[{مشروع القرار بإعتقاد الكثيرين أنه سوف لن يرى النور مالم يتعرض لعدة "اختبارات حيثية ومساومات سياسية انتخابية"، كما وعليه ان يجتاز جدار وخلاصة آراء السياسيين المتنفذين والمتحكمين بمصير الدولة والشعب- بما يشبه حق النقض "الفيتو"- مقرونة ببراءة المتقاعدين من تهمة استفادتهم من مكرمات القائد الضرورة المقبور، وعليهم أن ينالوا على شهادة تبرئهم من تهمة خدمتهم في دوائر الدولة زمن النظام السابق، وإن كان ولابد يجب تبرير هذه الخدمة-كواقع حال- على انها كانت اضطرارا وليست ولائا، كذلك يجب القول والمنطق انها كانت بمثابة صراع من أجل العيش والبقاء، وهذا بطبيعة الحال حق طبيعي وانساني على فرض اعفائهم من مخالفة قاعدة "أنه لايجوز العمل في دوائر الدولة في ظل النظام السابق"، وبدلا من ذلك كان بهم المفروض أن يعملوا أي عمل خارج إطار تلك الحكومة حتى لو كان ذلك العمل يعتمد في مصادره على الاستجداء أو القيام بأعمال أخرى حتى لو كانت متواضعة.
أو إذا كان ولابد من اصرارهم على تحري سبل العيش-والكلام مازال للسياسيين المتنفذين والمتحكمين بمصير الدولة والشعب-، كان المفروض بهم-أي المتقاعدون- ان يتركوا أرض العراق آنذاك ويهربوا إلى دولة أخرى تعبيرا منهم على محاربة النظام ومقاطعته، وتأكيدا منهم على عدم مشروعية العمل والتوظيف في ظل دولته الباطلة ، وكذلك بامكانهم العمل في خارج البلد-ومازال الكلام لهم- هو دليل حربهم للنظام المباد، وحسن ولائهم لنا نحن السياسيون المتنفذون والمتحكمون بمصير الدولة والشعب.
ونقول: وبلسان حال بعض من العراقيين من حاول منهم ركوب مطايا هذه التجربة القاسية، انهم وإذ سنحت فرصة العمل لبعضهم في بلاد الغربة، فلايعملوا إلا بمهنة صبغ الاحذية أو غسل الأواني في المطاعم التي ربما تعتبر فيها موائد لحوم الخنازير من الوجبات الرئيسية، أو يموتوا جوعا لكثرة التعطيل عن العمل، وندرة حظوتهم بالحصول على فرص عمل لائقة بهم، وبسبب جهلهم بظروف العمالة ودهاليزها في تلك البلدان ، هذا هو حال العراقي في زمن صدام، وهذه هي معاناته،وهكذا حكمت الاقدارعليه، في ما يسمى ب"حكم فرعون" أو "حكم المتنطعين" الذي يطبق على المتقاعدين المساكين، الذين وقعوا بين كماشتين، كماشة صدام سابقا، وكماشة أصحاب القرار في الدولة العراقية حاليا. فكل هذه الشروط مجتمعة إذا توفرت بالمتقاعدين سوف ينظر بمطالبهم المتعلقة بصدور هذا القرار مستقلا.}]
بيد انه لم يثبت لهم لحد الآن-أي السياسيون المتنفذون والمتحكمون بمصير الدولة والشعب- أن المتقاعدين كانوا من الد أعداء صدام، أو على الأقل لم يثبت لهم أيضا أنهم حاولوا السعي من أجل الإطاحة به وإسقاط نظامه الطائفي الديكتاتوري..
وللعلم ان هؤلاء المساكين لايستطيعون اسقاط ذبابة، حيث "ضعف الطالب والمطلوب"، والشئ بالشيء بذكر، أن الأنتفاضة الشعبانية بعظمتها ماأستطاعت من اسقاطة، لأسباب قسرية سياسية وعسكرية ولوجستية خارج وسع الأنتفاضة معروفة للجميع، بالرغم من انها تمكنت من اسقاط ١٤محافظة بكافة مؤسساتها ومدنها، أفيستطيع المتقاعدون اسقاطه!؟.
إذا كان كبر عليكم وجودهم على قيد الحياة على أرض العراق، والذي صار ملككم أيها السادة، وتقاضيهم رواتب تقاعدية من خيرات هذا البلد، تعتقدون انهم غير جديرين باستحقاقها منه ، عليكم إذن ان تفكروا ببتسفيرهم خارج حدود العراق وتحت غطاء أي ذريعة، أو أزرقوهم "بإبر طبية مميتة" تصادر حياتهم فتتخلصوا منهم بهذه الطريقة وينتهي الأمر.
وإذا كنتم مصرون على تدمير النسيج الاجتماعي العراقي فابقوا المتقاعدين رهن هذه الحالة كما فعل بهم صدام سابقا - حيث كان يعطي الواحد منهم راتبا بما لايعدل شراء "لفة فلافل من احدى مطاعم الأعظمية"- بلحاظ أن "الضحية يقلد الجلاد في كل شئ حتى لو اضطر أن يكون ظالما"، واعلموا أيها السادة الكرام إذا كنتم تتباكون على حال ذوي الشهداء والثكالى والأرامل والعوانس والمطلقات واليتامى والمساكين والمسنين وأصحاب الاحتياجات الخاصة في العلن، فنحن على يقين أن بعضكم يقف بالضد منهم في السر والخفاء وعندما يخلو مع شياطينه يقوم بابتكار أدهى أنواع الخطط للايقاع بهذه الشريحة المظلومة، لأن تعديل رواتب سيكون سببا ضاغطا لخفض رواتبهم، -وهذه المعادلة يعرفها الاقتصاديون والمختصون في الجهات الأكاديمية والتنفيذية في الدولة- ، لذلك نراهم متلكأون في تأخير اصداره، و تحين الفرص لالغائه بشكل نهائي لأن في هذا الأمر ديمومة الحفاظ على رواتبهم " الشبحية"، والبقاء مدة أطول في بحبوحة العيش الهنيئ على مبدأ " إكل واوصوص".
ولعلمكم أيضا أن معظم هؤلاء- أي ذوي الشهداء والثكالى والأرامل والعوانس والمطلقات واليتامى والمساكين والمسنين وأصحاب الاحتياجات الخاصة-، معظمهم من طبقة المتقاعدين، فهم والمتقاعدون يمثلون حجر الزاوية ومحور مؤثر في المجتمع العراقي، بل صهرتهم التجارب وخبرتهم وخضرمتهم الحكومات والدول التي سبقتكم، على أن يكونوا عصاميين ومجاهدين كادحين وميالين للعيش في الحياة بأصعب صورها، وهذا هو قدرهم في الحياة ولم يتبق لهم من العمر الا أيام معدودات ويلبوا نداء ربهم مظلومين محرومين مقهورين.
وعندما نقول انهم يمثلون حجر الزاوية ذلك لأنهم شريحة كبيرة في المجتمع العراقي ورقم صعب وخطير لايستهان به ذلك لأن اعدادهم تفوق المليوني إنسان ونيف، ويعيلون اكثر من سبعة ملايين مواطن بمختلف الاعمار والاتجاهات، وهؤلاء بمجموعهم الادنى يعدلوا سكان ٣٥ دولة كسكان دولة قطر، وهذه الشريحة الكبيرة بهذا الحجم والثقل تساهم في نتائج صنع القرار السياسي والإعلامي والاجتماعي والأنتخابي، ولها قابلية مذهلة في تسقيط امضى وأعظم شخصية، أو رفعها فوق حدود القياسات المعروفة، "بذكائهم العاطفي وبخبرتهم الاجتماعية، وبتأثيرهم الأسري والعشائري والإعلامي والثقافي، وبإذكاء الاشاعة في التسقيط، وبأسلوب قال الراوي، وسمعت انه قيل عن فلان كذا وكذا" ، وعلى كل سياسي أو موظف حكومي متنفذ في صنع القرار، أن يفهم ويعي هذه الحقيقة ولايتغافلها، فرفقا بمتقاعدي جمهورية العراق النفطية، فهم من عيال الله أيضا، وهم الفقراء حقا، ف"اتخذوا عند الفقراء آيادي ؛ فان لهم دولة يوم القيامة"
-وصدق رسول الله في ذلك (ص) روحي وأرواح العالمين له الفداء.-
واتخذوا منهم، أنتم أيها السياسيون المتنفذون والمتحكمون بمصير الدولة والشعب، اتخذوهم لكم عونا لافرعونا، على العكس من بعضكم، إذ ارادوا منكم وبعد سقوط النظام، أن تكونوا لهم عونا فكنتم لهم وللأسف فرعونا.
فنرجع ونقول: أن تعطيل قانون التقاعد الموحد في مؤسسات الحكومة، له تأثير سلبي وسيء على العامل النفسي للمتقاعدين وأسرهم، الذين ينتظرون اقراره بفارغ الصبر بسبب صعوبة ظروفهم المعيشية، وتداعي الحالة الصحية والبدنية لمعظمهم، وانخفاض معدل مايتقاضونه من رواتب، التي جعلت منهم ان يعيشوا عيش الكفاف، وتحت مستوى خط الفقر، وسط ارتفاع الأسعار وصعوبة تأمين متطلبات الحياة من"أجل البقاء"وتحري سبل العيش الرغيد الذي يحفظ لهم كرامتهم وانسانيتهم وماء وجوههم في مرحلة متأخرة من حياتهم، وهي مرحلة تقدم السن، "وفي مابقي من عمرهم هو القليل".
والتسريع في إقرار قانون التقاعد الموحد، له تأثير كبير في انحسار ظاهرة البطالة المستشرية في البلد، من حيث ان مجمل رؤوس الأموال البسيطة التي ستلحق بسلة السوق المحلية من جراء تطبيق القانون وتعديل رواتب المتقاعدين على ضوئه تساهم في خلق عمالة شعبية في السوق، وخلق حركة تجارية فيه، تضمن أستقطاب العاطلين عن العمل بحسب مستوياتهم، وأمر آخر ان قسما من هؤلاء الشباب سيشغلون مناصب بعض الموظفين المخضرمين الذين سيحيلون أنفسهم على التقاعد بعد صدور هذا القرار.
ندعو في صلاتنا وفي جميع الأوقات "ربنا أكشف عنا العذاب أنا مؤمنون" كيف يكشف العذاب عنا ونحن ظالمون، وفي بطوننا الاكل الحرام، وفي جيوبنا المال السحت، وفي محافلنا سلب حقوق الفقراء والمستضعفين.
قال الامام علي بن ابي طالب(ع) عندما كان خليفة للمسلمين:
"والله لو اعطيت الاقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة مافعلت".
هذا ماقاله امامكم ابو الحسن صلوات الله عليه،إذ كان يريد منكم ان تقلدوه في كل شئ بحياتكم ، ولكن وللأسف أن البعض منكم قلد أبغض أعداء الله وأعدائه، معاوية ويزيد وهرون العباسي والمأمون، قلدهم في الكذب والدهاء، وفي السرف والبذخ والمجون وقتل أبناء الشعب غدرا، وسرقة أموال العراقيين والهروب بها إلى خارج البلاد.
فهو (ع) لم يضع حجرا على حجر، ولم يسكن قصرا فارها، ولم يمتط فرسا مطهما، وتحمل كل المصاعب هذه بأبي هو وأمي، لئلا يكون هناك فرد في اقصى نقاط دولته يتبيغ بفقره، ولايجد حتى وجبة غذاء واحدة ليسد رمقه، وهو القائل:
"ولعل هناك بالحجاز أو اليمامة من لاطمع له في القرص ولاعهد له بالشبع" لذا، فانه لمجرد أن يحتمل وجود أفراد في رقعة حكومته جوعى، لم يكن ينام ليلته ممتليء البطن، وقد حرم نفسه روحي له الفداء من متوسط الطعام، واللباس، والمسكن، ومن لوازم الحياة البسيطة.
هذا علي (ع) الامام والخليفة! فهل يعقل ان مايتقاضاه أحدكم من أموال الشعب على أساس انه راتب، مالايستطيع قبضه مواطن آخر في ٣٠ سنة؟
والله انها لمفارقة عظيمة يندى لها جبين الانسانية!!
أي عدل هذا وأي انصاف؟
وماذا ستقولون غدا لله ولرسوله عندما يسألكم ماذا فعلتم في أمته؟
وهل صنتم الأمانة؟
أو حفظتم العهد؟
و"ان الله يأمركم ان تأدوا الامانات إلى أهلها!!
ولايرفع العذاب ولايكشف عنا مازال هناك ظلم، لاتستقيم الأمور ولا يرفع الظلم والجور والعذاب الا مع تحقيق العدل، فالعدل كما يقول المثل الانكليزي أساس الملك.
وهذا السيد"محمد اللكاش النائب السابق عن كتلة المواطن" يرفض تقاضي راتبه التقاعدي عن الدورة الانتخابية الثانية لمجلس النواب للاستجابة للحملة الوطنية لإلغاء الرواتب التقاعدية للرئاسات الثلاث، ولشعوره بخطورة المسألة، إذ نأى بنفسه عن هذه الخطيئة، ليتجنب لعنة الله ولعنة العراقيين ولعنة التاريخ، فأحذوا حذوه ان كنتم فاعلين، واحتراما لرغبة شعبكم المجاهد المظلوم الذي أوصلكم إلى هذه المراتب، وراعوا مشاعر الجياع من شعبكم من شريحة المتقاعدين ونظرائهم من شرائح الشعب الاخرى المحرومة، وأنشروا العدل والقسط والمساواة حتى يكشف عنا العذاب وينحسر الإرهاب المسلط على رقابنا بسبب أفعالنا في نشر الظلم والجور ومصادرة حقوق العراقيين بغطاء قانوني يصوت له الأعضاء الذين أنتخبهم الشعب تحت قبة البرلمان.
علي الحاج
١ تموز ٢٠١٣