس معا,وهو مخرج لابد من الركون اليه لمناقشة سبب الخلافات وسبل الخروج الى حل يرضي جميع الاطراف المختلفة لتجلس جميعها حول مائدة بحيث يمكن لممثلي تلك الاطراف رؤية بعضهم البعض ومناقشة الامور التي إختلفوا بسببها وشرحها بالتفصيل أو طرح النقاط المهمة المختلف عليها وبكل جرأة, والتي يمكن أن يتفق على حلها, وترك النقاط الخلافية غير المهمة الى أجل مسمى لحين تهدئة النفوس.
وحتما سيسمح لكل ممثل أن يعبر عما يريده ويسجل النقاط بموضوعية مع طرح الملاحظات المختلف عليها بشترط عدم الخروج عن الدستور الذي وضعه نفس ممثلي هذه الاطراف في حينه لضمان حقوقهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه, وهو مامدى مصداقية الحاضرين لفض الخلافات المتكررة والمتشظية الى غيرها أكبر وأكبر,وماهو مقدار حرصهم للحفاظ على وحدة العراق وشعبه؟,وهل هم بمستوى مسؤولية أولئك الفرسان الذين جمعهم آرثر على الحب والمودة والتآزر لتوحيد إنكلترا ووضع مصلحة الشعب فوق كل مصلحة؟وبالتالي أصبحت مملكة إنكلترا لاتغيب عنها الشمس!!؟, وهل ممثلي الكتل والاحزاب سيصبحون فرسان العراق لتكتب أسمائهم بحروف من نور لانهم خلصوا العراق وشعبه من أزمات حادة,وما رافقتها من قتل على الهوية وتشريد وتهجير وضحايا وغيرها من المصائب؟ لعلنا نحصل على الجواب في الايام المقبلة لنرى مصداقية ماتجمعوا لأجله.
ربنا أجب دعوة المضطرين من الحيرة, حول المائدة المستديرة.
جاسم الأسدي