وللأسف لازال الكثيرون يستشهدون بالقول المأثور ((أفضل الجهاد عند الله كلمة حق عند سلطان جائر)) وهذا يدل على الظلم ..الجور والحاكم المتسلط ، بالرغم من الفترة الطويلة نسبيا التي تفصلنا عن زمن الديكتاتور ، والتفرد بالحكم ..تكميم الافواه ..سلب الحريات ..تجيير الاعلام ..تأجير الأقلام ..وغياب الرأي الاخر تماما ، ونحن على بعد ١٠ سنوات وعدة تجارب انتخابية ، الا أن الدولة العراقية لازالت تعاني ووفق النظام الديكتاتوري لا الديمقراطي ، لأن الديمقراطية تجعل الجميع يعيش في نفس البلد ، معارضين ومؤيدين للحكومة ، أما الآن فلا نرى ذلك على ارض الواقع ، فصورة الحكم المستبد والمعارض المظلوم هي الاقرب ( وفق ما يصرح به الكثير من السياسيين والموظفين الهاربين كبارا وصغارا ) ، لكن الغريب في الامر ان الكثير منهم هم من الحزب الحاكم ، بعد أن ادينوا بقضايا فساد مالي واداري ، لكن من انقذهم نفوذهم في الدولة وجنسياتهم المزدوجة ..
هناك نموذج آخر من الهاربين يدعون بأنهم لُبِسوا بقضايا وهمية ، ومنهم الكثير من القضاة الذين عملوا في هيئة النزاهة وكشفوا ملفات فساد مهولة وكبيرة ، (منها تهريب النفط وسرقته ، ابتداءا من ثقب الانابيب وقضية تغذية أفراد الجيش وأشباح الجيش ، وصفقة السلاح وكشف المتفجرات ..عقود وزارة الكهرباء الوهمية وتورط مسؤولين في هرم الدولة فيها .. عقود وزارة الصحة وقضية المفتش العام ،ووزارة التجارة ووزيرها المهرب وغيرها ) ، والكثير من هؤلاء بدلا من حمايتهم لأنهم دافعوا عن اموال الشعب وصرخوا بوجه الباطل ،اضطروا لمغادرة البلد خوفا على حياتهم ، أو خوفا من التهم الكيدية التي حيكت ضدهم بليل ، وتم تفصيلها عليهم كل حسب مقاسه .
اذن قضايا الفساد في الدولة العراقية مرتبطة بشكل أو بآخر بأشخاص متنفذين بالحكومة ، ولا يجرؤ أحد على توجيه التهم لهم مادامت الحكومة سالمة ، لأن مصيره سيكون ملف فساد وهمي متكامل ، وسرعان ما ينفذ القاء القبض عليه ، وعادة ما ينسى في غياهب السجون لا ناصر ولامعين ، فمن يتجرأ على نصرة الحق وزهق الباطل أذا كانت الدولة تعامل ابناءها بطريقة المافيات ؟، من يتجرأ على نصرة المظلوم ؟ من يتجرأ على قول الحق ؟ والأكيد أن المواطن هو من يستطيع ولا غيره أحد ، إن كان بطريقة مباشرة بالنزول الى الشارع كما فعلها المصريون ، أو بالطرق القانونية والشرعية كما في الانتخابات لاختيار الأفضل وإسقاط المفسد المتسلط ...