المتيقظون دائماً تطاردهم حكوماتهم ، وتجعلهم في اغلب الأحيان عرضتاً للرصد وتحت عيون الأمن ، هذا ما ذكرته هو الثابت في اغلب حكومات العالم حتى التي تدعي الديمقراطية وحمايتها لحقوق الإنسان .. بل أن هناك علاقة عكسية ، هي إن النظام يحبذ الشعب النائم وخاصة الشعب الذي يغط في نوم عميق ، وذلك يمنحهُ البقاء أطول مدة ممكنة في سدة الحكم . إما العكس فان الشعب المتيقظ الواعي الذي يميز ما يدور من حوله ويفكر بالعقل الجمعي سيكون مهدداً حقيقياُ للحكومات ، بل يُعتبر الخطر الأول على قمة هرم السلطة " السلطان " وتجد هذا في اغلب الدول النامية أو ما يصطلح عليها بالدول " النائمة " لأنها تغط في سبات عميق لم تخرج منه من زمن ، وحتى الذي يساعد على أيقاضها من خلال هزة يحدثها بطريقة ما ، لا يقدر أن ييقضها أكثر من جيل .
ولو رجعنا إلى قراءات تاريخية معاصرة لمنطقتنا العربية عامة ، والعراق خاصة تجد إن أكثر المناطق الغارقة في نوم عميق هي منطقتنا ، بل تعاني من مرض الشخير الذي لا يأتي عليها إلا بالسلب ونفور الجميع عنها ويجذب السراق والمستغلين لها وذلك لأن الشخير هو مؤشر على النوم العميق .
فالعراق وبعد نوم خمسة وثلاثين سنة في أحظان الدكتاتورية إبان حكم البعث ، تجد انه هذه الأيام يعود للنوم مرة أخرى حيث لم يستيقظ إلا لفترة قصيرة جدا بعد إسقاط النظام ، وحتى يقتضه لهذه الفترة القصيرة كانت يقضه غير واعية في حالة ترنح مستمر , فالتظاهرة الأخيرة التي دعا إليها ونظمها الكثير من الناشطين التي تخص إلغاء رواتب التقاعدية لأعضاء مجلس النواب والدرجات الخاصة وشهدتها عدد من المحافظات . هذه التظاهرة رغم أنها تحمل مطلب شعبي يخص جميع شرائح المجتمع ، إلا أن الخروج إلى ساحات التظاهر لم يكن بالعدد المطلوب ، الذي يتناسب مع المطلب الجماهيري والحيف والسرقة المالية العلنية لقوت الشعب تحت غطاء القانون .
وهذا الأمر يُنبئ بخطر كبير يحدق بالبلد . إذا بقينا في هذا النوم فليس بالبعيد أن نصنع دكتاتورية من جديد ، رغم إننا نعيش الدكتاتورية اليوم في جميع مفاصل الدولة " دكتاتورية كبار الموظفين " فنحن شعب نجيد التصفيق وصناعة الطغاة . والواجب علينا ، بما أن الفرصة سانحة إمامنا إن نقوم بالأستيقاض والتفكير طويلا بحالنا والتحرك تحرك واعي يحقق ما نصبوا إليه .