الله تعالى يعاملنا بالرحمة ويريد لنا الخير ومن هنا سمح لعباده أن يدعوه ومن خلال الدعاء يكون التعامل مع الله سبحانه وتعالى بتحقيق ما يعجز الإنسان عن تحقيقه و قضاء ما يعجز الإنسان عن قضاءه .
والدعاء من ضمن العبادة فليست المسالة كما يفهمها البعض من أنها مسالة طلب فقط إنما هي اكبر بل أنها من ضمن العبادات .
واعلموا هدانا الله وإياكم إن الدعاء ينتج تضعيف للجوانب المادية والاعتماد عليها ، وتقوية لجانب اليقين فلنا أن ندعوه تعالى بكل صغيرة وكبيرة في حياتنا قال الإمام الصادق )ع) ( عليكم بالدعاء فإنكم لا تقربون إلى الله بمثله ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها لان صاحب الصغار هو صاحب الكبار (
ومن انواع الدعاء ما يكون باللسان وهو المتعارف لدى الناس .
والدعاء الفعلي : أن يكون المؤمن داعي لله بفعله أي يكون أداء الفعل هو دعاء لطلب حاجة معينة .
ومثاله أن يدفع الإنسان الصدقة لأجل دفع أو رفع بلاء معين فتكون هذه الصدقة عبارة عن دعاء فعلي لله تعالى.
والدعاء الحالي : فيكون حال المؤمن هو الذي يطلب كما يقال ) علمه بحالي يغني عن سؤالي ( فيكون حال الاحتياج هو الدعاء .
والمهم في الداعي وهو تيقن الإجابة فعلينا حين ندعو أن نتيقن الإجابة قال الصادق : )عليه السلام) : ( إن الله عز وجل لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساهٍ فإذا دعوت فاقبل بقلبك ثم استيقن الإجابة )
فأنت تدعو من لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض ، تدعو من اوجد خزائنه لأجلك لا لأجله ، تدعو من طلب منك دعاءه وضمن لك الإجابة . وقيل للاِمام الصادق ( عليه السلام ) : ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا ؟! فقال ( عليه السلام ) : ( لأنكم تدعون من لا تعرفونه )
ثم إنّ النتائج الجيّدة من الأدعية غير منحصرة بل قد تتعدد جوانبها من حيث كونها ذكراً لله سبحانه وتوكلاً عليه وتوسلا ًبه , تنتج فوائد نفسية و تربوية عديدة وذلك لأنّ الأسباب الطبيعية، مهما كانت مهمة ، فإنّ التفاعل الحقيقي هو مع سبب الأسباب جلّ جلاله .
ولقد حدَّد النبي ( صلى الله عليه وآله ) وآل البيت ( عليهم السلام ) آداباً كثيرة للدعاء منها :
أن يكون الداعي على طهارة خصوصا عقيب الصلاة ، فقد رَوَى مسمع عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : ( يا مسمع ، ما يمنع أحدكم إذا دخل عليه غَمٌّ من غموم الدنيا أن يتوضأ ثم يدخل مسجده ، فيركع ركعتين فيدعو الله فيهما ؟ ) .
ويستحب أن يصلي الداعي ركعتين قبل أن يبدأ بالدعاء ، فقد قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( من توضأ فأحسن الوضوء ، ثم صلى ركعتين ، فأتمَّ ركوعهما وسجودهما ، ثم سلَّم وأثنى على الله عزَّ وجل وعلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم سأل حاجته فقد طلب الخير في مظانِّه ، ومن طلب الخير في مظانِّه لم يخب ) .
ومن آداب الدعاء أن يبدأ الداعي دعاءه بالبسملة ، لقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( لا يُرَدُّ دعاءٌ أوَّله بسم الله الرحمن الرحيم ) .
وينبغي للداعي أن يحمد الله ويثني عليه قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إذا طلب أحدكم الحاجة فَليُثنِ على ربه وليمدحه ) .
وعلى الداعي أن يدعو الله تعالى بأسمائه الحسنى لقوله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( لله عزوجل تسعة وتسعون اسماً ، من دعا الله بها استجيب له ) .
ومن أهم آداب الدعاء الصلاة على النبي وآله ( عليهم السلام ) قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( لا يزال الدعاء محجوباً حتى يصلى عليَّ وعلى أهل بيتي )
وينبغي للداعي أن يتوسل باولياء الله تعالى و أهل البيت ( عليهم السلام ) هم سادة الاولياء فقد قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( من دعا الله بنا أفلح ، ومن دعاه بغيرنا هلك واستهلك ) .
وعلى الداعي أن يعترف بذنوبه مقراً ، تائباً ونسمع في دعاء أمير المؤمنين ( عليه السلام ) المروي عن كميل بن زياد : ( وقد أتيتك يا الهي بعد تقصيري وإسرافي على نفسي ، معتذراً نادماً ، منكسراً مستقيلاً ، مستغفراً منيباً ، مقراً مذعناً معترفاً ، لا أجد مفراً مما كان مني ، ولا مفزعاً أتوجه إليه في أمري ، غير قبولك عذري وإدخالك إياي في سعة من رحمتك ) .
من أهم آداب الدعاء هو أن يقبل الداعي على الله سبحانه بقلبه ومشاعرة بل بكل ذاته قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إن الله عزَّ وجل لا يستجيب دعاء بظهر قلبٍ ساهٍ ، فإذا دعوت فأقبل بقلبك ثم استيقن بالإجابة ) .
ويغتنم الدعاء عند رقة القلب و الخشية قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( اغتنموا الدعاء عند الرقة ، فإنها رحمة )
وخير الدعاء ما كان فيه البكاء من خشية الله قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) لأبي بصير : ( إن خفتَ إمراً يكون أو حاجة تريدها فابدأ بالله ومَجِّدهُ واثنِ عليه كما هو أهله ، وصلِّ على النبي ( صلى الله عليه وآله ) وَسَل حاجتَكَ وتباكَ ولو مثل رأس الذباب ، إن أبي كان يقول : إن أقرب ما يكون العبد من الرب عزَّ وجل وهو ساجد باكٍ ) .
ومن آداب الدعاء أن لا يخصَّ الداعي نفسه بالدعاء ، بل يذكر إخوانه ويشملهم بدعائه قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( إذا دعا أحدكم فليعمُّ ، فإنه أوجب للدعاء ) .
والافضل أن يدعو الاِنسان خُفية ليبتعد عن الرياء قال الإمام الرضا ( عليه السلام ) : ( دعوة العبد سِراً دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية )
ومن لوازم الدعاء أن يدعو الفرد في الرخاء مثل دعائه في الشدة فقد قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( من سَرَّهُ أن يُستجابَ له في الشدة ، فليكثر الدعاء في الرخاء ) .
واخيرا ننصح الاخوة الى افضل كتاب يضم اعظم الادعية وهو الصحيفة السجادية التي تضم ادعية سيد الساجدين ( ع ) فان فيها درر عظيمة بمختلف انواع واشكال الادعية
ونختم بهذه الرواية اللطيفة عن هذا الامام العظيم فقد قال الصادق ( ع ): كان علي بن الحسين يقول : ما تجرعت جرعة غيظ أحب إلي من جرعة غيظ أعقبها صبرا ، وما أحب أن لي بذلك حمر النعم قال : وكان يقول : الصدقة تطفئ غضب الرب قال : وكان لا تسبق يمينه شماله ، وكان يقبل الصدقة قبل ! أن يعطيها السائل ، قيل له : ما يحملك على هذا ؟ قال : فقال : لست اقبل يد السائل إنما اقبل يد ربي ، إنها تقع في يد ربي قبل أن تقع في يد السائل ، قال : ولقد كان يمر على المدرة في وسط الطريق فينزل عن دابته حتى ينحيها بيده عن الطريق ، قال : ولقد مر بمجذومين فسلم عليهم وهم يأكلون ، فمضى ثم قال : إن الله لا يحب المتكبرين ، فرجع إليهم فقال : إني صائم وقال : ائتوني بهم في المنزل ، قال : فأتوه فأطعمهم ثم أعطاهم .