جاء العيد هذه المرة وكنا نحلم بأيام ننفض فيها غبار التعب لنستقطع ثلاثة أيام نعيش فيها سعادة القرب من الأهل والأحبة , سعادة اجزم إن العراق افتقدها منذ زمن علي ابن أبي طالب عليه السلام , أنقضى اليوم الأول ومدننا تتزين بألوان الزينة , وفرحة الأطفال وهم يستلمون العيدية كانت طافية على محيياهم , كانت لوحة جميلة من فرح وسرور وبهجة ومن ألوان زاهية لملابسهم التي اجزم أن الغالبية من أهليهم تعبوا ليشتروا لهم تلك الملابس.
أتى اليوم الثاني وليته لم يأتي , أتى وجاء معه الموت الأحمر , مفخخات لا تعرف الإنسانية ولا تعرف الرحمة توزعت على طول خارطة الوطن ولعلني لا أجافي الصواب إن قلت على طول خارطة تواجد الشيعة في العراق , نعم مفخخات الإرهاب الأعمى توزعت في أماكن الفرح التي كانت ترتادها العوائل حالمةً بلحظات استرخاء بعد تعب الصيام , نُصِبَتْ مفخخة قرب مدينة العاب وأخرى قرب متنزه وأخرى قرب مركز تسوق , أماكن نستقرأ منها إن الإرهاب لا يفكر في ضربات للدولة أو مؤسستها بقدر ما هي حرب مفتوحة ومعلنة لإبادة الشعب العراقي .
إن خسة ونذالة الإرهاب في اغتيال البراءة والطفولة واغتيال فرحة البسطاء تمثلت في أبشع صورها في ثاني أيام العيد , فما ذنب طفل لم يتجاوز الخمس سنوات تزهق روحة التي هي اطهر من آلاف الأرواح من ذوي اللحى الطويلة والأدبار الموسعة ,يسمون أنفسهم جهاديين على ماذا جهادهم ؟ ومن المستهدف ؟ نعم أخي العراقي ـ الشيعي ـ أنا وأنت المستهدفون , آمالنا , أحلامنا , فرحتنا , وكل شئ نتطلع إليه مستهدفون لأننا نريد الحياة الحرة والكريمة ونريد العيش بسلام .
الإرهاب يضرب أنى يشاء ومتى ما يشاء وكيف ما يشاء في ظل عجز امني واضح وحكومة لا تملك زمام المبادرة لصد الهجمات الإرهابية والحفاظ على أرواح المواطنين , ولا نرى خطط جديدة وتغيير في التكتيك الأمني مع المتغيرات الجديدة, كذلك شلل أصاب المنظومة الاستخباراتية , والأَمَر والأدهى هو خروج المسئولين الأمنيين على شاشات الفضائيات لينكروا ويكذبوا العمليات الإرهابية أو يقللوا من حجم الدمار وعدد الضحايا , ويطالبوا الإعلام بان لا يهول الموقف , وكأنهم يتناسون هموم الناس ولا يبالون بآلامهم وحجم الخسائر التي لحقت بهم .
أخيرا يا عيد عذرا فرحتنا لم تكتمل بك وألوان العيد المتنوعة كلها صُبِغَتْ باللون الأسود , فأطفالنا ذُبِحُوا على قارعات الطرق ونسائنا ثكلى بأزواجهن وأبنائهن ,عذرا يا عيد فما عاد لك طعم في العراق .