وتوالت ليالي بغداد بين المقمرة والسوداء ، وبين السقوط والتحرير ، مرورا بتاريخ اكثره ظلمة ، عانت منه عامة الناس كثيرا ايام الدولة العثمانية ، وصولا الى الامبراطورية البريطانية التي احتلت بغداد سنة ١٩١٧ م ، بقيادة الجنرال مود ، وكان يوما داكنا ملبدا بالسواد بالنسبة لمؤيدي السلطنة العثمانية والمستفيدين منها ، فيما استبشر الكثير غيرهم وخاصة اليهود والمسيح ممن شعروا بظلم سلاطين ال عثمان ، وأخيرا سقطت بغداد على يد قوات التحالف الذي قادته الولايات المتحدة الامريكية سنة ٢٠٠٣م وكان الشعب العراقي كعادته بين المعارضة والتأييد وذلك استجابة لنظرية الضرر والتعسف والاضطهاد من جهة والفائدة والتسلط على رقاب الناس من جهة اخرى .
ومن يقرأ التاريخ يضيف لمعلوماته مصطلح ثالث غير السقوط والتحرير ألا وهو الانقلاب العسكري الذي شهدنه سنوات القرن العشرين ، وتفاوتت تسمياته بين الثورة البيضاء والانقلاب الابيض ، والتي لا يراود العاقل عند سماعها الا مرارة الواقع ، وتزامنه مع القتل وسفك الدماء ، ومع تلك المقدمة الطويلة وعند الانتقال السلمي للسلطة المحلية في بغداد قبل ايام ، وفق الاليات الديمقراطية ، ومن خلال سماع اخبار بعض القنوات وتصريحات بعض ساسة بغداد ، تراودنا الشكوك وتظهر لدينا مجموعة اسئلة استعلامية ، الى الحد الذي نتصور فيه فعلا بأن بغداد قد سقطت بيد فئة باغية ضالة ، او انها استأصلت من جسد العراق ، بل وأكثر من ذلك بحيث تنبأ البعض لساكنيها بالموت والإرهاب اكثر مما يحصل الان ، كل ذلك بسبب انتقال سلمي للسلطة كفله الدستور ووفق نظرية الاغلبية السياسية ، التي رفعوا لواءها قبل الانتخابات حينما كانوا في السلطة ، والسؤال هنا هل ان بتغيير الحكومة المحلية في بغداد أدى الى سقوطها ؟ . ام الامر معكوس وأنها قد تحررت ؟.