كنت أقول من باب تفضيل امتي على امة العرب ان الاخيرة انجبت الحجاج ونحن انجبنا الحلاج. وكن اقول أيضا ان افكار امتهم انجبت صدام وامتنا العراقية انجبت عبد الكريم قاسم ابا الفقراء بامتياز وبشهادة اعدائه من امة العرب. وكنت اقول انهم لا يلفظون الضاد بينما نحن فتحنا باب اعظم مدرستين لغويتين هما الكوفة والبصرة. اوصلتها لحد ان اتهمتهم بانهم بعثوا بالامام الحسين ليقتلوه بسيوفهم العربية على أرضنا العراقية بينما خرج من بيننا وهب النصراني لينصره وصليبه يتدلى على صدره. ويوم سقط صدام لم اخف شماتتي بهم وشكواي منهم بمقالات وقصائد واحاديث تلفزيونية، تمنعني من ان اتذكرها خيبتي بمن جاء بعد صدام. ويالها من يخيبة لا يمحوها الندم.
تداعيات ملأت فمي مرارة وانا ارى الشيخ عبد الزهرة شيّال قد حنى الدهر ظهره وهو ينادي بين الناس لينهضوا من أجل حقوقهم، ولم يجبه منهم الا قلة قلية. وجدته يمشي وبيده المهفة والفانوس ومكبرة الصوت كأنه أبو ذر الغفاري. ان عبد الزهرة شيّال بقايا أمة كانت شمسا فخفت ضوؤها فظل هو لوحده يمثل أمة مثلما وصف الرسول أبا ذر بانه يأتي يوم القيامة أمة وحده.
تساءلت: ماذا لو كان هذا الشيخ قد تظاهر بزمن صدام؟ أجبت نفسي على الفور سيعدم فورا وقد تقطع اوصاله. وماذا لو كان عبد الزهرة قد تظاهر بزمن عبد الكريم قاسم؟ أقسم انكم ستجدونه يفترش الرصيف معه. روى لي والدي انه كان يتحدث من على المنبر في مجلس حسيني. صادف ان كان سائق عبد الكريم قاسم بين الجالسين فعلم به والدي، واستغلها فرصة ليقول وهو على المنبر انه لديه عتاب على الزعيم. يقول الوالد انه فوجئ بعد يومين بالزعيم يفترش الارض مع الجالسين ليخبر ابي انه يريد ان يسمع العتاب منه مباشرة.
زين، وما ذا سيفعل المالكي؟ سكتة. لقد علموه انه اكبر من أن يرد على الناس، وان مكانة دولته اسمى من ان يتنازل ويخطو ولو خطوة واحدة صوب المساكين. والسكتة بوجه المظلوم لا تختلف عن المشنقة. فان كان صدام يقتل بالرصاص فالحكومة ورئيسها شعارهم اليوم:
شعبك تريد تعلّه؟ اسكت وخلّه.