عليكم أن تفهموا أيها الاعراب جميعا ومن لف لفكم، أن التقزيم والاستصغار والاستهتار والاستهزاء بخلق الله، وجميع الأديان والجنسيات والمذاهب ومنهم الشيعة، هو ليس فقط جريمة واعتداء على الله وعلى حدوده، بل انها خطيئة تدخل في عداد الافكار الرافضة للتوحيد والعبودية لله سبحانه وتعالى.
"ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلنكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقكم،إن الله عليم خبير."
نحن ماكنا نتألم كثيرا على تلك الشبهات، لأننا كنا على يقين ثابت، ان من تبنوا ظاهرة اطلاق -تلك- الشبهات هم بأمس الحاجة دون غيرهم إلى اثبات اصلهم ونسبهم وهويتهم وانسانيتهم، وسبب راسخ آخر هو، أنهم"سقطوا من عين الله، ومن عين رسوله وآله(ص)"، بسبب العلو والفساد في الأرض وانتهاك الحرمات، والتجاوز على حدود الله.
فابتلاهم الله بنا، وبحبنا وبولائنا للرسول الأكرم وآل بيته الكرام صلوات الله عليهم اجمعين، وببغضهم له(ص) والنصب والعداوة لأهل بيته الكرام من بعده(ع) واتباعهم.
وابتلاهم الله أيضا بما نسمع ونرى؛
'من فتاوى باطلة لقتل الناس، وهدر دمائهم واستحلال أعراضهم واموالهم على انهم كفار، ومن تحريض طائفي مقيت راح ضحيته الآلاف من الناس بسبب استعار الحروب الأهلية والاقتتال المسلح.'
'ومن تزوير للحقائق يصل إلى حد التكفير وممارسة أكبر الكبائر بمذابح ترتكب يوميا في مدن متعددة في المنطقة يذهب ضحيتها الناس الابرياء من الاطفال بالقتل بالسلاح الابيض وباغتصاب النساء وقتلهن على أيادي مجموعات تكفيرية اجرامية مرتزقة قادمة كقدوم الأفاعي الصفراء من كل حدب وصوب ممن نبذتهم بلدانهم ولفظتهم مجتمعاتهم-والقتل يتم عندهم بدم بارد وبصيحات "الله أكبر" التي صارت سمة لهم من سماتهم عملا بفتاوي شيوخ النكاح وإباحة اللواط-.'
'وما يقومون به من ظلامات ومفاسد ضد الشيعة"من قتل وظلم واضطهاد وتعذيب وتهجير من زمن"فترة مابعيد إستشهاد النبي محمد (ص) وإلى يومنا هذا، سواء في العراق أو في بلد آخر، ما هو والله إلا البلاء الأكبر الذي مابعده بلاء، وذلك هو الخسران المبين، فإلى أين يذهبون والى متى يكيدون ويمكرون؟'
"ولايحيق المكر السيء إلا باهله".
يذكر، أن الانتفاضة بدأت شرارتها الاولى من "مدينة البصرة" تحديدا بعد انسحاب القطعات العسكرية من الكويت، "على اثر قيام أحد الجنود العراقيين باطلاق النار على تمثال صدام في ميدان " ساحة سعد" من"فجر اليوم ١٥ من شعبان عام ١٤١١، الموافق للثاني من آذار ١٩٩١ وانهال عليه بالسب والشتم، وانتقلت شرارة الانتفاضة إلى منطقة "الهارثة والدير"بسرعة مذهلة، وخلال يومين عمت الانتفاضة معظم المدن والقصبات العراقية، فسرت في العمارة، والناصرية، والنجف، وكربلاء، وواسط، والمثنى، والديوانية، وبابل، وديالى، والسليمانية، وأربيل،ودهوك، وكركوك، سريان الموجة في الماء.
أما أسباب عدم استمرار الأنتفاضة وعدم نجاحها في تحقيق أهدافها الآنية، فيعود ذلك لعدة عوامل من أهمها:
*تتميز الأنتفاضة على انها شعبية تفتقر لقيادة ميدانية حاضرة تقود الناس المنتفضة وتشرف على قيادة المجموعات.
*غياب وسائل الاتصالات بين المجموعات الزاحفة، مما سهل خرقها بسهولة من قبل النظام وشق صفوفها بسرعة.
*سرعان ماسرب النظام وبدهاء ومكر أموي، للمجتمع الدولي ان الأنتفاضة طائفية مدعومة من أجندة خارجية بالاشارة إلى إيران.
*انعدام الاعلام الحر والمستقل الذي يساعد على نقل الأحداث فور حدوثها، لفضح جرائم النظام، ماعدا الاعلام الغربي وبعض القنوات التليفزيونية والاذاعية التي أصبحت عسيرة المتابعة على المواطن العراقي بسبب الظروف المادية والتقنية آنذاك.
*الأرض السهلية المنبسطة الحاضنة لمسارح عمليات الانتفاضة، ساهمت بتسهيل عمليات الانقضاض الجوي لضرب المدن والتجمعات من قبل الطيران الحربي.
*كما وحجمت طبيعة الأرض السهلية المفتوحة، فعاليات الأنتفاضة العسكرية، بتحجيم انفتاح عناصرها للانتشار على أوسع رقعة أرضية لغرض تبديد التجمعات البشرية النقطوية التي تشكل هدفا صالحا للأصطياد، وتقييد حريتها في مسك الأرض أو الأحتفاظ باهداف حيوية تكون وسيلة ضاغطة على النظام لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية.
والأنتفاضة ورغم عدم نجاحها في تحقيق أهدافها آنذاك، الا انها استطاعت أن تؤسس لمقاومة موحدة الخطاب والأهداف، تتمتع باحترام واعتراف المحافل والمؤسسات الدولية، تؤرق النظام وتحبس انفاسه وتحييد جبروته، وتقزيم دوره، بفضل دماء الشهداء والتضحيات الجمة التي قدمتها الأنتفاضة كقرابين من خيرة شبابها، ونجحت في ارسال رسالة شديدة اللهجة للحاكم الصنم ولجميع أصنام العالم مفادها:
"نحن أهل الانتفاضة الشعبانية، أستطعنا أن ننتفض بوجه اعتى واقسى وامضى نظام ديكتاتوري في التاريخ، على الرغم من عزلتنا وندرة قوتنا وتفرق جمعنا، استطعنا أن ندك حصون النظام المنيعة في بغداد، بعد ان أسقطنا جميع الحكومات الفرعية المتفرعنة في الاقضية والمحافظات المرتبطة بقبضتة بقالب مركزي بوليسي، ولولا الدعم اللوجستي الخارجي المباشر الذي تلقاه النظام في حينه من قبل أمريكا عدوة الشعوب، والتي أنقلبت معه ولصالحه رأسا على عقب، واعطائه الضوء الأخضر لفمع الأنتفاضة، لتوغلنا إلى قلب بغداد ولأسقطنا النظام، هذا وبالرغم من عدم تمكننا من تحقيق أهدافنا، ألا اننا قادرون على مصادرة حريته وسعادته، وزعزعة أمنه وكيانه، وأستفزازه في أية لحظة، وجعل جميع خططه لقمع واحتواء الناس، وإستبداده السافر مكشوفة على الملأ وتحت الأضواء".
ولايخفى على أحد أن الطرق الوحشية التي قمعت بها الأنتفاضة
من حديد ونار وذبح واعتقال وقتل على الطريقة الاموية التي كان من نتاجها المقابر الجماعية، لم تقلل من عزم الأنتفاضة ولا من باسها ولا من حضورها الدائم، فضلا عن الترهيب التي تعرضت له المدن العراقية وعمليات الاعتقال والمداهمات التي قامت بها القطعات العسكرية من الحرس الجمهوري والحرس الجمهوري الخاص للمساكن والبيوت واعتقال من فيها من الرجال، التي لم تزيد في الناس الا عنادا واصرارا لنيل حريتها والتسريع في اسقاط النظام بمساعدة المجتمع الدولي والتعاطف معها من الناحية الانسانية، (ولاننسى تلك الليلة الليلاء التي مرت بها مدينتي حيث الرعب والترويع والصخب الذي وصل الى عنان السماء جراء صيحات النساء وصراخ الأطفال وأنين الشيوخ، وإن كل نجى في تلك الليلة كتب له عمر جديد، وأنا واحدا منهم، حيث تخلصت من قبضة ضابط استخبارات لواء الحرس الجمهوري آنذاك -المكلف باعتقال كل من تدور حوله الشبهات واعتقاله فورا وبشكل تعسفي - وأنقذني الله سبحانه وتعالى من قبضته بأسلوب عجيب قل نظيره،والحمد والشكر لله على ماأنعم علي فيها ودفع عني فيها كل شر ومكروه، وعن كل المؤمنين) .
أن المذابح والمهالك التي تعرض لها العراقيين عقب مرحلة مابعد انحسار الأنتفاضة الشعبانية، ماهي الا كنتيجة لتطبيقات من مجموعة فتاوي دينية صدرت من رجال دين من صناعة النظام نفسه على مدى سني حكمه، ومن الموروث السلفي الأموي المتمثل بالحزب الأموي الذي لبس عباءة الدين واحتل مساحة كبيرة في الساحة العربية تحت عدة مسميات على شاكلة حزب البعث وحزب العدالة وبعض الأحزاب التي تدعي الحرية والوحدة والليبرالية، والتي انتحلت أهدافها وشعاراتها من أحزاب شرقية وأوربية كوصفة جاهزة كذبا وزورا.
الملفت للنظر في هذه الفتاوي، وبحسب ماصدر منها من مشايخ الوهابية في السعودية على اثر سقوط النظام في العراق، والذين مهدوا له-أي السقوط- بأنفسهم على اثر احتلال الكويت، الملفت فيها ومنذ بداية السقوط انها أستهدفت الشيعة في العراق على وجه التحديد، -الشيعة الذين انتفضوا بوجه النظام على اثر احتلال الكويت كأحد الأسباب المباشرة للقيام بالأنتفاضة- وكأن الشيعة فيه خرجوا من "بئر ووقعوا في حفرة" دون أي ذنب أقترفوه الا ذنب ولاية وحب علي بن ابي طالب (ع)، حيث بدأت هذه الفتاوي الهيستيرية بدعوة المسلمين في أنحاء العالم للتوجه للعراق واعلان حالة الجهاد بوجه الشيعة اينما كانوا، لنصرة اخوانهم السنة في العراق
من "خطر الرافضة الصفويين من الفرس المجوس من عملاء أمريكا واسرائيل".
وهذه الفتاوي والدعوات صارت أشبه "بالقوانة" يعزفون عليها صبحا ومساءا من ذلك الحين والى يومنا هذا، ولاادري ماذا سيقولون لرسول (ص) يوم اللقاء، وما هو جوابهم له عما أقترفوه بحق عترته واتباعهم من قتل وظلم يوم الورود؟
وأين ذهبت عقولكم أيها النواصب؟
"وذاك يوم وهذا يوم" وحملات التفجيرات العشوائية والذبح على الهوية وحوادث الاختطاف والقتل بكافة انواعه والتهجير، تجري على قدم وساق بسبب تلك الفتاوي التي نفذتها القاعدة الوهابية بحق العراقيين الأبرياء، وراح ضحيتها الآلاف من الشهداء وآلاف ممن الحق بركب ذوي الاحتياجات الخاصة.
هكذا وحسب تصورهم القاصر ارادوا ان يطمسوا ويصادروا اهداف الأنتفاضة السيتراتيجية ضمن صفحات الثورة العربية المضادة التي قوضت اهداف الربيع العربي وحرفتها عن مسارها الصحيح الذي قامت من أجله ومن ضمنها الحراك السوري الذي قاموا بتأجيجة منذ اكثر من سنتين، ومحاولة نقله إلى العراق من خلال الاعتصامات المدسوسة مع المتظاهرين في الموصل وكركوك والأنبار منذ العام ٢٠١٢ للقضاء المبرم على امتدادات الأنتفاضة وعلى الشيعة والى الأبد، ولكن هيهات هيهات، فإن الانتفاضة مازالت مستمرة وحاضرة على الساحة والشيعة مازالوا متمسكون بما يعتقدون، مثلهم كمثل المسمار كلما زاد الطرق عليه كلما زاد ثباتا وتوغلا اكثر، وسوف تقض مضاجعكم وتزلزل الأرض من تحت أقدامكم وستسقط كراسيكم، وهي الممهدة أيضا لظهور الحجة القائم (عج) ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن تملؤوها ظلما وجورا، وأبطالها حجر بن عدي والعلامة حسن شحاته وآخرون ممن قضمت أكبادهم وجزرت رؤوسهم، وأن الله ليس بظلام للعبيد، وكلمة الله هي العليا، و"إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
و"دولة الباطل ساعة، ودولة الحق حتى قيام الساعة"
والسلام ختام.
علي الحاج
١٥شعبان١٤٣٤هج
٢٥.٠٦.٢٠١٣ م